خبر تحقيق خارجي..هآرتس

الساعة 10:37 ص|02 أكتوبر 2009

بقلم: أسرة التحرير

تشكيل لجنة تحقيق رسمية، تحقق بالادعاءات التي طرحها تقرير غولدستون بشأن خرق قواعد الحرب في حملة "رصاص مصهور" هو الرد المناسب لحكومة اسرائيل على ما يدعيه التقرير.

من اعتقد بعد العملية، او من يعتقد اليوم انه يمكن المرور مرور الكرام عن اتهام اسرائيل لجرائم حرب بل وربما جرائم ضد الانسانية دون تحقيق مستقل وجدي، يوهم نفسه. التحقيقات الداخلية التي اجراها الجيش الاسرائيلي يمكنها ان تساعد في تحقيق موضوعي، ولكن لن تحل محله. جسامة الادعاءات تستدعي التحقيق من لجنة رسمية، في موضوع هو "ذو اهمية جماهيرية حيوية"، على حد تعبير قانون لجان التحقيق.

وشدد تقرير غولدستون على ان تحقيقا مستقلا فقط يمكنه ان يمنع رفع شكوى ضد اسرائيل الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، من قبل مدع عام عن مجلس الأمن. يحتمل ان يكون ممكنا احباط نقل الملف الى المحكمة في لاهاي بوسائل دبلوماسية، وعلى رأسها الفيتو الامريكي في مجلس الأمن. ولكن حتى لو وقفت الولايات المتحدة الى جانبها، فان الشبهات بالمس غير المتوازن بالمدنيين الفلسطينيين، الذين لم يشاركوا في الارهاب، ستواصل الاثقال على الصورة الاخلاقية والمكانة الدولية لاسرائيل.

التحقيق الخارجي مطلوب ليس فقط بسبب التخوف من اعتقال وزراء وضباط اسرائيليين في خارج البلاد، بل وايضا بسبب المصلحة الاسرائيلية الداخلية للتحقيق فيما حصل وبمدى المبرر لذلك. فمن حق الجمهور الاسرائيلي ومن واجبه ان يعرف اذا كان جنود الجيش الاسرائيلي، قادتهم والمسؤولون عنهم في القيادة السياسية عملوا بموجب قواعد وقوانين الاخلاق في الحملة في غزة. من المهم ايضا ان يحدد مصدر من خارج الجيش قواعد المسموح والمحظور في الحملات العسكرية، التي تدار في محيط مدني.

لجنة تحقيق اعضاؤها يعينهم رئيس المحكمة العليا، ويترأسها قاضي فاعل أو قاضي متقاعد من المحكمة العليا، ستتمتع بمكانة عامة في اسرائيل وباعتراف دولي. لجنة التحقيق في المذبحة في مخيمي اللاجئين في بيروت في 1982، والتي ترأسها رئيس المحكمة العليا في حينه اسحاق كوهين، وضمت في عضويتها القاضي اهارون باراك، ساعدت اسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه الاتهام بأنها تتحمل مسؤولية مباشرة عن المذبحة.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك يعارضان التحقيق الخارجي لاحداث "رصاص مصهور" ويرون فيه اعرابا عن عدم الثقة بالجيش وتحقيقاته. بدلا من الفحص اذا كان هناك حق في ادعاءات غولدستون، فانهما يديران معركة سياسية ضده. ولكنهما مخطئان. فقط لجنة لا تعين الحكومة اعضاءها ستحظى بثقة الجمهور وثقة العالم. لجنة فحص حكومية او هيئة اخرى يعين اعضاؤها رئيس الوزراء او وزير الدفاع لن تتمتع بالمدى اللازم من الثقة العامة والدولية، حتى لو منحت صلاحيات فحص حقيقية.

فقط لجنة تحقيق رسمية، يقف على رأسها شخصية قضائية ذات سمعة واعتراف دوليين، يمكنها ان تتصدى بالجدية المناسبة لتقرير غولدستون، تستوضح الشبهات بجرائم الحرب وتحدد القواعد للمستقبل. على الحكومة ان تبادر الى تشكيلها، وان ترى في ذلك بأن ليس لديها ما تخفيه او ما تغطي عليه.