خبر الاصطفاف الأخير -هآرتس

الساعة 10:10 ص|01 أكتوبر 2009

بقلم: آري شافيت

 (المضمون: العالم الغربي في حالة اصطفاف اخيرة في مواجهة ايران قبل حصولها على الذرة - المصدر).

المعطيات الاساسية لم تتغير: ايران تندفع نحو الذرة. الساعة الايرانية تتكتك بوتيرة 3 كيلوغرامات يورانيوم مخصب في اليوم. رغم النجاحات المذهلة في مجال الاحباط الا ان هذا الاحباط لا يحبط الذرة الايرانية وانما يؤجل موعد القطار. التأجيل هام الا انه ليس كافيا. الدليل: مرة تلو الاخرى ينجح الايرانيون في خداع من يحاولون الوقوف في  طريقهم. عندما تكون في ترسانة ايران مادة خامة اولية تكفي 30 قنبلة نووية ومادة خامة متقدمة لانتاج قنبلة واحدة، يمكن القول ان الدولة الشيعية العظمى تقف على عتبة الذرة. المسافة بينها وبين الذرة الكاملة تتراوح بين سنة في الحسابات المتطرفة وبين 3 حتى 4 سنوات في الحسابات المتفائلة.

كما ان المغزى الاستراتيجي للمعطيات الاساسية لم يتغير: ان صرح احمدي نجاد ذات يوم ان لديه قنبلة نووية فسيصبح العالم الذي نعيش فيه عالما اخر. لن تكون اية قهوة صباحية ذات القهوة ولن يكون ولن تكون اية جلسة في ميدان الباستيليا نفس المذاق الذي كان لها ذات مرة. ايضا على افتراض ان طهران ستتصرف بعقلانية ولن تستخدم سلاح يوم الحساب بصورة مباشرة فان وجود الذرة بحد ذاته سيتسبب بتسلح نووي جارف في الشرق الاوسط. تسلح ايران بالذرة سيغير ايضا توازن القوى بين المتطرفين والمعتدلين في الشرق الاوسط. هو سيحول الشرق الاوسط الى منظومة نووية متعددة الاقطاب تطل من تحتها منطقة عاصفة هوجاء تفتقد للاستقرار. لن يكون اي وضع سابق من عهد الحرب الباردة شبيها بالوضع الجديد الذي سيسود آنذاك. ايران النووية تعني السعودية النووية ومصر النووية وتركيا النووية وعالما ثالثا نوويا. ايران النووية تعني ان القرن الـ 21 سيكون قرن الرعب.

رغم ذلك هناك شيء ما قد تغير من الاساس: احداث الاسبوع الاخير برهنت على ان غرب خريف 2009 يختلف عن غرب ربيع 2009 في كل ما يتعلق بايران. تصريح بيتسبورغ الذي ادلى به اوباما وساركوزي وبراون كان فقط الطرف الظاهر للعيان من كتلة الجليد الضخمة. تحت سطح الماء تخوض الولايات المتحدة في الاشهر الاخيرة غمار دبلوماسية حثيثة ومثيرة. قرب قادة الادارة الديمقراطية من اوروبا يتيح لهم اعادة تعزيز التحالف الشمال اطلسي. استعداديتهم لمغازلة روسيا ومصالحتها تتيح لهم الفوز بتعاون معين من موسكو. وفي الصين ايضا يقوم الامريكيون بجهد لا بأس به ايضا.

وهكذا ان كان في مطلع الصيف من الممكن التساؤل ان كان اوباما قد استوعب او لم يستوعب ايران فقد اصبحت الصورة واضحة. رئيس الولايات المتحدة والرئيس الفرنسي ورئيس وزراء بريطانيا والمستشارة الالمانية يحاولون مع تأخر كبير فرض حصار سياسي حقيقي على ايران. هم يفعلون كل ما يمكن دبلوماسيا من اجل ايقاف اجهزة الطرد المركزية الكارثية في نتناز وقم.

في ظل هذا الوضع ليس هناك خوف حقيقي من امكانية حدوث هجوم اسرائيلي فوري على ايران. هناك خمسة اسباب من وراء ذلك: التوقيت الامثل للهجوم العسكري قد مر والتوقيت الاخير للهجوم العسكري لم يحن بعد. الاسرة الدولية فقدت صبرها اخيرا والنضال الايراني في حالة ضعف سياسيا واقتصاديا بصورة عميقة، اما القيادة الاسرائيلية الحالية فهي قيادة تتحلى بالمسؤولية ولا تهرول نحو الحرب او تسارع للضغط على الزناد.

ولكن الحقيقة الصحيحة الان هي ان اسرائيل تبدي ضبط نفس وتواضع، يجب ان لا توقعنا في الخطأ. اليوم في جنيف تصل المواجهة السياسية بين العالم الغربي وبين ايران الى اصطفافها الاخير. في الجولات السابقة في الاستاد برهن رافع الاثقال الايراني عن اصراره وسرعته في المقارنة مع خصومه المدللين الضعفاء. في هذه المرة يجب ان تكون النتيجة  مغايرة. فور استنفاد المباحثات يتوجب على الدول الغربية العظمى ان تفرض عقوبات حازمة وفورية على طهران. عليها ان تستغل عدم شرعية النظام الايراني وضعف الاقتصاد الايراني حتى النهاية من اجل منع انتاج السلاح النووي.

ان لم تستخدم الاسرة الدولية الدبلوماسية المتشددة الان فستضع نفسها امام المعضلة المستحيلة حيث تكون القنبلة النووية لدى ايران مسألة لا مفر منها. ان حدث ذلك فسيتحمل اوباما وساركوزي وبراون مسؤولية شخصية ليس فقط عن نشوء شرق اوسط آخر وانما ايضا عن نشوء عالم اخر.