خبر التهديد الثالث -هآرتس

الساعة 09:58 ص|30 سبتمبر 2009

بقلم: غابي سيبوني

رئيس مشروع الابحاث العسكرية في معهد دراسات الامن القومي

(المضمون: اسرائيل تواجه تهديدا ثالثا في السنوات الاخيرة وهو تهديد نزع الشرعية والتشكيك بعدالة الوجود اليهودي في ارض اسرائيل - المصدر).

اسرائيل منذ اقامتها مضطرة لمواجهة التهديد الذي يتربص بها من قبل الدول العربية. في البداية اقامت الدول العربية قوة عسكرية بهدف احتلال اسرائيل. اسرائيل اقامت لمواجهة هذا التهديد المباشر هيكلية قوية اتاحت لها احباط محاولات الاجتياح والاقتحام. وما ان ادرك العدو ان ذلك ليس ناجعا بنيت نظرية "المقاومة" التي تجمع بين نشاط الدول والمنظمات.

هذا النهج ترافق مع بناء قوة تهدف الى استخدام سلاح صاروخي من خلال المناطق المدنية واطلاقه على التجمعات السكانية المدنية في اسرائيل. منذ ان تم تشخيص هذا التهديد والجهاز الامني والعسكري في اسرائيل يعكف على بناء رد ملائم له وحرب لبنان الثانية وعملية "الرصاص المصهور" ما هما الا جزء من عملية بناء هذا الردع. ولكن في السنوات الاخيرة ينشأ الى جانب هذا التهديد تهديد جديد. جوهره: محاولات التنظيمات المؤيدة للعرب باضعاف شرعية اسرائيل ككيان سياسي.

هناك امثلة كثيرة على ذلك: اتهامات باتباع سياسة تفرقة عنصرية ونفي المحرقة والادعاء بان اقامة دولة اسرائيل كانت خطوة غير قانونية، واتهام اسرائيل بارتكاب جرائم حرب وما الى ذلك. هذه الخطوات تقود الى مقاطعة الشركات والتجارة والبضائع الاسرائيلية والمقاطعة الاكاديمية والثقافية واخيرا توجيه النداءات لازالة الكيان الصهيوني.

هذا التهديد مغاير من حيث الجوهر بالمقارنة مع التهديدات السابقة – مميزاته ليست مادية وساحة العمل هي دول العالم ومواطنيها – الا انهم ينخرطوا بالتهديد المادي لمحاولة لنزع الشرعية عن الرد الاسرائيلي على تهديدات حماس. تقرير غولدستون الذي يعتبر جزءا من ذلك يبلور بنية تحتية داعمة لتقديم الدعاوي ضد اصحاب المناصب العسكرية والامنية في المحاكم الدولية. في الواقع يمكن اعتبار عنصري التهديد، المادي والسياسي، جزءان لعملية كاملة ضد اسرائيل.

وزارة الدفاع هي الطرف الذي قاد وما زال يقود بناء الرد الملائم للتهديد العسكري المتغير الذي تواجهه اسرائيل. من الناحية الاخرى مواجهة تهديد نزع الشرعية لا تحظى بالاهتمام الكافي. ليس واضحا من الذي يتحمل المسؤولية الشاملة عن هذه المواجهة وتطوير نهج ملائم كامل. في الواقع ان قبلنا الادعاء بان التهديدين المادي والسياسي هما وجهان لتهديد واحد فمعنى هذا الامر انه لا يوجد طرف يرى الصورة بكاملها من خلال نظرة استراتيجية موحدة وكاملة.

صناع القرار في حكومة اسرائيل ملزمون بالادراك بان الهجمات التي تشن على شرعية اسرائيل السياسية ليست تنقيطا بسيطا ورذاذا خفيفا وانما طوفانا حقيقيا يتعاظم. لا يتوجب تجاهل خطر نجاح هذه الهجمة في المستقبل في التأثير على صناع القرار في الأسرة الدولية. من أجل استباق الأمر ووقاية النفس منه يتوجب بناء اطار مهمته تشخيص التهديد وبلورة رد شامل عليه. يبدو ان الطرف الاكثر ملائمة لهذه المهمة في الهيكلية التنظيمية الاسرائيلية هو هيئة الامن القومي القادرة على الاستعانة من اجل ذلك بقوى من جهاز الامن ووزارة الخارجية والسلطات الاعلامية ويهود الشتات والمنظمات المؤيدة لاسرائيل.

دولة اسرائيل استطاعت طوال سنوات وجودها بناء رد ملائم للتهديد العسكري المتغير. في المقابل الرد على نزع شرعية اسرائيل يعتمد بالاضافة الى تطوير رؤية استراتيجية على عامل حاسم هام: ثقة مواطني الدولة بعدالة الوجود الوطني في البلاد بعيدا عن الخلافات السياسية القائمة. جهات مؤيدة للعرب في ارجاء العالم تحاول وفي بعض الاحيان تنجح في بلبلة عقول بعض مواطني الدولة واضعاف ايمانهم الاساسي بحق اليهود في بيت قومي لهم في دولة اسرائيل. تعميق الايمان بعدالة الوجود القومي هنا هو احد الادوات المركزية لاحباط هذه المؤامرة.