خبر قبل ان تهاجموا.. يديعوت

الساعة 10:22 ص|29 سبتمبر 2009

بقلم: غادي طؤوب

موسم حساب النفس تجاوز كالمعتاد اليسار. اليسار مسؤول عن نفوسنا جميعا، ولكن بشكل ما ليس مسؤولا عن نفسه هو. هو ضميرنا – والضمير هو الذي يحكم دوما، ولا يحاكم.

خسارة، كل النتيجة هي ان اليسار يقل من التعلم من اخطائه ونجاحاته على حد سواء. وذلك لانه من جهة كان له نجاح كبير – موقفه السياسي المبدئي، تقسيم البلاد، والذي كان ذاته مرة موقف اقلية طفيفة، اصبح موقف الاغلبية. لهذه الدرجة بحيث أن حتى رئيس الوزراء اليميني يضطر الى القول، خلافا لارادته، بان هذا موقف اسرائيل. من جهة اخرى، بقدر ما تتغلغل مواقف اليسار الى الوسط، يصبح اليسار منطو على نفسه، عابس ومغترب. وكأن احساس الاقلية المحقة كان هاما له اكثر من تغيير السياسة الاسرائيلية. والان، بعد أن اقتنعت الجماهير التي كانت في نظره قصيرة الجبهة، ينبغي له أن يجد موقف أقلية جديد، يحصنه من الاختلاط بهم.

ومع ذلك، قبل قليل من يوم الغفران، رأينا محاولة واحدة لحساب للنفس كهذا. بيان طويل تحت عنوان "اليسار الوطني"، كتبه شموئيل هسفري والداد ينيف (اعتراف: ارفقته برسالة موافقة). الكثير من الغضب اثاره هذا البيان – بالاساس، كما يخيل لي، لانه هاجم المتملصين من الخدمة. ولكني تساءلت، كما اعترف، اذا كان جزء من الغضب الذي ثار في اليسار المهني، اليسار الذي يحب أن يعيش بعزلة لامعة، لم يثر بالضبط لان هسفري وينيف محقان اساسا: اليسار فقد قوته لانه نسي بان حججه كانت، في الاصل، في صالح اسرائيل وليس ضدها، نبعت من القلق على مصير الدولة وليس من الاغتراب عن الدولة.

في عالم المفاهيم التي طورها لنفسه اليسار يوجد شر في جانب ويسمى "القومية المتطرفة" و "المعسكر الوطني"، ويوجد خير في جانب آخر، ويسمى "حقوق الانسان". هذا التقسيم المضلل هو أحد الاسباب للتقلص الانتخابي لليسار. وذلك لان جزءا من حقوق الانسان هو حق تقرير المصير الوطني (اذا كانت حاجة لمحاكمة الانسحاب من غزة فقط حسب حقوق الانسان، لكان ينبغي لنا أن نعيد الى هناك الاحتلال الاسرائيلي، وذلك لان وضع حقوق الانسان تحت الحكم الرهيب لحماس يتدهور فقط). نجاح اليسار في حرف اسرائيل نحو التقسيم هو ايضا لا يقوم فقط على حقوق الانسان للافراد. فهو يقوم على أساس الاعتراف بان حقنا الوطني في تقرير المصير في خطر.

الحجة الاساس لمؤيدي تقسيم البلاد تستمد الكثير من القوة من هنا، ولو كان اليسار يجري حسابا حقيقيا للنفس لكان فهم بان هسفري وينيف محقان على الاقل في هذا: اليسار المناهض للقومية لن يجدي شيئا غير احساس الحق لديه. اليسار الوطني، بالمقابل، هو الذي سيقنع الاسرائيليين بان عليهم ان يخرجوا من المناطق اذا كانوا لا يريدون ان يغرقوا في دولة ثنائية القومية. وفقط يسار كهذا يمكنه أن يؤدي الى تحقق هذا التطلع، في الظروف الصعبة المتمثلة بغياب الشريك.

يتبين أن حساب النفس الحقيقي لليسار هو ايضا حساب النفس الحقيقي لنا جميعا. حان الوقت لنركز ارادة الحياة الحقيقية لدينا، النابعة من الايمان بحق وجود اسرائيل، القائم على أساس حق كل الشعوب – نعم، حقنا ايضا – في تقرير المصير. إذ ينبغي، من محبة اسرائيل وليس من كراهيتها الاستيقاظ منذ الان من السبات الغريب الذي ننجر اليه خلف المستوطنين. حان الوقت كي ننظر الى انفسنا مباشرة، ونقول ان المشروع الاستيطاني هو الخطأ السياسي الاكثر رعبا على اسرائيل، وان في صالحنا، وليس فقط في صالح الفلسطينيين وانطلاقا من الوطنية وليس من النفور من "القومية المتطرفة"، يوجد الطريق لتصفية الاحتلال قبل أن يصفينا الاحتلال.