خبر الأمم المتحدة..الشاهد الصامت على الجريمة ..أيمن خالد

الساعة 09:32 م|25 سبتمبر 2009

الأمم المتحدة..الشاهد الصامت على الجريمة

أيمن خالد

توافد الزعماء لإلقاء كلماتهم أمام الأمم المتحدة، لا يلغي حقيقتان اثنتان، الأولى واضحة للجميع، وهي دور الأمم المتحدة عبر التاريخ في حماية صانعي الجريمة، والثانية، هي أن الأمم المتحدة، باتت توشك أن تفقد دورها أمام تنامي الدور الإقليمي في العالم، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر جوهر الصراع العالمي، باعتبار أن هذه المنطقة تعيش وجود آخر استعمار في التاريخ، وهو الاستعمار الصهيوني، الذي هو بالأساس جريمة الأمم المتحدة، التي أرسته وقامت بحماية دعائمه، ليس من خلال الاعتراف به فحسب، ولكن لأن هذا الاستعمار هو الوحيد الذي لم يلتزم بقرار من قراراتها، وبالتالي شرّّعت له من خلال صمتها عليه أن يكون الأبشع إجراما عبر التاريخ.

 

 أصوات الزعماء على اختلافهم، تأتي في لحظات استمرار الجريمة، وأمام سمع وبصر العالم، ولا أحد يحرك ساكنا، أو سيحرك ساكنا، فما يجري على أرض فلسطين من جرائم وموت، وحصار وقتل، أكبر بكثير من أن يتم إخفاؤه عن أعين الناس، فالقتل والحصار والجوع وفوق ذلك، الخيمة، التي لا تزال شاهد الجريمة الحي، وشاهد الصمت الذي ليس له ما يبرره، كلها علامات واضحة المشهد، كانت على مسامع الجميع، ولكن دون أن يكون هناك موقف يقف بوضوح إلى جانب الضحية.

 

الجانب المهم أن الأمم المتحدة ذاتها، وبسبب موقفها من القضية الفلسطينية، هي تمشي بعكس التاريخ، وبعكس الحياة، وهي ماضية بلا شك إلى فقدان دورها، فقد اختطت ومنذ نشأتها أن تكون أداة الدول المستعمرة، وهي اليوم مع بلوغ الاستعمار سن اليأس،  ومع أفول نظرية هزيمة الشعوب، فمن الطبيعي أن تستعد هذه المنظمة لتعيش عصر الشيخوخة الذي دخل على فكرة الاستعمار ذاته.

 

الدلائل على أفول عصر الأمم المتحدة، هو أن اغلب الزعماء الذين تكلموا من خلال ضميرهم ووجدانهم، لم يعبروا عن رضاهم، وكانت مناسبة جيدة، لأن يكشف سيل الزعماء عيوب هذه المنظمة، وأبرز عيوبها أنها لم تحمي الضحايا، وأنها ظلت مؤسسة تستغلها الدول الكبرى لبث سطوتها ومصالحها، ولو أن بعض الزعماء همس ببعض الإشارات، لكن هذه رسالة واضحة لم يعد أي شعب في العالم تخفى عنه هذه المسائل.

 

الأمم المتحدة بدأت عمليا بالتلاشي لصالح دور إقليمي يتشكل في كل منطقة، فما جرى في جنوبي القارة الأمريكية هو مؤشر على فقدان ثقة الشعوب بالأمم المتحدة بسبب سطوة أمريكا عليها، ثم نلاحظ الدور التركي على مستوى العالمين العربي والإسلامي، والتكتلات في شرق آسيا وإفريقيا، ولو كانت هذه التكتلات ضعيفة، إلا أن كل المؤشرات تتجه نحو البحث عن بدائل لهذه المنظمة، التي لم يكن الانتماء لها اكثر من شهادة زور لصالح الدول العظمى.

 

الغائب في كل هذا هو العرب، الذين ليس لهم موقف، ولا دور ايجابي، ولا فعل سياسي، وهم ليسوا أكثر من كومبارس يأتون ويذهبون بلا ضجيج، وإذا فعلوا الضجيج فإنهم على أرض الواقع يأتون بالنقيض ولا يغيرون شيئا، بل أكثرهم يبحثون عن الوسائل التي يلقون بالقضية الفلسطينية من أعناقهم، ويعملون على تعقيد أوضاع الفلسطينيين في الداخل والشتات، بدءا من الحصار والتهجير ومنع العمل والطرد والحرمان من وثائق السفر وغيره.

 

الأمم  المتحدة تدخل عصر الشيخوخة، والعرب سيبذلون أموالهم والغالي قبل الرخيص، وكل متطلبات التبعية، وكل ما يمكنهم فعله، في سبيل أن لا يكون هناك أي دور إقليمي  قوي وفعال.