خبر أعطي للفلسطيني أملا..معاريف

الساعة 09:03 ص|25 سبتمبر 2009

بقلم: بن كاسبيت

دولة اسرائيل ضد المواطن ايهود اولمرت. اليوم يبدأ الامر. رئيس الوزراء السابق في موقف محرج لم نشهد مثله من قبل، متهم بمخالفات فساد خطيرة. خلافا لطابعه وعاداته، اولمرت سيأتي اليوم صغيرا. لا طبول حرب ولا صرخات المعركة ولا تهجمات او تصادمات اعلامية. اولمرت يعرف انه ان سارت هذه المسألة كما يخطط لها "اولمرت ضد الجهاز القضائي" فقد انتهى امره. هذا كان الخطأ الذي ارتكبه حاييم رامون بالضبط. وحتى ان كانت المسألة "اولمرت ضد مازوز" وليس لديه الكثير مما يتوقعه. بالنسبة لاولمرت من المحظور ان تكون هذه معركة حول الأنا ومن المحظور ان تتحول الى سيرك من الغرائز. هذه يجب ان تكون معركة جافة قضائية حول الحقائق والتفاصيل. وصف مسلسل الاحداث كما طرح في لائحة الاتهام. اولمرت سيكافح ضد ذلك فقط وسيتجاهل الجوقة التي ترافق سقوطه برقصات وطبول. لا ابناء نور ولا ابناء ظلام. اولمرت سيخوض معركته في منطقة الغسق.

في الداخل هناك نار تشتعل. هو يؤمن ايمانا خالصا بأنهم قد اصطادوه. سقوط مثل سقوطه لم يحدث هنا من قبل. هذا لا يعني اننا نفتقد للسقوط ولكن حتى موشيه قصاب او اسحاق موردخاي لا يستطيعان الادعاء بأنهما قد احتلا هذا الرقم القياسي. اجل اسحاق رابين اجبر على الاستقالة ولكنه لم يقدم للمحاكمة. اريئيل شارون ابعد عن وزارة الدفاع ولكنه لم يكن رئيسا للوزراء. عيزر وايزمن غادر رئاسة الدولة ولكنه لم يقدم للمحاكمة هو الاخر. اولمرت كان رقم واحد وعندئذ سقط حطاما مع نغمات مدوية وتحول الى متهم بمخالفات شديدة. الرمز الامثل لوباء الفساد.

من حيث الحقائق يشعر محاموه ان لديهم ملفا قويا بأيديهم، وان من الممكن دحض اغلبية وربما كل التهم المنسوبة اليه. هذا الامر يحتاج للهدوء والاصغاء القضائي. هم يحتفظون بقدر غير قليل من الارانب والمسائل التي تطرح علامات استفهام صعبة حول طريقة معالجة الملفات وجودة الشهادات ودقة التفاصيل. وهناك امور اخرى ايضا في مادة التحقيق توجد مذكرات غير قليلة يتبين منها ان ديد لحمان ميسر نائب المستشار القضائي للحكومة وزوجة احد الشهود الاساسيين ضد اولمرت (المحامي اوري ميسر)، قد اجرت اتصالات متواصلة مع كل الجهات: المحققين، النواب العامين والمستشار القضائي. هذا مفهوم من ناحية انسانية. المحامي ميسر شعر خلال التحقيق بمغامرة نفسية صعبة ونشر انه قد حاول الانتحار ودخل المستشفى واوشك على الانهيار. زوجته كانت حريصة عليه. من الناحية الاخرى ما الذي كنا سنكتبه لو ان عليزا اولمرت كانت في منصب نائب المستشار القضائي للحكومة وصديقة مقربة من المستشار، واجرت في هذه الحالة اتصالات مستمرة مع كل الاطراف؟ كانت ستعلو صرخة كبيرة في هذه الحالة. صرخة مبررة.

في الوقت اولمرت يحاول الاستمتاع بحياته. يشاهد مباريات كرة القدم ويتنزه في ارجاء العالم ويقوم بالاعمال التجارية الكثيرة ولكن ليس في اسرائيل. قبل مدة غير بعيدة توجه الى افريقيا بتكليف من صديقه بني شتاينمتس. في سياق ذلك توجه اولمرت الى غينيا حيث يحاول شتاينمتس الدفاع عن امتيازاته بالتنقيب عن الحديد الصلب والالمنيوم في مواجهة الحكومة الجديدة هناك. لعلاقات اولمرت والهالة الدولية التي يتمتع بها اهمية كبيرة. هو يحافظ على علاقاته مع قادة كثيرين ومن بينهم قادة ما زالوا في مناصبهم. اما في الداخل فهو متوتر ومتأهب. هذه المعركة التي يخوضها في المعركة هي معركة حياته بالفعل. هي ستحدد كيف سيكون اولمرت فوق صفحات التاريخ. رئيس الوزراء الذي حاول لمس السلام وخرج في حربين وقصف مواقع نووية، ام نصاب تلقى المغلفات التي تحتوي المبالغ النقدية. المواطن اولمرت يطلب الان لحظته في المحكمة. من واجبنا ان نتأكد من حصوله على هذه اللحظة. هذا هام له ولكنه هام لنا ايضا.

اتفاق المطلوبين

المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين ستهتل خلال ثلاثة حتى ستة اسابيع. منذ مدة من الزمن لم نتلق بشارة كهذه باكتئاب ثقيل الى هذا الحد. لم يحدث خلال تاريخ الاتصالات ان تتسنى لحظة هامة تاريخية واحدة رغب فيها الطرفان بالاتفاق. عندما رغب رابين فقد ياسر عرفات رغبته. شمعون بيرس كان راغبا طوال الوقت اما عرفات فقد تردد طوال الوقت. بعد ذلك عندما لم يرغب بيبي، اصبح عرفات راغبا. شارون لم يرغب. ابو مازن رغب. اما عند اولمرت فقد رغب جدا الا ان شريكه ابو مازن اصبح مترددا. والان وللمرة الاولى لم يعد اي من الطرفين راغبا. بيبي الذي لم يعد بحاجة للحديث عن السلام لان الانتخابات من وراءه، وابو مازن الذي لا يستطيع الان التحدث عن السلام لان الانتخابات من امامه. الوحيد الذي يريد هو براك اوباما.

في اسرائيل يواصل بعض صناع القرارات بيعنا شعار اللاشريك. وان السلطة الفلسطينية تعيش على حراب الجيش الاسرائيلي وما ان ينسحب الجيش الاسرائيلي من هناك حتى خطوط ايلول 2000 حتى تنقض حماس من مخابئها فتلتقط رام الله وبناتها كثمار ناضجة جدا. ولكن هذا الامر ليس بصحيح. السلطة الفلسطينية تبني نفسها امام اعيننا وبوتيرة ليست سيئة بالمرة. ما بدى قبل عامين او حتى عاما واحدا ضربا من الخيال، آخذ في التجسد شيئا فشيئا.

نقطة الانقلاب الاستراتيجية التي اتاحت خروج هذه العملية الى الطريق كانت "اتفاق المطلوبين" الذي انطلق في صيف 2007. السلطة الفلسطينية كانت حتى ذلك الحين مشلولة تماما واجهزتها الامنية موزعة في مكاتبها والجيش  الاسرائيلي يسيطر على سطح الارض بينما يسيطر المطلوبين على باطنها. عدة مئات من رؤساء العصابات في المناطق وكلهم تقريبا من اتباع التيارات المختلفة التابعة لفتح وتسببوا بكمية هائلة من الفوضى في المناطق. هم تجولوا في المناطق القروية والجبلية مسلحين وقادة لعصابات محلية. شلوا الحياة التجارية والاقتصادية وهددوا وقاموا بأخذ الخاوات والقتل وفعلوا كل ما يحلو لهم. كانت هناك اجواء غرب وحشية لا قانون ولا حكام ولم تكن للسلطة الفلسطينية فرصة واحدة للسيطرة على هؤلاء النشطاء العصاة.

المبادرة للتوصل لتسوية جاءت من الشاباك. كان واضحا ان "قائمة المؤثرين" هذه تشل المنطقة ولا تتيح التوصل للاستقرار. يوفال ديسكين رئيس الشاباك جاء لسلام فياض مع فكرة اقتراح صفقة على المطلوبين. هم يلتزموا بالتوقف عن ممارسة الارهاب والعنف ويسلموا سلاحهم للسلطة الفلسطينية وينتقلوا الى مظلتها. في المقابل يتم اخراجهم من قائمة المطلوبين. ليس هناك عفو وانما فترة تجربة. في المرحلة الاولى من هذه الفترة يكونون تحت رعاية اجهزة الامن ملتزمين بمكان معين تحت الرقابة من دون حرية التجوال. ان نجحت التجربة يحصل المطلوب في المرحلة الثانية على حرية تنقل نسبية في المنطقة وفي المرحلة الثالثة يحق له العودة الى بيته والانخراط في حياته مثل الناس. الشاباك وعد بعدم اعتقال او قتل المطلوبين الا ان تجاوزوا شروط الاتفاق. وفي هذه الحالة لن يكون هناك تحذير مسبق او وساطات او غير ذلك.

اليوم تمر هذه الخطة في مرحلة متقدمة. 9 دورات من المطلوبين قد تخرجت من هذا الاتفاق. 80 في المائة من الاعضاء الاصليين في القائمة قد خرجوا منها. المنطقة اصبحت هادئة. حدثت اخفاقات قليلة. حتى خلال عملية "الرصاص المصهور" حيث ساد الخوف من تجاوز المطلوبين للاتفاق وعودتهم لعقوقهم الا انها مرت من دون اخلالات. الامر الذي يبرهن على ان جزءا من الارهابيين على الاقل يرد على الامل بصورة غير سيئة. الامر الصحيح الان ان هناك طلب قوي على الدخول للقائمة. اولئك الذين ليسوا هناك ايضا يريدون الدخول. وهناك نشطاء ارهاب من تنظيمات اخرى مثل الجهاد والجبهة الشعبية يعبرون عن اهتمامهم بالامر. كلهم يتزاحمون على ابواب اجهزة الامن الفلسطينية ويستخدمون اتصالاتهم ويعبرون عن الرغبة في الدخول. الارهابيون كما يتضح يريدون العودة الى بيوتهم. يريدون قسطا من الراحة وقسطا من الهدوء. لم تعد لديهم قوة لشن العمليات.

نموذج جنين

الاتفاق الناجح تسبب برد فعل متسلسل. اجهزة الامن المفتقدة لاي سيطرة على الارض تحولت فجأة الى رب البيت. حصلت على صلاحيات واشراف على المطلوبين فتراكمت ثقتها بنفسها. مشاريع الجنرال دايتون الذي يقوم بتأهيل القوات الخاصة اعطت ثمارها هي الاخرى. التعاون الامني مع اسرائيل استؤنف. المرحلة التالية كانت استلام المسؤولية الامنية عن المدن.

نابلس كانت المدينة الاولى. عاصمة الارهاب المزدحمة بالقتلة، والتي تحولت الى مدينة هادئة تعج بالحياة. بعد ذلك جاء الجنرال جونز مع "نموذج جنين". النجاح هنا كان ايضا جارفا. من الواجب ان نذكر ان ما قضى على الارهاب في جنين او نابلس لم  تكن السلطة الفلسطينية وانما الجيش الاسرائيلي مع قوات المستعربين في حرس الحدود. ولكن في المرحلة الثانية عندما تم اكتشاف البنى التحتية والقضاء عليها جاءت اجهزة السلطة وسيطرت على المنطقة. هم قاموا بالمسألة بجدية في هذه المرة من اجل التغيير. الثمار ملحوظة الان بعد اكثر من عام. قوات الأمن توفر البضاعة المطلوبة منها في مجال النظام العام ومكافحة سرقة السيارات. الحرب ضد الارهاب ما زالت في مهدها ولكن حقيقة ان حماس تشكل خطرا على السلطة الفلسطينية بدرجة لا تقل عن مواطني اسرائيل تفعل فعلها.

في قلقيلية قضت اجهزة الامن الفلسطينية على ستة مطلوبين من حماس بطرق اكثر نجاعة وقسوة بكثير مما كان الجيش الاسرائيلي ليفعله. لان احدا لن يشكل لهم لجنة تحقيق تابعة للامم المتحدة او غولدستون فقد سمحت اجهزة الامن الفلسطينية لنفسها باشعال منزل اختبأ احد المطلوبين فيه بالنار وبعد ذلك اغرقوه بالمياه. هؤلاء كانوا ستة مطلوبين حاولت اسرائيل ايضا اصطيادهم خلال فترة طويلة. الا ان الفلسطينيين قد نجحوا. هذه كانت المرة الاولى التي يحدث فيها امر كهذا في المناطق. ايضا عندما وجه محمد دحلان ضربته المشهورة لحماس في شتاء 96، لم تكن هناك اراقة دماء كانت هناك اعتقالات وقص للحى ولكن لم يكن هناك قتلى. الان كما يتبين هناك لعبة جديدة في المدينة. الفلسطينيون لا يقاتلون من اجلنا ولكن من اجلهم. هم لا يدافعون عن حياتنا وانما عن حياتهم. المشاهد الصعبة التي رأيناها خلال سيطرة حماس على غزة وعمليات القتل في الشوارع واطلاق النار على الارجل والضابط الذي قذف من الطابق الخامس عشر، فعلت فعلها. اجهزة الامن ادركت الامر وخرجت من ثقوبها لتدرك انها ان لم تنقض على حماس بكل عنفوان وقوة فان حماس ستنقض عليها.

ملاحظة تحذيرية: الارهاب ما زال هنا، حماس والتنظيمات الاخرى ايضا ما زالوا قادرين على تنفيذ العمليات. كما ان الوضع على الارض ما زال قابلا للاشتعال. ما زالت فيه عناصر كثيرة قابلة للاشتعال. المتطرفين اليهود والمتطرفين العرب والاحداث الخارجة عن نطاق السيطرة. هذه امور لا تنقصها كما تعلمون. من الناحية الاخرى الافتراض انه عندما يخرج الجيش الاسرائيلي من المناطق فلن تعود هناك سلطة فلسطينية يحتاج الى تعديل عاجل. هذا ليس صحيحا بكل بساطة. السلطة حية ترزق. والمثال البارز على ذلك جاءنا في الخليل. هذه المدينة التي وصلتها اجهزة الامن في الختام. الخليل هي مدينة حمساوية مع تراث ارهابي طويل ومواطنين شديدي المراس. بعد ان ازداد ثقة اجهزة الامن في نابلس وجنين وقلقيلية وطولكرم ورام الله حصلت على الاذن بالتوجه للخليل. وهنا ايضا نجح الامر واصبحت المدينة هادئة وادعة.

هناك حكومة في السلطة

من الذي يقف من وراء هذا النجاح؟ الجانب الفلسطيني اثنان: ابو مازن وسلام فياض. ومن ورائهما يد قوية على الزناد وهو توفيق الطيراوي. الترتيب ليس بالضرورة صحيحا. هناك من يعتقد ان فياض هو القوة المركزية. هو في الواقع المدير العام لهذه العملية. يعمل بجد وفي ظروف غير بسيطة وفي كل شهر يخوض الكفاح مرة اخرى لدفع الرواتي الا انه يصر على ذلك. هو نجح في تغيير نظم السلوك المعتادة هناك وادخال ثقافة ادارية وانتاج جودة في اعطاء التقارير والتنفيذ. والامر الاكثر اهمية: هو يدعم اعوانه ويساندهم. لا يختبىء ولا يخاف. يحصل على مظلة جوية مبدئية من ابو مازن ويسير للامام. والى جانب التحسن الملحوظ في جودة اجهزة الامن (الرصيد يعود للجنرال دايتون ومستشار الامن القومي جونز)، نحن نحصل على سلطة فلسطينية حقيقية ذات جسم وحضور وسيطرة قوية على الارض.

ابو مازن لم يكن في اية مرة من المرات واثقا من نفسه الى هذا الحد. للمرة الاولى هو لا يحمل لقب القائد فقط وانما يشعر بذلك ايضا. ولو ان اوباما لم يفسد عليه فرحته مع القمة التي لا داعي لها في نيويورك لكان الامر مثاليا. مؤتمر فتح السادس كان انتصارا شخصيا كبيرا له. قزم اعداءه فقام بعضهم بالتحالف معه، والقدومي فقد قوته اما اللجنة المركزية فقد انتخبت من جديد وابو مازن برهن عن القيادة والرصيد الشعبي. والى جانب التحسن الاقتصادي الملموس والازدهار على الارض والنظام العام والهدوء، بدى ان ابو مازن يسير على طريق النجاح التام.

خسارة ان هناك مفاوضات مع الاسرائيليين ايضا في خضم ذلك. حتى الان يوجد لابو مازن تفوق بارز على حماس. حماس تكافح بعزلة عالمية في غزة وتواجه طريقا مسدودا بالمقارنة مع الوضع الآخذ في التحسن في الضفة. سلاح حماس الاساس هو مناكفة ابو مازن في كل ما يتعلق بالخنوع لاسرائيل وللولايات المتحدة. وهناك ايضا جلعاد شليت. السلطة الفلسطينية تقدر ان حماس ستحاول تنفيذ صفقة شليت قبل الانتخابات بمدة قصيرة.

متى ستنظم الانتخابات؟ من الصعب معرفة ذلك من حيث المبدأ في شهر كانون الثاني القادم ستتبدد شرعية الجميع. من المفترض ان يصدر ابو مازن في الشهر القادم مرسوما رئاسيا حول رغبته في اجراء الانتخابات في كانون الثاني. من الناحية الاخرى ما لهم ولللانتخابات الان؟ حماس ايضا ليست بحاجة للانتخابات الان. التوقعات تشير الى خسارة شديدة لحماس. في ظل هذا الوضع هناك اتصالات من اجل التأجيل. على الاقل حتى حزيران القادم. في هذه الاثناء يواصل المصريون جهود المصالحة بين الحركتين واعادة توحيد غزة مع الضفة. مصالحة كهذه تبدو بعيدة جدا وحتى ان جاءت فلن تكون حقيقة. نحن امام عالمين مختلفين وثقافة اخرى وديموغرافية اخرى وكراهية آخذة في التصاعد. الامر الصحيح الان ان هناك ثلاثة دول لثلاث شعوب فوق هذه القطعة من الارض.

باختصار يبنون

اوباما ونتنياهو يواجهان كل هذا الوضع. هذا يريد المفاوضات الان بحيث تكون سريعة وحقيقية والثاني يريد تمرير الوقت. بامكان ابو مازن ان يخسر فقط من المفاوضات مع نتنياهو. يجلسون هناك يأتون ويعودون من واشنطن دون تحقيق شيء. مرة اخرى سيظهر امام اتباعه كخاسر وكمن لا توجد قيمة لظهوره. اسرائيل سترهق امريكا والبناء في المناطق سيتواصل وهو سيضطر لاعطاء التوضيحات. ما له ولكل ذلك؟ حماس فقط تستطيع الكسب من ذلك. مشكلة ابو مازن كانت انه صدق وعود البيت الابيض بأن المسألة حقيقية في هذه المرة. الان سيحدث ذلك. نتنياهو سيركع على ركبتيه اخيرا والبناء سيتوقف تماما "لا غرفة ولا شرفة" كما قالت هيلاري كلينتون.

ابو مازن سمع الامر وبنى التوقعات. وضع الشروط وبينما كان متمترسا اكتشف ان الامريكيين في موقع اخر تماما. الان لم يعد الامر "تجميدا" وانما "كبحا". باختصار البناء سيتواصل وهو سينجر للمفاوضات مع نتنياهو وهو يرفص ويصرخ. بيبي مثله بالضبط. رئيس الوزراء ايضا يتوجه نحو هذه الحكاية من دون فرح ومظاهر الاشمئزاز بادية عليه. السؤال هو كيف سيأتي الامريكيون. هل ادركوا اخطاؤهم وأعدوا خطة حقيقية قادرة على دفع المفاوضات ام انهم ينوون تفجير انفسهم مرة  اخرى مصطدمين بالصخور؟ في هذه الاثناء نفذ الامريكيون تغييرا في الادوار. اسرائيل التي تمتعت خلال السنوات الثمانية الاخيرة بمكانة خاصة تفقد هذه المكانة. الفلسطينيون الذين اعتبروا رفضاويين يراكمون مكانتهم الاعتبارية. خلال اللقاءات الاخيرة التي عقدها جورج ميتشيل مع الفلسطينيين سئل عن مطالبه من الجانب الفلسطيني ففاجأ قائلا انه لا توجد لديه مطالب خاصة. انا هنا، قال ميتشيل، حتى أحدث توازنا في الصورة ولكن كل شيء على ما يرام بالنسبة لي. ميتشيل قال ما يعرفه الكثيرون: الفلسطينيون ينفذون في الوقت الحاضر اغلبية التزاماتهم، لذلك لا غرابة ان اوباما طالبهم بالتوقف عن التحريض في خطابه بالأمس. ان كان التحريض يصل الى خطاب امام الامم المتحدة فهذا يعني ان الوضع جيد. وفي ظل ذلك هناك انطباع بوجود شريك فلسطيني ولكن ليس هناك شريك اسرائيلي.

هناك في واشنطن اشخاص يتدارسون تبني خطة سلام فياض. رئيس الوزراء الفلسطيني يلائم نفسه مع تصور نتنياهو حول السلام الاقتصادي ومع افكار شمعون بيرس. هو وضع خطة تواصل خلالها السلطة الفلسطينية بناء نفسها ومؤسساتها في العامين القريبين. بعد عامين سيتم الاعلان عن الدولة. اين؟ اينما كان ذلك ممكنا. الامكانية الثانية هي الاعلان عن الدولة ضمن حدود 67. ماذا سيحدث ان اعترف مجلس الامن بهذا الاعلان وضمن هذه الحدود؟ ما الذي سيحدث ان قررت الادارة الامريكية عدم فرض فيتو والمصادقة على ذلك؟ اسرائيل ستجد نفسها ولاول مرة منذ 67 في حالة حصار. العالم سيعترف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 67، ولطف وواقعية سلام فياض سيتحولان الى خطر ملموس، وسيكون في ديوان رئيس الوزراء من يندم على المماطلة واهدار الوقت وربما ايضا اهانة الامريكيين والاحتفالات المبكرة والعجرفة اللتين شهدناهما في هذا الاسبوع في نيويورك. من ناحية اخرى نحن في الشرق الاوسط. ستحدث امور كثيرة جدا حتى ذلك الحين.