خبر تقرير: الاحتلال اعتقل 832 فلسطينيا من أراضي الـ 48 لاحتجاجهم على العدوان على غزة

الساعة 01:23 م|24 سبتمبر 2009

فلسطين اليوم – غزة  

كشف تقرير حقوقي أصدره المركز القانوني لحقوق فلسطينيي الـ 48  "عدالة"، النقاب عن أن  الشرطة الإسرائيلية والنيابة العامة وجهاز الأمن العام "الشاباك" والمحاكم وحتى مؤسسات أكاديمية معينة قامت بتحويل الاعتقال والسجن وقمع المظاهرات إلى أداة سهلة وسريعة لقمع احتجاجات المعارضين للعدوان العسكريّ، ولردع المتظاهرين والدوس على حق المواطنين العرب ومناهضي العدوان من اليهود بالتعبير عن الرأي.

 

وأظهر التقرير أن 832 شخصًا اعتقلتهم الشرطة الإسرائيلية أثناء العدوان العسكري، وأن 34 % من المعتقلين كانوا قاصرين، تحت سن 18 عامًا، وأن 80 % من مجمل المتهمين اعتقلوا حتى الانتهاء من الإجراءات، من ضمنهم 54 % من القاصرين.

 

وتدل استخلاصات التقرير على أنّ السلطات الإسرائيلية  تبنّت تعاملا خاليًا من أيّ تسامح تجاه مُناهضي العدوان، في كل موقع شهد أحداثًا احتجاجية تقريبًا، وحتى في الأماكن التي لم تشهد أي أحداث عنف. وقد تجلى هذا التوجه في تفريق المظاهرات، وعنف الشرطة، واحتجاز المتظاهرين وحملة اعتقالات منهجية.

 

وبيّن التقرير أن الشرطة الإسرائيلية منعت بشكل غير قانوني الاعتصامات والمظاهرات رغم كونها قانونية وشنت حملة اعتقالات جماعية التي طالت الكثيرين حتى من لم يقم بأي شيء سوى التواجد في مكان الاحتجاج. وبكثير من العبثية والمفارقة، رأت الشرطة في النشاطات الاحتجاجية ضد العدوان العسكريّ خرقًا للسّلام والهدوء بادعاء أن هنالك بعض المتظاهرين الداعمين للعدوان بالقرب من المكان ويكفي ذلك لشرعنة تفريغ المظاهرات والاحتجاجات.

 

وأضاف التقرير أن النيابة العامة والشرطة حولتا كل مظاهرة أو نشاط احتجاجي إلى تهديد على أمن الدولة، وبناء عليه تم تقديم  استئنافًا على كلّ قرار صدر بإطلاق سراح مشتبه به من الاعتقال، وكسبتا جميع الاستئنافات التي قدّمتاها. وفي بعض الحالات قامت الشرطة بتضخيم الشبهات التي وردت في طلبات الاعتقال، وذلك بغية تبرير اعتقال وإبعاد المتظاهر عن بيئته، ليس إلا. وقد قُدمت غالبية لوائح الاتهام بصدد المشاركة في تجمهرات محظورة والمشاغبة والاعتداء على شرطيّ حسب ما  ورد من الناطق العام باسم الشرطة. قُدم عدد ضئيل جدًا من لوائح الاتهام بصدد تشكيل خطر على حياة الناس في درب مواصلات.

 

وتابع التقرير أن المحاكم شاركت بشكل غير مباشر في قمع الاحتجاجات. فقد ظهر جليا من قرارات المحاكم التي أوردها التقرير كيف وضعت المحاكم جانبًا مبادئ الفحص المفصّل، التي تميّز القوانين الجنائية برمّتها، وفضلت اعتقال المشتبه بهم بشكل جارف وبالجملة، بادعاء كون المخالفة "مخالفة نابعة من الزمن العينيّ" و"لم تتغيّر الأزمان بعد" (أي أنّ المخالفة المذكورة خاصة بفترة الحرب وهي ليست عادية).

 

ومن التحقيقات والبحث، تبين أنه تم إصدار تعليمات عينية للتعامل مع الاحتجاجات والمعتقلين، لكن الشرطة رفضت كشف هذه التعليمات. ونحن نذكر مثل هذه التعليمات من فترة أحداث "أكتوبر 2000" التي خصصت فيها النيابة موارد وجهودًا لفحص طرق يمكن من خلالها التشديد مع المعتقلين، إلى جانب إهمالها كليًا التعامل مع السّؤال حول مقتل 13 متظاهرًا وعلى من تقع مسؤولية قتلهم. ويشدد مركز عدالة على أن طريقة قمع موجة الاحتجاج خلال العدوان العسكري على غزة، كما تجلت في تصرف الشرطة، النيابة العامة، الشاباك والمحاكم لا تختلف كثيرا عن قمع موجة الاحتجاج خلال شهر أكتوبر من العام 2000 غير أنه في تشرين أول (أكتوبر) 2000 سقط 13 شهيدا وفي المظاهرات الأخيرة لم يحدث ذلك.

 

وأكد التقرير أن جهاز الأمن العام "الشاباك" كان أيضًا شريكًا في إخراس الأصوات الاحتجاجية. وقد استدعى "الشاباك" العشرات من الناشطين السياسيين الذين نظموا الاعتصامات الاحتجاجية والمظاهرات إلى التحقيق. وشهد هؤلاء الناشطون أمام "عدالة" بأنّ "الشاباك" وجّه إليهم أسئلة سياسية وهدّد بملاحقتهم قضائيًا ونسب المسؤولية عن أية جناية تُرتكب في المظاهرات إليهم، حتى لو لم يقوموا هم شخصيًا بارتكابها.

 

وأوضح التقرير، أن المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل لم تكترث بتاتا بحملة الاعتقالات كما يظهر من التقرير، بل وشاركت هي أيضا بمضايقة المناهضين للعدوان العسكري. كما أنّ العنف المفرط الذي واجهه الطلاب والاعتقالات العبثية وقمع احتجاجاتهم لم تحظَ كلها بأيّ استنكار من طرف الجامعة.

 

يذكر أن هذا التقرير شكل أحد المصادر الرئيسية التي اعتمدت عليها لجنة الأمم المتحدة التي حققت في مخالفات القانون الدولي وقانون حقوق الإنساني قطاع غزة خلال العدوان العسكري (لجنة غولدستون). اللجنة خصصت في تقريرها فصلا كاملا لقمع احتجاج مناهضي الحملة العسكرية وارتكزت في ذلك على هذا التقرير وعلى معلومات أخرى وفرها لها مركز "عدالة".