خبر شمير أم رابين.. هآرتس

الساعة 10:38 ص|23 سبتمبر 2009

بقلم: الوف بن

سلوك اسحق شمير كرئيس للوزراء كان نموذجيا. جدول اعماله ثابت. ديوانه عمل بانسجام وتناغم وهو قلل من الظهور امام وسائل الاعلام. سياسته كاننت منهجية ورسائله التي اطلقها بسيطة وواضحة.  برودة أعصابه وثقته بنفسه وقدرته على اتخاذ القرارات تبلورت وصقلت خلال نشاطه في التنظيم السري وفي الموساد. كان من الصعب تخويفه او لوي ذراعه. "شمير كان مجبولا من الغرانيت" قال ايهود باراك الذي خدم تحت امرته، عنه.

اسحق رابين الذي استبدله في المنصب عانى من سلوك  اشكالي. مساعدوه قدروه الا انهم اختلفوا معه حول سياسته وتشاجروا فيما بينهم امام وسائل الاعلام. رابين تردد قبل اتخاذ القرارات وواصل تردده بعد ذلك ايضا حيث كان من الممكن تغيير رأيه. زلات لسانه امدت الصحافة بعناوين لا متناهية.

انجاز شمير الاكبر كان بقاءه في الحكم: هو بقي في المنصب اكثر من اي رئيس وزراء آخر باستثناء بن غوريون. الا ان التاريخ نسيه. في أحيان متباعدة فقط يذكرون اسم شمير في النقاش الشعبي، وعلى الاغلب كنموذج للمحافظ الرافض الذي عارض كل تغيير وانعطافة وحاول فقط الحفاظ باصراره وعناده على ارض اسرائيل الكاملة. رابين في المقابل اعتبر قائدا عملاقا وسياسيا فذا لانه احدث تغييرا في كل مجال دخل اليه: عملية السلام، العلاقات الخارجية، شق الطرقات والاصلاح في التربية والتعليم. وقتل قبل استكمال مهماته، ولكن اسرائيل التي تركها من ورائه كانت دولة مغايرة لتلك التي استلمها.

العبرة التاريخية واضحة: سلوك قادة الحكومة يشغل بال السياسيين والصحافيين كثيرا الا ان اهميته ضئيلة جدا. القادة يحاكمون من خلال القرارات التي يتخذونها والنتائج المترتبة عليها وليس من خلال ادارة دواوينهم او علاقاتهم مع وسائل الاعلام. الادعاء الشائع بان من يجد صعوبة في ادارة مكتبه لا يمكنه أن يدير دولة، لا يصمد على محك الواقع. كان من الممكن أن يفوز ديوان ايهود اولمرت بجائزة دولية في الادارة وبفضل علاقاته الدافئة مع قادة العالم وانفتاحه على الصحافة وولاء مساعديه له – الامر الذي دفع بعضهم حسب راي النيابة العامة الى تجاوز القانون من أجله. كل هذا لم يساعد اولمرت في الادارة الفاشلة في حرب لبنان الثانية او العملية السياسية التي لم تنضج. التاريخ سيتذكر فترة ولايته كفرصة ضائعة.

مشاكل بنيامين نتنياهو في الادار ة نابعة من الارتياب العميق الذي يتجسد في الاخفاء الشديد للامور عن مساعديه والشعور بان الصحافة تطارده. سياسيون آخرون ايضا مشغولون طوال الوقت في صراعات مع خصوم حقيقيين ووهميين. وهم ايضا يفقدون صوابهم مما يكتب عنهم، هؤلاء يعروفون فقط كيف يخفوا مخاوفهم وارتيابهم بصورة افضل من نتنياهو. الموقف الدفاعي في مواجهة الاعلام يدفع نتنياهو لردود افعال غير متزنة عندما يقرأ تقارير تثير نرفزته. الامر وصل الى ذروته في مسألة زيارته لروسيا والمحاولة الفاشلة لاخفائها وبعد ذلك اظهارها كعملية لجيمس بوند. الحقيقة هي أن ديوان نتنياهو الحالي يتصرف بصورة افضل مما كان عليه في ولايته السابقة. ليست في هذا الديوان تغييرات متواصلة في المناصب المركزية. الرسائل التي تنطلق من هناك منهجية ونتنياهو يبتعد عن الظهور المفرط وزلات اللسان كتلك التي ورطته في الماضي. وسائل الاعلام اكثر تسامحا معه ومع عائلته، وسياسته تتمتع بالدعم الشعبي ولكن ذلك ليس كافيا. مرة كل عدة اسابيع يتورط نتنياهو في فضيحة جديدة وعلى الفور يذكرونه بـ "بيبي القديم". ويسألونه ان كان قد تغير فعلا.        

نتنياهو يدعي ان وسائل الاعلام تتشبث بصغائر الامور وتتجاهل انجازاته، ويعتقد أن الحل يكمن في التعددية التي تعبر عنها الصحيفة التي تؤيده "اسرائيل اليوم". ولكن استنتاجه خاطىء. المشكلة ليست في النقص في الاراء وانما في الافعال. عندما تراوح السياسة مكانها يركزون على الاشخاص المدعويين لمأدبة العشاء ومن الذي عرف بأمر الرحلة السرية. عندما يتصرف رئيس الوزراء كقائد ويتخذ قرارات تاريخية حاسمة تفقد دسائس ونمائم ديوانه اهميته. هذا ما حدث لشارون عندما قرر الانسحاب من غزة، وهذا ما سيحصل لنتنياهو ان ابدى الشجاعة السياسية وسار نحو انطلاقة سياسية. والا فان التاريخ سيذكره كشخص متحجر اهدر الوقت في المنصب كاسحق شمير.