خبر حذاري، قمة.. هآرتس

الساعة 11:05 ص|22 سبتمبر 2009

بقلم: عكيفا الدار

تاريخ طويل جدا من "عملية السلام" يشير الى ان القمة يمكن ان تكون هدفا منشودا ولكنها في نفس الوقت ايضا مكان خطير بدرجة لا توصف. عندما يأتي المشاركون في هذه القمة من دون تحضير ملائم ولا يحيطون انفسهم بشبكة امنية واقية، يكون عمق السقوط مثل ارتفاع القمة. هناك فرق هائل بين الحملات المكوكية العقيمة التي يقوم بها مبعوث رئاسي بين القدس ورام الله، وبين لقاء فاشل بين رئيس الولايات المتحدة براك اوباما مع رئيس الوزارء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس.

خلال الـ 16 عاما التي مرت منذ التوقيع على اتفاق اوسلو في البيت الابيض كان الاسرائيليون والفلسطينيون شهودا لعدد لا يوصف من القمم ومؤتمرات السلام والعمليات التفاوضية والتفاهمات القريبة من الاتفاقيات. كلها انتهت في اسوء الاحوال بخيبة امل جديدة وفي الحالات الاكثر سوءا بموجة اخرى من العنف.

يحدونا الامل بأن يكون الامريكيون قد تعلموا من تجربة قمة كامب ديفيد 2000 المريرة، بأن القمة الثلاثية ليست مجرد حدث اعلامي على شاكلة الظهور في  القاهرة او رسالة التهنئة برأس السنة. لقاء مشترك بين رئيس امريكي مع قادة الجانبين هو سلاح يوم الحساب من الناحية الدبلوماسية. مصطلح عملية السلام حصل منذ زمن على تحفظات مضاعفة وتلقى وجبات ثقيلة من الهزلية والسخرية. من الذي يذكر ما قاله اوباما في القاهرة في بداية الصيف؟ ومن الذي يعرف ما قيل في بيان أنابوليس في الشتاء الماضي؟ الجانبان فقدا منذئذ ما تبقى من الثقة بالحي السياسي. ان انتهت قمة الغد ايضا بالمصافحة امام عدسات الكاميرا فما الذي تبقى لهم ليتوقعوه.

قمة نيويورك يمكنها ان تتقدم او ان تتدهور – ليس هناك مكان للوقوف. نتنياهو وعباس ليسا اللاعبان الوحيدان في الساحة: كل فشل للمعسكر الفلسطيني البراغماتي هو انتصار للمعسكر الفلسطيني المتطرف. ابو مازن علق آماله على الامريكيين وتأثيرهم على اصدقائهم الاسرائيليين.

ان ارسل الرئيس الامريكي القائد الفلسطيني من نيويورك الى البيت بآياد فارغة فانه سيصب في مصحلة خصومه الكبار في غزة ودمشق. حماس لن تفوت فرصة كهذه لابراز القمة كدليل جديد على ادعائها منذ اتفاق اوسلو بأن فتح ترتكز على قاعدة واهنة. كم هي المدة التي سيوافق فيها شرطة عباس على الظهور بمظهر عملاء الاحتلاء؟

نجاح القمة لن يقاس بدرجة تجميد البناء في المستوطنات الذي سينتزعه اوباما من نتنياهو غدا. حتى الفلسطينيين يدركون بأن بضعة مئات من الشقق في معاليه ادوميم وبسغات زئيف لن تزيد او تنقص شيئا بالنسبة لحل الصراع على المدى الطويل. حتى لا يتحول اللقاء الى ملاحظة هامشية منسية اخرى في سيرة عملية السلام، يتوجب على الضيوف العودة الى البيت مع ترجمة شعارات القاهرة الى لغة عملية. اوباما ليس مطالبا بابتداع اي شيء جديد. كل ما عليه ان يفعله هو تعديل جدول خريطة الطريق الزمني الذي تحول منذ مدة الى قرار لمجلس الامن رقمه 1515.

خريطة الطريق تقول بأن الجانبان سيتوصلان في عام 2005 الى اتفاق دائم ينهي الاحتلال الذي بدأ في 67. كما جاء هناك بأن الاتفاق سيتضمن حلا متفقا عليه في المفاوضات حول مكانة القدس وحلا متفقا عليه وعادلا وواقعيا لمشكلة اللاجئين. رئيسان لوزراء اسرائيل – ايهود براك وايهود اولمرت قد اجريا مع الفلسطينيين مفاوضات حول كل هذه المسائل وتوصلا الى بضعة تفاهمات. كما يقول الرئيس شمعون بيرس الذي يحث الاطراف حاليا للتركيز على الحدود فقط في المرحلة الاولى، يمكن صناعة عجة من البيضة، الا ان احدا لا يستطيع ان يصنع من العجة بيضا.

رئيس الوزراء طالب ابو مازن خلال مقابلات رأس السنة باتخاذ قرارات ان كان سيجسد عرفات ام السادات. اوباما لن يفي بواجبه غدا ان لم يطالب نتنياهو بحسم أمره ان كان يجسد مناحيم بيغن الذي أعاد كل سيناء (من دون ان يطلب الاعتراف باسرائيل كدولة للشعب اليهودي في المقابل) ام اسحاق شامير الذي عارض اتفاق السلام مع مصر. ان بقي بيغن الابن غداة القمة على يمين نتنياهو فليعرف شعب اسرائيل وليعرف العالم ان - مثلما اعتاد شامير القول عن العرب – البحر هو نفس البحر ونتنياهو هو نفس نتنياهو.