خبر مسحراتي بنكهة الحصار في رفح

الساعة 06:07 م|15 سبتمبر 2009

مسحراتي بنكهة الحصار في رفح

فلسطين اليوم – رفح -أحمد فياض

تبدو مهمة المسحراتي مستغربة لدى الأجيال الشابة من سكان قطاع غزة بعد أن توارت منذ عشرات السنين إثر ذيوع مكبرات الصوت على أعلى مآذن المساجد، لكن الأكثر إثارة عند أهالي مدينة رفح بجنوب القطاع هو أن شعارات المسحراتي الوحيد في المدينة مستوحاة من تأثيرات الحصار.

 

"رغم الحصار قوموا تسحروا يا أهل الدار"، "رغم الغلاء وارتفاع الأسعار قوموا تسحروا يا أهل الدار"، هذه بعض الشعارات التي يستخدمها الشاب محمد أبو جزر، خلال نداءاته التي يعتمد فيها على العبارات السجعية الجذابة، بالإضافة إلى بعض الشعارات الدينية التقليدية الأخرى لإيقاظ المواطنين للسحور.

 

محمد الذي لم يكمل عامه الحادي والعشرين، يبدو مفتخرا بمهنته وهو يجول في أحياء المدينة، تلاحقه نظرات الإعجاب والرضا من كافة المواطنين لإصراره على الاستمرار في مهنته باعتبارها جزءا من التراث الفلسطيني الذي اعتاد عليه الأجداد والآباء.

 

ويقول أبو جزر "بدأت قصتي مع المسحراتي عندما آثرت أنا ومجموعة من الأصدقاء تقديم خدمة لسكان الحي، نقوم من خلالها بتقديم عمل خالص لله تعالى طمعًا في كسب حسنات هذا الشهر الكريم".

 

ويضيف في حديثه للجزيرة نت "اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على عملي في هذه المهمة فإن كل سكان الحي والمناطق المجاورة أصبحوا يعرفونني وأعرفهم، و أصبحت أناديهم بأسمائهم خلال السحور مما خلق تواصلا وتفاعلا بيني وبينهم".

 

ويبدأ أبو جرز جولته  قبل ساعتين من موعد الإمساك يلفه الشعور بالارتياح لاستيقاظ الكثيرين على نداءاته، وسعادته بخروج الأطفال من بيوتهم ومشاركتهم في ترديد الشعارات.

 

 

مميزات خاصة

ومن أهم الأدوات التي يستخدمها أبو جزر في عمله، طبلة وعصا صغيرة و حنجرته القوية ومقدرته على تحمل السهر.

 

ورغم فقدان مهمة المسحراتي الكثير من رونقها وتراجعها كثيرا بسب التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات، فإن أبا جزر أشار إلى أنه سيبقى  يواصل هذه المهمة التي يعشقها لما لمسه من استحسان من قبل الناس.

 

جهود المسحراتي محمد نالت استحسان الغزيين الذين "يذكرهم بمهنة تلاشت منذ عشرات السنين" كما يقول المواطن حسن المزين (30 عاما)، ويضيف للجزيرة نت "على الرغم من التراجع في مهنة المسحراتي في قطاع غزة فإنه ما زال يتمتع باحترام كبير ويحظى بمكانة رفيعة لتقديمه خدمة حقيقية للمواطنين".

 

وفي السياق ذاته ذكر وليد العقاد مدير مركز التراث والآثار، أن عمل المسحراتي في فلسطين مهنة قديمة جديدة وهي جزء من التراث الفلسطيني الذي أخذ في التراجع في ظل تواصل التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم.

 

ودعا العقاد الجهات الرسمية لتبني مثل هذه المبادرات الشابة لإيصال مختلف مكونات التراث الفلسطيني للأجيال المقبلة، مشيرًا إلى أن ذلك يتأتى من خلال الطبقة المثقفة والمتعلمة لما لها من تأثير واضح على ثقافة المجتمع.

 

ويذكر أن مهنة المسحراتي ارتبطت بهذا الشهر الكريم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان بلال بن رباح أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي يجوب الشوارع والطرقات لإيقاظ الناس للسحور بصوته العذب طوال ليالي رمضان ومنذ ذلك التاريخ أصبح "المسحراتي" مهنة رمضانية أصيلة.