خبر مدارس غزة: 55 طالباً في الفصل الواحد.. ومستقبل قاتم بانتظار التعليم

الساعة 08:54 ص|15 سبتمبر 2009

مدارس غزة: 55 طالباً في الفصل الواحد.. ومستقبل قاتم بانتظار التعليم

فلسطين اليوم- غزة

لم تتوقف آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة عند أعداد هائلة من الشهداء أو مظاهر مرعبة من التدمير، بل تعدت ذلك لتصيب كل شبر في غزة، ولم تكن مدارس القطاع بمنأى عن العدوان الإسرائيلي الذي ضاعف المعاناة وسد الأفق وقضى على أحلام الطلبة وقوَّضت فرص التعليم الجيد "في خطوة لإذلال وتجهيل الأطفال والشباب"، بحسب القائمين على التعليم.

 

بدأ العام الدراسي في غزة، وبدأت معه أغبرة الحرب المتراكمة تنثر في عيون الطلبة والمسؤولين، أكثر من 55 طالباً في الفصل الواحد في بعض المدارس، والعمل بنظام الفترتين في أكثر من 170 مدرسة.

 

ومنذ ثلاث سنوات لا تستطيع الجهات التعليمية المسؤولة بناء أي مدرسة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وتفاقمت المشكلة بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة، التي أتت على نحو 18 مدرسة بشكل كامل و280 أخرى بشكل جزئي.

 

وتمنع إسرائيل دخول مواد البناء والمواد الأساسية اللازمة لعملية البناء والترميم، ما أدى إلى أزمة حقيقية تؤرق المواطنين والمسئولين على حد سواء، لكنهم مصممون على استمرار المسيرة التعليمية رغم كل العوائق.

 

ورغم المخاطر الجسيمة جراء استمرار أجواء الحرب في غزة؛ ذكرت معطيات رسمية عن وزارة التربية والتعليم في غزة أن نسبة الحضور في المدارس تبلغ أكثر من 90 في المائة حيث ينتظم ‏حوالي 450 ألف طفل في مدارسهم، منها 373 مدرسة حكومية، و214 مدرسة تديرها الأونروا، و34 ‏مدرسة أخرى خاصة.

 

وعبر وكيل وزارة التربية والتعليم في حكومة غزة الدكتور يوسف إبراهيم عن تشاؤمه من مستقبل العملية التعليمية في قطاع غزة في ضوء الزيادة السكانية وانحسار الأراضي وعدم كفاية المدارس الموجودة.

 

وقال في حديث خاص لـ"قدس برس": المشكلات المرتبطة بالعام الدراسي الجديد لا تقتصر على تأثيرات الحرب الأخيرة، ومشكلة الاكتظاظ ناجمة عن عدم بناء مدارس جديدة، حيث أن الطلاب الذين يلتحقون بالمدارس سنويا لا يجدون أماكن جديدة لهم، فيلتحقون بالمدارس المبنية والقديمة".

 

ولفت إبراهيم الانتباه إلى أن الوزارة تحتاج سنوياً لبناء ما يقارب 20 إلى 25 مدرسة سنويا، وباستمرار الحصار لثلاث سنوات يصبح العجز في المدارس 75 مدرسة الأمر الذي أدى لتكدس وتدفق عدد كبير من طلاب المرحلة الابتدائية بشكل خاص داخل الفصول القديمة بفعل عدم وجود مدارس جديدة، فارتفع عدد الطلاب في بعض الشعب من 40 إلى 50 و 55 طالب.

 

كما نوه إلى أن المدارس التي تعمل بنظام فترتين ازدادت من 120 مدرسة إلى 170 من أصل 240 مبنى دراسي.

 

وأوضح وكيل الوزارة أن المشكلة تتركز بشكل كبير في المحافظة الوسطى ومحافظة غزة في ظل تآكل الأراضي، وقال: "إذا لم تبن مدارس جديدة في الوقت الحالي ولم تخصص أراض لها فلن يتاح ذلك مستقبلا".

 

وأكد على أنه إذا استمر الحصار الإسرائيلي بهذا الشكل، فإن المشكلة من المتوقع أن تتفاقم، الأمر الذي سيؤثر سلبا على جودة التعليم المدرسي، حسب تحذيره.

 

وناشد إبراهيم كل المسؤولين العمل على تخصيص أراضٍ "لتفادي أزمة قادمة، محملا الاحتلال الإسرائيلي مسئولية عرقلة بناء المدارس لعدم توفر مواد البناء اللازمة".

 

ونوه إلى أن مخيم النصيرات من المخيمات التي تعاني عجزاً كبيراً في عدد المدارس مما اضطر الوزارة لاستئجار عدد من مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

 

وأوضح إبراهيم أن العجز الإضافي جاء بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، التي دمرت عددا من المدارس وتعرض للأضرار عدد آخر، مستدركا بالقول إن معظم مدارس قطاع غزة أصيبت بأضرار خلال الحرب.

 

وأشار إلى أن المدارس التي تعتمد الفترتين الصباحية والمسائية سوف تزداد إضافة إلى الاكتظاظ في الغرف الدراسية، موضحا أن هناك تبادلية بين وزارته الأونروا في استعمال المدارس.

 

أحمد عمار (15 عاما) يدرس في مدرسة إعدادية قصفها الاحتلال بعدد من الصواريخ بشمال غزة، يرفض المحاولات الإسرائيلية لتجهيل أبناء الشعب الفلسطيني، ويقول: "مهما فعلوا نحن صامدون في مدارسنا، لن نتزحزح، وسنعيد بناءها في أقرب وقت، وسنتعلم فيها كل ما نريد".

 

وأضاف عمار: "أن الاحتلال يقصف المدارس لأنه لا يريد شعبا متعلما ومثقفا؛ لأن المعلوم عن الشعب الفلسطيني أنه أكثر الشعوب ثقافة"، ويتابع: "نحن سنبقى نتعلم لننتصر على اليهود بثقافتنا، وبإبداعاتنا ولن نستسلم لهم".

 

مديرة مدرسة عبسان الجديدة للبنات عطاف ماضي أشارت إلى أن ظاهرة الاكتظاظ في مدارس غزة باتت مشكلة تؤرق المسئولين، حيث لا يقل عدد الطلاب في بعض المدارس لاسيما الموجودة في المعسكرات عن 57 طالبا، ملفتة النظر إلى أن المشكلة تخف في المدارس النائية والحدودية بفعل قربها من الخط الحدودي مع الاحتلال.

 

ونوّهت إلى أن المشكلة قائمة منذ ثلاث سنوات، منذ بدأ الحصار الإسرائيلي على غزة، حيث يتعذر بناء أي صف فضلاً عن بناء مدرسة، وأضافت: "حتى لو تم بناء صف في كل مدرسة سينقص عدد الطلبة في الصف الواحد من 57 إلى 52، وبالتالي لم تحل المشكلة".

 

وحذرت ماضي خلال حديثها لـ"قدس برس" من تداعيات هذا الاكتظاظ الرهيب في المدارس، مؤكدة أنه وبحكم عملها السابق كمعلمة فإن هذا الأمر يؤثر تأثيرا سلبيا جدا على مجمل العملية التعليمية، حيث لا يستوعب الطالب ما يشرحه المدرس، كما لا يستطيع المدرس أن يسيطر على الفصل بهذا العدد الكبير من الطلبة.

 

وتابعت "أنا كنت أعمل في التعليم، وكنت أحيانا لا أطيق أن أدخل الصف الذي يكون فيه أكثر من 40 طالبا، لأنك ستواجه مشكلة الحر الشديد والرائحة الكريهة وضيق التنفس، فضلا عن انشغال الطلاب بالحديث الجانبي بسبب العدد الكبير، وعدم قدرة المعلم على متابعة الجميع".

ودعت ماضي إدارات المدارس إلى اعتماد سياسة الصف الدوّار من أجل تخفيف حدة المشكلة، بحيث يتم الاستفادة من المختبرات والمكتبات والمخازن في المدارس وتحويلها إلى "صف دوار"، كحل جزئي، ملفتة إلى أن الحل الأمثل هو بناء مدارس جديدة، الأمر المتعذر بفعل الحصار الإسرائيلي المحكم على غزة.

 

وقالت وفاء نعيم، (14 عاما) الطالبة في الصف الثاني الثانوي في مدرسة "النصيرات الإعدادية للبنات" وسط قطاع غزة: "نحن نواجه مشكلة الاستيعاب خلال الدروس في الصف، فالعدد كبير جدا، في صفنا 60 طالبة، لا بد من تخفيف العدد كثيرا حتى يصبح الجو مناسب".

 

وتابعت: "لا نستطيع شم هواء نظيف في الفصل، والمعلم يبقى يصرخ على بعض الطالبات طيلة الدرس، ولا نجد المتابعة الكافية من المدرس لأن عدد الطلاب كبير جدا، لذا نحن نريد أن يصبح الصف فقط 30 طالب كما يحدث في مدارس الوكالة".