خبر تراويح « الأقصى » تفتقد صوتي « العباسي » و« العملة » هذا العام

الساعة 08:01 ص|14 سبتمبر 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

"علي العباسي" و"محمد العملة".. صوتان نديان عطرا المسجد الأقصى بآيات الذكر الحكيم طيلة السنوات الماضية.. إلا أن رواد صلاة تراويح هذا العام يفتقدونهما، بعد أن أبعد الاحتلال الأول عن الإمامة، بل ومنعه من دخول الأقصى، فيما غيب القدر الثاني بعد أن وافته المنية مطلع هذا العام، ليصبحا جزءا من ذكريات كل من صلى خلفهما.

الشيخ "العباسي"، الذي كان يؤم المصلين في الصلاة الجهرية وفي صلاة التراويح بالمسجد الأقصى على مدار ما يزيد على 14 عامًا، حرم هذا العام من إمامة المصلين أو حتى الصلاة في الأقصى بعد أن أصدرت سلطات الاحتلال الشهر الماضي قرارا بإبعاده عن مدينة القدس المحتلة.

بكلمات مليئة بالحزن على فراق الأقصى، يقول العباسي: "شعور لا يمكن أن يوصف من الحسرة في كل يوم يمر علي.. فكم كنت أعيش معاني الحياة الروحية في أكناف الأقصى الذي ترعرت على مصاطبه".

ويضيف: "سلمني الاحتلال الشهر الماضي قرارًا بإبعادي عن المسجد الأقصى وعن مدينة القدس؛ بحجة عدم امتلاكي الهوية المقدسية".

ويستنكر "العباسي" هذا القرار ودوافعه قائلا: "أنا مقدسي، وولدت بالقدس ووالدي ووالدتي من المدينة.. ونعيش جميعا هنا وأبنائي وزوجتي يحملون الهوية المقدسية، أما أنا فلا؛ حيث يرفض الاحتلال منحي إياها بحجة أنني لم أكن أعيش بالقدس في طفولتي".

ويبين أنه أثناء حرب يونيو 1967 كانت عائلته تترد ما بين منزلهم في حي سلوان بالقدس، ومنزل آخر لهما في مدينة أريحا، ويتحجج الاحتلال بأنه أثناء إجراء الإحصاء عقب حرب 67 واحتلال القدس لم يكن "العباسي" داخل المدينة، ولهذا السبب منع من الحصول على الهوية المقدسية.

رمضان مختلف

رواد الأقصى هذا العام تلمسوا غياب الشيخين "العباسي" و"العملة"، إذ يقول أكرم: "كانت أصواتهم رائعة.. رمضان هذا العام مختلف.. من اليوم الأول لرمضان شعرت بالحزن الشديد على فراقهما".

ويضيف أكرم، وهو من مدينة الخليل ويتمكن من آن إلى آخر من صلاة التراويح في الأقصى: "معاني الروحانية والخشوع وأنت تصلي خلف العباسي تجعل دموعك تنهمر.. لقد كان يشعرنا بمعاني الإيمان الحقيقي".

بدوره، يقول الشاب محمود، من القدس: "لا نقلل من مقدار أي شيخ أو إمام، فكلهم أهل خير.. لكن الصوت الجميل والندي يبعث بالارتياح للنفس.. وإذا لم يحضر يفتقده الإنسان بسرعة، وهذا ما حصل معنا في رمضان هذا العام.. الكل يسأل أين العباسي، وأين أبو سائد (العملة)؟".

أما الحاج أبو علي، وهو في الستينات من عمره من مدينة نابلس، فيقول: "بحكم كبر سني فإنني أتمكن من الصلاة في الأقصى خلال رمضان، وما لمسته في تراويح الأقصى هذا العام هو غياب بعض الأصوات الإيمانية.. وعند سؤالي عن سبب ذلك قيل لي: الاحتلال والموت".

ويؤم المصلين في صلاة التراويح هذا العام كل من الشيخ محمد علي العباسي ابن الشيخ علي العباسي، والشيخ صلاح العكرماوي، والشيخ عادل عوض، إضافة إلى الشيخ يوسف أبو سنينة أحد الأئمة القدامى، والشيخ وليد صيام أحد المعاونين القدامى.

العباسي

والشيخ الدكتور "العباسي" من أئمة المسجد الأقصى المشهورين بصوتهم الندي في قراءة القرآن الكريم، وهو من مواليد القدس لعام 1960، وحصل على البكالوريوس من كلية الدعوة جامعة القدس عام 1983، وفي الفترة ما بين 1984 و1989 عمل خطيبا وإماما بعدد من مساجد القدس، ثم حصل على شهادة الماجستير في تخصص "الإسلاميات" من جامعة "البنجاب" في لاهور بباكستان، ولدى عودته أصبح مدربا في المدرسة الشرعية داخل المسجد الأقصى.

وفي عام 1993، عين "العباسي" إماما للأقصى، ثم سافر لمدة عام ليلتحق بجامعة بنجاب من جديد ليحصل على درجة الدكتوراه في "تفسير علوم القرآن الكريم"، وليعود من جديد إلى إمامة الناس في الصلاة الجهرية في الأقصى وفي صلاة التراويح طيلة الـ 14 عاما الماضية.

ويعتبر "العباسي" واحدا من أئمة الأقصى الأساسيين، ويتقن قراءة القرآن برواية حفص، وتمكن عام 1982من الحصول على المركز الأول على دور تحفيظ القرآن الكريم بالضفة الغربية المحتلة بعلامة 100% كتابة وقراءة.

العملة

أما الشيخ "العملة"، أو كما يعرفه مصلو الأقصى "أبو سائد" رحمه الله، فقد عرف عنه صوته الشدي بقراءة القرآن وموهبته في الترتيل، وذلك لخبرته ومعرفته في الإنشاد الإسلامي، حيث يقود واحدة من أبرز فرق النشيد الإسلامي والمدائح في القدس.

حصل أبو سائد على درجة البكالوريوس متأخرا من جامعة القدس المفتوحة، إلا أنه ورغم ذلك حصل على إجازة من دار القرآن الكريم في مدينة القدس في تلاوة القرآن وإتقان إحكامه، وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي حصل على إجازة من دائرة أوقاف القدس بتدريس أحكام التجويد والتلاوة في إحدى حلقات العلم بالمسجد الأقصى.

وعرف عنه أنه من "متطوعي" المسجد الأقصى منذ مطلع التسعينيات، حيث كان يتطوع للصلاة وإمامة الناس بالأقصى، وهو ما رشحه في عام 2000 للتعيين كإمام معاون في صلاة التراويح والصلاة الجهرية، وإلى جانب إمامة المصلين في الأقصى، شغل "أبو سائدة" وظيفة خطيب وإمام لبعض مساجد القدس، ومع مطلع هذا العام وافته المنية عن 52 عاما.