خبر السلام مفسد: عيد ميلاد اوسلو.. إسرائيل اليوم

الساعة 08:34 ص|13 سبتمبر 2009

بقلم: بوعز هعتسني

في 13 ايلول 1993 وقف في الساحة الخلفية للبيت الابيض زعيما اسرائيل رابين وبيرس، الرئيس الامريكي كلينتون وياسر عرفات، رئيس منظمة فتح الارهابية، الذي يحتفظ حتى اليوم بالرقم القياسي العالمي لقتل اليهود منذ هتلر وقد تصافحوا ووقعوا على وثيقة مبادىء للسلام بين اسرائيل و م.ت.ف – "اتفاق اوسلو" والذي في اعقابه ادخل الى البلاد عرفات ومؤسسة كاملة من المنظمات الارهابية.

الامل في  اسرائيل كان بأن الاعتراف، الاحترام وموطىء القدم الاقليمية ستؤدي الى السلام. السلطة الفلسطينية ستعالج الارهاب بدلا منا، "بدون محكمة العليا وبدون بتسيلم كما قضى رابين في 1994، واضاف في 1995: "لم تكن كاتيوشا على عسقلان من غزة ولن تكون".

غير انه مثلما حذر "اليمين المسيحاني"، تبين بأن الخطوة كانت تشبه محاولة لاعطاء تمساح ما قطعة لحم انتظارا بأن يجعله الامتنان قطة صغيرة.

في المرحلة الاولى اقيمت السلطة الفلسطينية التي تلقت سيادة في اريحا وقطاع غزة. وعندما دخل عرفات لاول مرة الى القطاع، خبأ معه في سيارته مخربا مطلوبا. واغرقت مناطق يهودا والسامرة وغزة بالسلاح.

الصحف كانت مليئة بالتقارير اللزجة عن السلام الذي يجتاز الحدود والذي سيصل بين اسرائيل وجيرانها بسكك الحديد، عن تناول الحمص في دمشق وعن السفر بالسيارة الى الخارج عبر لبنان، سوريا وتركيا. وزير الخارجية شمعون بيرس حطم ارقاما قياسيا في الخيال حين نشر كتابا وانكب على "الشرق الاوسط الجديد". وعندما تشوشت الامور وبدلا من السلام تطور ارهاب غير مسبوق، وصف بيرس قائمة المغدورين المتزايدة بأنها "ثمن السلام".

ووسائل الاعلام أيدت "المسيرة" بكل قوتها، اخفت قدر الامكان السقوط الامني والانتقاد وضخمت كل لقاء مع المخربين – بالبدلات، وكأن الحديث يدور عن وصول المسيح. الشرطة حطمت عظام متظاهري اليمين، والمخابرات زرع الاستفزازيين في منظمات اليمين كي يشهر بها، بغطاء من النيابة العامة ووسائل الاعلام. وحتى اليوم يتهم اليمين برفع صورة رابين وهو في زي الـ اس اس، رغم ان من نشر تلك الصورة كان عميلا للمخابرات "الشاباك".

اقامة السلطة الفلسطينية خلقت منطقة سائبة سمحت بالثراء السريع للمقربين من الطرفين. الادمان على المال السهل والمشكوك فيه للاعمال التجارية مع العدو ادى الى ان يمول المال الاسرائيلي الارهاب ضد اسرائيل. عزرد ليف، الذي كان ضالعا في ذلك، خاف وكشف النقاب عن ذلك في كتاب اصدره "من داخل جيب الرئيس"، جملة من الامور الباعثة على الصدمة من "السلام" الفساد والخيانة.

اسرائيل سلمت اراض، تكبدت خسائر، ادخلت نحو ربع مليون ارهابي الى البلاد، دفعت اثمانا اقتصادية، أمنية واستخبارية هائلة وخلقت بكلتا يديها جبهة جديدة في قلب البلاد. التسامح تجاه ثمن "المسيرة" ادى ايضا الى التسليم بموجة هائلة من السرقات الفلسطينية للسيارات، الحواسيب، الادوية، والمعدات الزراعية.

بعد سنوات لاحقة، عندما شعروا بالثقة، كشف عرفات وفيصل الحسيني النقاب عن كيفية استخدام اتفاقيات اوسلو، كحصان طروادة في محاولة للسيطرة العربية على كل البلاد.

كل شيء تفجر في العام 2000 في عمليات مدرجة بالدماء نفذها الجيش الارهاب العربي الذي بني على مدى سبع سنوات، وسط هتافات اليسار. نحو 1500 اسرائيلي دفعوا الثمن بحياتهم لقاء هذه المغامرة الهاذية. موجات الارهاب لم تقطع الا بعد ان عاد الجيش الاسرائيلي ليستولي على مناطق في يهودا والسامرة، في حملة السور الواقي في العام 2002، بعد 130 قتيلا في عمليات في شهر واحد.

خلافا لكل الشعارات، اكتشفنا ان "السلام" مفسد و "الاحتلال" مهدىء. للدرس الذي تلقيناه كان ثمن فظيع. المشكلة هي انه من غير المؤكد على الاطلاق ان نكون تعلمناه.