خبر لينصهروا.. هآرتس

الساعة 12:35 م|10 سبتمبر 2009

بقلم: جدعون ليفي

جويل باين – ضائع. جوش فيلدمان ايضا ضائع. صورتيهما اللتان تشبهان صور المجرمين او المفقودين علقتا في حملة اعلانية جديدة. ديوان رئيس الوزراء والوكالة اليهودية طرحوا حملة "مفقودين". مكتب الاعلانات الذي كان مسؤولا عن حملة التخويف "دولة اسرائيل تجف" يوجه ضرباته مرة اخرى. في هذه المرة يخيفوننا من الانصهار.

"اتصلوا بالحملة" اقترح صاحب العقل اليهودي من وراء هذه الحملة مطالبا اليهود بأن يعلموهم عن اليهودي الذي يتزوج لا سمح الله من غير يهودية (ليغمرنا الله برحمته)، وهم بدورهم سيعرفون كيف يعالجون ذلك. هذه كانت حملة عنصرية تثير الاشمئزاز والنفور. هذه لم تكن مجرد خطوة وشاية، منفرة بحد ذاتها وانما بالاساس مضمونا لحملة تخويف شوفينية تم تخفيفها في الوقت الحاضر اثر ردود الفعل التي اثارتها. اليهودي الذي يتزوج من غير يهودية ليس "مفقودا" ومن المحتمل ان يكون سعيدا وثريا. الاعتقاد بان هذه الدعاية الرخيصة سيثنيه عن حبه وعقيدته او عن قلة ايمانه، هو اعتقاد ظلامي. ليس هناك شعب الان يشن حملات تخويف كهذه. الشعب اليهودي لم يعد بحاجة لها ودولة اسرائيل لا تمتلك حق شن مثل هذه الحملات.

13 مليون يهودي في العالم، 40 في المائة منهم يعيشون في اسرائيل و 40 في المائة في الولايات المتحدة. الاسرائيليون يمرون في عملية بلورة هوية جديدة لا يمكن لاية عملية انصهار ان تتغلب عليها. اما بالنسبة لباقي اليهود في العالم فان رغبوا فلينصهروا وان لم يرغبوا فلا ينصهروا. على اسرائيل ان تبقى بالنسبة لهم ملجأ او خيارا للهجرة. الحياة في اسرائيل اصلا خطيرة بالنسبة لليهود اكثر من اي مكان اخر في   العالم والحياة كأقلية غير يهودية في اسرائيل اسوء بدرجة لا تقارن من حياة الاقلية التي تعيشها اغلبية الجاليات اليهودية في العالم. الاعتقاد بان "سنة في اسرائيل ستجعلك عاشقا لها طوال العمر" كما يقول الشعار الدعاوي مضلل وخداع: اليس هناك سياح زاروا المكان يهودا وغير يهود، اقسموا بعد ذلك بأن لا تطأ قدمهم هذه الارض مرة اخرى؟ العنف والغلظة والجشع المادي والتطرف الوطني الشوفيني والنزعة الحربجية والعدوانية والاحتلال ليست امورا جيدة بالنسبة لاي احد.

صحيح ان كل الحملات الدعاوية الرخيصة التي تخوضها الوكالة اليهودية، "تغليد" و "التجربة الاسرائيلية" او "حملة" تحاول بأي ثمن اظهار اسرائيل بصورة جميلة وعادلة وقوية، ولكن التقاط صورة في زي الجيش الاسرائيلي، وزيارة سديروت، وحتى الزواج الجيد مع اسرائيلي، كلها امور لا تضمن شيئا. ان كانت اسرائيل جميلة وعادلة حقا فليست هناك حاجة لاية دعاية كانت. وطالما انها كذلك فلن يجدي كل الدعاويين نفعا. من الافضل لنا ان ننصهر وان نكون اصدقاء حقيقيين لاسرائيل على ان نكون يهودا مناصرين واصدقاء للاحتلال.

آن الاوان حتى ننضج من هذه التفاهات. نصف ابناء الشعب اليهودي في حالة انصهار على اساس خيارهم الشخصي وهذا حقهم الكامل وليس من حق احد ان ينتقد ذلك. هم ليسوا "ضائعين" خصوصا وبالضرورة ليس اكثر ممن تزوجوا يهودا مثلما نرغب ونضغط. ان انصهر يهود الشتات جزئيا فلن تحدث اية مصيبة. ليس في المجتمع المنفتح والليبرالي مكان لحملات التخويف من هذا الخطر المزعوم. ولكن عندنا كالعادة تكون الغلبة للاقدار: نحن لا نريد اسرائيل الكاملة فقط وانما نريد ايضا شعبا يهوديا كبيرا والى الجحيم كل ما عدا ذلك. بالضبط مثلما لا تتحول اسرائيل ان كانت كبيرة الى دولة افضل  واكثر عدالة، بل بالعكس.

آن الاوان ايضا لتفكيك كل اجهزة الدعاية ذات المفارقة الزمنية التي تمتلكها الوكالة اليهودية وبناتها. مال كثير أريق هناك عبثا. ما كان صحيحا للشعب من دون دولة لم يعد ذي صلة الان. كان من المفترض ان تقوم العلاقة مع يهود الشتات على دولة اسرائيل كمصدر للاعتزاز وهي ليست كذلك. على العكس افعال اسرائيل تشكل خطرا وسببا لخجل الشتات اليهودي في مرات عديدة. اسألوا يهود العالم عما قاله لهم جيرانهم في الشارع بعد عملية "الرصاص المصهور". اسألوهم متى تفاخروا في اخر مرة بما تفعله اسرائيل.

ان كان يهود العالم اعزاء على قلوبنا فعلا، فمن الافضل ان نتحول الى دولة اقل كراهية. هذا سيجلب لنا الكثير من الاحترام والعزة والارتباط باليهود، اكثر من كل "الحملات" الدعاوية بشتى اشكالها. صحيح ان الشبان هم الذين يعملون في هذه  الحملات وخصوصا اولئك الذين يمتلكون عالما خاويا، ولكن خيبة الامل لا تتأخر في المجيء. في ختام كل حملة "لتغليد" قد يظهر الانكشاف الحقيقي حول طابع هذا المجتمع والدولة التي اقيمت هنا.

جوش وجويل ليسا مفقودين او ضائعين. من ينعتهما بهذا الوصف اكثر توهانا وضياعا منهما.