خبر صراع البقاء بين المقاومة وأذناب المشروع الصهيوني .. عبد الله الأشعل

الساعة 09:08 ص|09 سبتمبر 2009

بقلم: عبد الله الأشعل

اللافت للنظر أن فريقا في الصحافة العربية لايكف عن مهاجمة المقاومة العربية ونعتها بأسوأ الصفات بل اعتبر البعض أن المقاومة جريمة في حق الشعوب العربية. ويشتد نقد المقاومة كلما تألقت في الصمود ضد كعبتهم إسرائيل ومصدر إلهامهم، لأنهم يراهنون على نجاح المشروع الصهيوني ويرون أن المقاومة واستمرارها هو العائق الوحيد في سبيل ازدهار هذا المشروع. هذا الفيلق الصهيوني العربي ينتشر في الصحف العربية بمقالات أسبوعية وبعضهم قيادات صحفية في أهم الصحف العربية ويعمدون بشكل منسق لتشويه صورة المقاومة وسواء كانت حملة تشويه المقاومة تتم بالتنسيق مع إسرائيل أو أنها تتم تقربا إلى من يفتح لهم الصفحات والأبواب والمناصب بعد أن أصبح ضبط الإيقاع على التصدي للمقاومة بعد مرحلة فشل النظم الرسمية في التصدي لإسرائيل هو كلمة السر والعلن. وأظن أنني لست بحاجة إلى إجراء مسح بأسماء الكتاب وعناوين مقالاتهم التي تحمل من القسوة على المقاومة أكثر مما تحمل الأقلام الإسرائيلية، ولكني أقطع بأن ملامح الفريق العربي الصهيوني واضحة في الصحافة العربية، وأن هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة جامعية متخصصة حول مكانة المقاومة في الحياة العربية. وقد ساعد على فتح هذا الباب أن النظم العربية بشكل عام لاتحدد موقفها من المقاومة، فلم نعرف أن نظاما عربيا غير سوريا والسودان إلى حد ما واليمن أيد المقاومة، كما لم نعرف أن نظاما عربيا تحدث بصراحة ضد المقاومة إلا السلطة الفلسطينية التي كانت أهم خطاب التوصية الذي قدم لأبو مازن عند واشنطن أنه فلسطيني ومن القيادات الموازية وأنه يمقت المقاومة ويعتبرها عملاً لا أخلاقياً. ولاشك أن الدراسة الأكاديمية يجب أن تعرض لموقع الخارجية الإسرائيلية وتسترشد منه بأسماء الكتاب العرب الذين يعتبرهم الموقع أبطالاً في السجل الصهيوني، وأتمنى أن تقيم إسرائيل في ميادينها نصباً تذكارية لبعض الزعماء والكتاب العرب الذين منحوا المشروع الصهيوني من داخل المواقع العربية فرص عمره، ولا أظن أن الباحث سوف يحد مشقة في ذلك ويكفيه أن يجمع تصريحات الزعماء الصهاينة وعبارات الامتنان التي كالوها لبعض الرؤساء والكتاب العرب، وشعورهم بالإمتنان خلال حملتهم على لبنان 2006 وعلى غزة 2008/2009 وكيف ان تصريحات وكتابات ومواقف هذا الفريق الصهيوني كانت خير مساند معنوي للصهاينة في هذه الحملات. ونحن في المنطقة العربية لابد أن نصدر كتابا أسود بأسماء هؤلاء جميعاً وكتابا أبيض بأسماء الشهداء والشرفاء حتى لاتضيع الذاكرة العربية ويلتبس الوعي العربي وتوضع هالات التقديس والاكبار حول خونة كفاح هذه الأمة بينما تضيع أسماء الشرفاء في سحب الشك والغموض والهجوم الفاجر الذي يمارسه هذا الفريق ضدهم في معركة البقاء، وكفى بالتاريخ شاهداً على كل من تحالف مع أعداء هذه الأمة.

وأرجو أن تتسع الدراسة لتفصيل ذرائع هذا الهجوم القاسي والمنسق على المقاومة تحت ستار حرية الصحافة بينما تقتصر هذه الحرية على نقد المقاومة دون سواها، وقد لاحظنا أثناء محرقة غزة كيف أن هذا الفريق خشي من بطش الرأي العام وهو يرقب مؤامرة إحراق غزة طوال 23 يوماً فعمد إلى إدانة الوحشية الإسرائيلية وسربل هذه الإدانة بإدانة المقاومة أيضاً واتهمها بأنها تورطت عمداً في هذه المحرقة حتى تحرق الشعب مقابل مكاسب سياسية لزعماء المقاومة، بل وقال بعضهم أن المحرقة أشعلتها إيران حتى يكون لها موطئ قدم في الملف الفلسطيني واتهمت المقاومة بالعمالة لإيران في لبنان وفلسطين ولكن الفيلق لم يستطع أن يتهم إيران بدعم المقاومة العراقية فاتهم هذه المقاومة بأنها متواطئة مع الأصولية والقاعدة والبعث الذي تسبب في ضياع العراق.

ومن الواضح أن هناك أسماء معينة تواظب على توظيف مقالتها الأسبوعية لمساندة كل فكرة تنال من المقاومة تعلي شأن إسرائيل حتى إن أحد كبار المطبعين في مصر يجد له في الصحف العربية - بعد أن جفته الصحافة المصرية- كل الترحيب، وأنه دعا في إحدى المرات إلى أن الحل الأمثل للصراع العربي الإسرائيلي هو التخلي عن المقاومة وإشاعة ثقافة التسليم بقوة إسرائيل وتحضرها وانهزام الحضارة العربية والإسلامية (الواهمة) وطالب الكتاب العرب بعقد مؤتمر دولي مع الكتاب الصهاينة، وهو يعلم أنه فصل من إحدى النقابات المهنية أصلا بسبب دعوته إلى إشاعة كل ما يفيد إسرائيل بدعاوى العقلانية والتنوير والانفتاح والحضارة، ولايبزه في رسالته سوى الكاتب الكويتي الذي كان يرجو إسرائيل أن تجتث المقاومة العربية في فلسطين ولبنان.

فهل هذا الفريق الصهيوني يريد وقف المقاومة ولديه حلول مع إسرائيل لاسترداد الحقوق العربية أم أنه مغرم بإسرائيل ويريدها أن تتمدد في المنطقة وتهيمن على مقدراتها؟ إن كان يريد استرداد الحقوق بغير المقاومة فلدينا المبادرة العربية التي ستظل رمزاً للخضوع العربي وانكسار الإرادة العربية مادامت بلا أوراق قوة تحميها. وإن كان هذا الفيلق يريد الاستسلام للمشروع الصهيوني بدعاوي اليأس من المواجهة أو القناعة بالمنطق الإسرائيلي فلا أظن أن هذه الدعاوي تلقى صدى لدى الإنسان العادي مهما تواضعت ثقافته وتدهور وعيه، لأنها دعوة تناقض الفطرة الإنسانية، أن يخضع الإنسان لغاصبيه وجلاديه.

أيها الشباب عليكم أن تلفظوا هذا الفيلق الصهيوني وألا تنخدعوا بالأسماء العربية والإسلامية فهم طابور خامس فتحت لهم أبواب العمل ضد المنطق والكرامة وإجماع الأمة، والله غالب على أمره ولن تجد لسنة الله تبديلا.

وأخيراً تحية لشهداء الأمة الأبرار، وتحية للمقاومة الصامدة الرمز الباقي من الكرامة العربية في عصر صار فيه التجرد من دواعي الكرامة ورموزها ضرباً من ضروب المدنية والحضارة.