خبر إخلاء المستوطنات متأخر جداً .. يديعوت

الساعة 08:55 ص|09 سبتمبر 2009

بقلم: سيفر بلوتسكر

نصف مليون. نصف مليون يهودي اسرائيلي اقاموا منازلهم خلف الخط الاخضر، الحدود بين اسرائيل والاردن في العام 1967. 200 الف منهم يسكنون في المناطق التي عرفتها اسرائيل كجزء من القدس الموسعة وضمتها الى سيادتها، و 300 الف آخرين في باقي مناطق يهودا والسامرة – او الضفة الغربية.

التركيبة الاجتماعية – الاقتصادية للجمهور اليهودي خلف حدود 1967 ليست موحدة: في الاحياء اليهودية من القدس الشرقية وفي المدن المحيط بها (مثل معاليه ادوميم) تسكن عائلات من الطبقة الوسطى الميسورة، بمستوى معيشة عالية نسبيا ومع معدلات تشغيل كما هو قائم في البلاد. في المراكز السكانية القديمة (مثل كرنيه شومرون) يسكن الجيل الثاني من جماعة ارض اسرائيل الكاملة، ممن تدفقوا الى هناك لاعتبارات دينية – ايديولوجية؛ هم ايضا ميسورون. وبالمقابل، في معظم البلدات الجديدة (مثل بيتار عيليت) تبرز نسبة عالية جدا من اليهود الاصوليين، مع معدلات منخفضة من حيث المشاركة في قوة العمل ومعدلات فقر عالية.

النمو الطبيعي للسكان اليهود خلف الخط الاخضر عال، نحو 2 في المائة في السنة. ويضاف الى هذا تيار لا يتوقف من العائلات التي تنتقل الى المناطق لاعتبارات اقتصادية واجتماعية. هذه اساسا هي عائلات اصولية ودينية – توراتية؛ وهي تجد في بلدات يهودا والسامرة ما لا تناله ايديها في اسرائيل: سكن معقول وزهيد الثمن، دعم حكومي بوفرة ومحيط ذا طابع ديني.

اذا كان عدد اليهود في كل ارجاء يهودا والسامرة، بما في ذلك مناطق القدس الشرقية، سيواصل الارتفاع بالوتيرة الحالية، فان عدد السكان اليهود خلف "الخط الاخضر" اياه والذي شطب من وعي الاسرائيليين سيكون في العام 2025 نحو 750 الف نسمة. ولكن اليوم ايضا، عندما يبلغ العدد "فقط" 500 الف، فان الاستيطان اليهودي في المناطق قرر منذ الان بقدر كبير مصير اسرائيل.

علينا فقط أن نسأل انفسنا ماذا كان سيحصل في اسرائيل نفسها دون "المشروع الاستيطاني" اياه حسب ما يسميه مؤيدوه. اين كان سيسكن نصف مليون امرأة، طفل ورجل آخرين داخل حدود 1967؟ كم مدنا، احياء وبلدات جديدة كان ينبغي بناؤها من أجلهم؟ أي بنى تحتية كان ينبغي اقامتها؟ كم طريقا آخر ينبغي شقه – بدلا من تلك التي شقت في اراضي الضفة، بعضها لليهود فقط؟ الى أي ارتفاع كان سيصعد الاكتظاظ السكاني في وسط البلاد وفي القدس الغربية؟

اخلال 8 الاف مستوطن يهودي من قطاع غزة واستيعابهم في اسرائيل كلف دافعي الضرائب 10 مليار شيكل. من يرغب في اعادة العجلة الى الوراء واخلاء الاسرائيليين من المناطق خلف حدود 1967 ، ينبغي له أن يستثمر في ذلك نحو 600 مليار شيكل. ثمن خيالي تماما.

دون أن يفهم الفلسطينيون المسيرة، ودون أن يعطي معظم مواطني اسرائيل الرأي فيها، اصبحت المناطق خلف حدود 1967 رحاب الاستيعاب الاساس للسكان اليهود الجدد: مهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق، مقدسيين شبان، اصوليين في أزمة وغيرهم. "المناطق" شكلت خلفية اقليمية لاسرائيل وأدت هذا الدور بنجاح عظيم.

اليسار السياسي في اسرائيل يعتقد بان الغلبة له، ويجلب كبرهان قاطع على ذلك اعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لحم من جسد الليكود، في صالح دولة فلسطينية مشروطة. اليسار مخطىء: عندما اهتم هو بـ "مسيرة سياسية" عقيمة، اليمين السياسي النشط، باسناد ومساعدة كل حكومات اسرائيل باستثناء واحدة، انشغل بتطوير الاستيطان اليهودي في المناطق.

نصف مليون يهودي خلف الخط الاخضر هي نقطة اللاعودة. الاحاديث عن "تجميد البناء" او "ارجاء البناء" في مستوطنات معينة هي سخف وغطاء مؤخرة للزعماء – في اسرائيل، في فلسطين وفي العالم – وهم يعرفون في اعماق نفوسهم بان سبق السيف العدل. في ارض اسرائيل الانتدابية، بين البحر والنهر، نشأت متاهة لشعبين غير قابلة للحل؛ شكشوكة (خليط بندورة وبيض) من اليهود والفلسطينيين لا يمكن ان نسترجع منها بيضا منفصلا كاملا. متأخر جدا.