خبر هل يُنظم عباس انتخابات للضفة دون غزة؟ ..ياسر الزعاترة

الساعة 01:50 م|08 سبتمبر 2009

هل يُنظم عباس انتخابات للضفة دون غزة؟ ..ياسر الزعاترة

  

ـ الدستور الأردنية 8/9/2009

ثمة توقعات تدعمها مؤشرات عديدة لا يقلل من شأنها بعض النفي المعلن ، تقول بأن الرئيس الفلسطيني (المنتهية ولايته) محمود عباس سيعلن خلال الأسابيع المقبلة الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة والقطاع ، وذلك من أجل استكمال حلقات المسلسل الذي بدأ بالمؤتمر السادس لحركة فتح ، ومن بعده عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني بمن حضر وانتخاب ستة أعضاء جدد للجنة التنفيذية ، وبالطبع ستكون نتيجة تلك الانتخابات مضمونة بالكامل لصالحه ، أولا لأن فتح لن ترشح سواه للرئاسة ، وثانيا لأن حماس لن تشارك ، وقطاع غزة كذلك.

سيقال بالطبع إن حماس هي التي كرست الانقسام برفضها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع من جديد ، الأمر الذي يتجاهل مسلسل الديمقراطية المزعومة تحت الاحتلال الذي صدقه البعض في حماس ، وهي ديمقراطية كانت مصممة لذات المهمة التي يجري الترتيب لها الآن ، أي منح الشرعية الكاملة لمجموعة قيادية لها مسارها السياسي المعروف ، وعندما جاءت النتيجة خلاف المتوقع وقع الانقلاب عليها (حماس هي التي انقلبت بحسب أولئك ، متجاهلين أن أحدا لم يعترف بفوزها من الناحية العملية ، حيث مُنحت حكومة ليس لها منها غير المسميات الخارجية).

ما سيقال أيضا هو أن حماس خائفة من نتيجة الانتخابات تبعا لفشل سياساتها بعد فوزها السابق ، لكأن إنجازات الطرف الآخر لا تترك للفلسطينيين خيارا غير مبايعته ، في حين يستند البعض إلى نظرية أنهم لن يعيدوا انتخابها خوفا من تكرار مسلسل الحصار.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن لحماس أن تخوض انتخابات تدرك أن العالم كله سيتواطأ على تزويرها ، فيما تدرك أيضا أن وقوع المعجزة وتحقيقها للفوز لن يغير الكثير ، حيث سيعود مسلسل الحصار من جديد ، فيما لن تسلم لها الضفة الغربية بعد "الإنجازات" العظيمة التي تحققت هناك ببركة دايتون والمعونات الأجنبية ، والتي لن تتواصل بغير حكومة يعترف العالم بها ، الأمر الذي لا ينطبق على حكومة تديرها حماس ، بل ربما تشارك فيها أيضا ، اللهم إلا إذا اعترفت بشروط الرباعية.

ما يريدونه من حماس إذن هو خوض انتخابات تعرف نتيجتها ، وتعرف ما سيتلوها أيضا ، ممثلا في سيطرة قادة السلطة على الوضع برمته ، ومضيهم في برنامج خريطة الطريق الذي سيمتد ليطال القطاع بعدما انتهى بقدر ما من الضفة التي تعرض فرع الحركة فيها إلى استهداف شامل يقول القائمون عليه: إنه نتاج التزام بخريطة الطريق أكثر من أي شيء آخر.

يدرك محمود عباس أن من الأفضل له ولبرنامجه أن لا تشارك حماس في الانتخابات ، حتى لو كانت ستخسرها ، هو الذي نزل عليه الحسم العسكري كهدية من السماء ، وبالطبع حين خلّصه من صداع القطاع ، بل إن طريقة تعامله مع حركة فتح في القطاع كما تبدت في المؤتمر السادس تشير إلى أنه لم يعد معنيا بكل ما يجري هناك في الوقت الراهن.

سبب ذلك هو الحاجة إلى مسلسل قد يطول من القمع والملاحقة كي تكفّ الحركة عن مناكفة برنامجه السياسي ، فضلا عن إمكانية التصعيد مع الاحتلال من جديد ، الأمر الذي قد يعطل المفاوضات الذي ستبدأ برعاية أوباما وإدارته المسكونة بهاجس الإنجاز الفلسطيني على أمل المساعدة في تسوية الملفات الأخرى في العراق وأفغانستان ومع إيران ، وإن رأى البعض أن القطاع لم يعد مهما ما دامت الضفة تحت إدارة دايتون.

كل ذلك لا يغير في حقيقة أن حماس تعيش مأزق الخيارات ، لاسيما إذا مضى برنامج الانتخابات ، وعطف بإعلان القطاع إقليما متمردا ، الأمر الذي نتج ابتداءً عن مشاركتها في انتخابات سلطة صممت لخدمة الاحتلال ، ثم ازداد سوءً إثر حسمها العسكري الذي حشرها في قمقم القطاع وترك فرعها في الضفة رهن عملية استهداف بشعة ، وهو ما ينطبق على القضية برمتها التي أصبحت رهينة خيار واحد مجرّب وواضح المآل.

لمواجهة هذا الوضع ليس أمام الحركة سوى التفاهم - مع الجهاد وفصائل أخرى ومع الغاضبين في حركة فتح - على مسار جديد يعيد تشكيل اللعبة برمتها ، وذلك عبر إدارة بالتوافق للقطاع وإعلان مقاومة في كل الأرض الفلسطينية ، مع العمل على إعادة تشكيل منظمة التحرير على أسس ديمقراطية في الداخل والخارج كي تكون ممثلا لكل الفلسطينيين.