خبر الدولة ستقف صامتة.. يديعوت

الساعة 11:36 ص|07 سبتمبر 2009

بقلم: عمانويل روزين

الأقوال الحازمة التي اطلقها ايهود باراك للتلميذ الذي سأله عن تحرير جلعاد شليت ("أنا لا اوصي بالتباكي... الدولة لا يمكنها أن تضمن سلامتك")، كادت تلقي بي نحو 49 سنة الى الوراء، الى خطاب اليمين للرئيس جون ب. كندي: "لا تسألوا ما يمكن لبلادكم ان تفعله من أجلكم؛ اسألوا ما يمكنكم ان تفعلوه من أجل بلادكم"، قال في حينه السياسي المحبوب ومنذئذ وحتى اليوم يكاد لا يوجد احد يتحدى فكرته الصلبة هذه عن علاقة المواطن بالدولة.

باراك يواصل الخط الفاشل الذي حطمه في الحملة الانتخابية، فهو ليس لطيفا، ليس على الموضة وليس مستطابا. هو زعيم شجاع وصلب ينظر الينا في بياض العيون فيما ينبغي لنا أن نقف صامتين وان نؤدي التحية للمتحدث الاكثر أوسمة في تاريخ الجيش الاسرائيلي. المشكلة هي أن باراك ليس حقا لا كندي ولا حتى أوباما. وحتى لو كان في كلامه منطق فان النبرة المستخفة التي ترافقه، الاحساس بانه يرانا جميعا اناسا دون من أعلى قممه، وكذا المعرفة بان باراك هو سياسي الكلمات الكبيرة والشجاعة ("فجر يوم جديد") ولكن رجل الافعال الصغيرة والجبانة – كل هذه تبعدنا فقط عن الرغبة في الانصات اليه والاستيعاب وبذات القدر تبعد باراك عن أمل العودة لان يكون ذات مرة زعيما حقيقيا.

حتى لو كانت حقيقة في الحديث عن أن البكائية ليست سبيلا وحتى لو كان صحيحا ان الدولة ليست شركة تأمين، ولا حتى لجنودها، فان باراك كعادته يقول الكلمات غير الصحيحة في الزمن غير الصحيح وفي المكان غير الصحيح، يثير الاعجاب بدلا من أن يهدئها، يخرب بدلا من ان يصلح. اسرائيل ليست امريكا. هناك يوم الذكرى لشهداء الحروب هو يوم التسوق الوطني، لا احد يقف دقيقة صمت، لا يوجد بث حزن في التلفزيون وعندما يقتل جنود لن تقرأوا في "نيويورك تايمز" قصصا تثير الانفعال عنهم.

الفكرة الاسرائيلية التي على أساسها يسير ابناء 18 الى الجيش هي فكرة "كل اسرائيل متكافلون الواحد للاخر" و "لا نترك جريحا أو أسيرا لمصيره". في الولايات المتحدة توجد سياسة واضحة ومعلنة، بموجبها لا مفاوضات ولا صفقات مع الارهابيين. سقطت في الاسر؟ نحن نشاركك حزنك ولكننا لن ندفع حتى بجندي واحد كي نحررك.

باراك آمن من اللحظة الاولى بانه يجب اعادة جلعاد شليت الى الديار حتى ولو بثمن باهظ. هذا الموقف المنسجم من جانبه جعله يصطدم في الحكومة السابقة مع اولمرت ومع لفني. وكذا مع رئيسي المخابرات والموساد. ولكن المشكلة هي، كالمعتاد، ليست في عقل الرجل بل في طريقة عمله. طريقة مخلولة وكيدية، تجعل رفاقه وناخبيه يملونه.

باراك، كزعيم الاشتراكية الاسرائيلية المزعومة كان ينبغي له أن يهتم بنقطة اخرى. اسرائيل 2009 هي دولة بمفهوم معين تحقق بالطريقة الاسوأ رؤيا الرئيس كندي. أكثر من 2.000 جمعية خاصة تعمل عندنا لتقديم المساعدات للمحتاجين، المرضى والجوعى. وليس فقط الكفاح لتحرير شليت يديره بشكل خاص ابناء عائلته، رفاقه ووسائل الاعلام؛ بل الكفاح في سبيل حياة طفلة صغيرة اسمها عميت كدوش، تحتاج الى عملية جراحية عاجلة وباهظة الثمن هو كفاح خاص ومخصخص. إذ أن "دولة الرفاه عندنا" لا يمكنها أن تضمن سلامتنا، حتى لو كنا بكائين.

باراك ملزم بان يفهم بان رعاياه يشعرون أنفسهم متروكين لمصيرهم. عليه أن يتحدث اليهم لا ان يوبخهم. وبالاساس محظور عليه أن ينسى بانه آخر من يحق له المزايدة الاخلاقية عليهم. السياسي الذي يضحك على ناخبيه ويتجاهل بفظاظة نتائج الانتخابات، والتي ارسلته الى البيت لا يمكنه أن يطلب منهم ان يكونوا راشدين منضبطي النفس. فهو نفسه تركهم وراءه لمصيره، مشوشين بل وربما متباكين بعض الشيء.