خبر كارتر يدعو للتعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين

الساعة 07:43 ص|06 سبتمبر 2009

فلسطين اليوم – غزة

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فى عددها الصادر أمس، السبت مقالاً للرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر يتحدث فيه عن فرص إحلال السلام فى الشرق الأوسط، وتضمن مقال كارتر دعوة ضمنية إلى ضرورة التعايش المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيلين، قائلاً إنه يمثل أفضل فرصة لمواجهة التحديات والفرص المشتركة.. وفيما يلى نص المقال.

 

خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، قمت بزيارة الشرق الأوسط أربع مرات والتقيت مع مسئولين فى إسرائيل ومصر ولبنان والسعودية والأردن وسوريا والضفة الغربية وغزة. وكنت فى دمشق عندما ألقى الرئيس باراك أوباما خطابه التاريخى فى القاهرة، والذى أثار آمالاً كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الأكثر تفاؤلاً والذين يعرفون أن إصراره على الوقف الكامل للتوسع الاستيطانى هو مفتاح أى اتفاق سلام مقبول أو أى ردود إيجابية إزاء إسرائيل من قبل الدول العربية.

 

فى أواخر الشهر الماضى سافرت إلى المنطقة مع جماعة من "الحكماء"، من بينهم الأسقف ديزموند توتو ورئيس البرازيل السابق فرناندو هنريك كاردوسو ورئيسة أيرلندا السابقة مارى روبنسون ورئيس الوزراء النرويجى السابق جرو بروندتلاند والناشطة الحقوقية الهندية إيلا بات. وكان ثلاثة منا قد زار غزة من قبل التى تحولت الآن إلى جيتو مغلق يسكنه حوالى 1.6 مليون فلسطينيى، منهم 1.1 مليون من اللاجئين من إسرائيل والضفة الغربية، ويتلقون المساعدات الإنسانية الأساسية من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة. وتمنع إسرائيل دخول الأسمنت أو الخشب أو الحبوب وألاسمدة ومئات من المواد الأخرى الضرورية عبر بوابات القطاع. بعض البضائع الإضافية تصل إلى غزة من مصر عن طريق الأنفاق. ولا يستطيع الغزاويون إنتاج الغذاء اللازم لهم أو إصلاح المدارس والمستشفيات والمؤسسات التجارية أو حتى 50 ألف منزل تم تدميرها أو لحق بها ضرر كبير فى الهجوم الذى شنته إسرائيل على القطاع فى يناير الماضى.

 

وجدنا إحساسا متناميا بالقلق واليأس بين هؤلاء الذين لاحظوا مثلنا أن التوسع الاستيطانى مستمر ويزحف بسرعة نحو القرى الفلسطينية وقمم التلال والمناطق الزراعية وبساتين الزيتون. فهناك أكثر من مائتى مستوطنة إسرائيلية فى الضفة الغربية.

 

وما يدعو للقلق أكثر أن التوسع يحدث فى القدس الشرقية. فقبل ثلاثة أشهر قمت بزيارة عائلة كانت تعيش على مدار أربعة أجيال فى منزلهم الصغير الذى صودر مؤخراً. وعملوا على تدميره بأنفسهم لتجنب تكاليف أكثر إذا قامت الجرافات الإسرائيلية بتنفيذ قرار الهدم.

 

وفى 27 أغسطس الماضى، نحن "الحكماء" قدمنا هدية لـ 18 من أعضاء عائلة حانون الذين تمت مصادرة منزلهم الذى عاشوا فيه لـ 65 عاماً. وتعيش عائلة حانون الآن فى الشارع ومعهم ستة أطفال فى حين أن المستوطنين الإسرائيليين انتقلوا إلى منزلهم.

 

وتشير عناوين الصحف الصادرة فى القدس يومياً إلى أن مناطق سيتم استبعادها من تجميد الاستيطان، وأنه سيكون فى أفضل الأحوال تجميد لفترة محدودة. ويرى الفلسطينيون الذين يزداد إحساسهم باليأس أنه لا يوجد امكانية كبيرة للتخفيف من حدة محنتهم. فالقادة السياسيون والاقتصاديون والأكاديميون يضعون خططا للطوارئ فى حال فشل جهود الرئيس أوباما.

 

لقد لمسنا اهتماماً كبيراً فى دعوة المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى خافيير سولانا للأمم المتحدة لتأييد حل الدولتين، والذى تلتزم به الحكومة الأمريكية وأعضاء الراعية الدولية الآخرين (الأمم المتحدة وروسيا). واقترح سولانا أن تعترف الأمم المتحدة بحدود ما قبل 5 يونيو 1967 بين إسرائيل وفلسطين والاتفاق على مصير اللاجئين الفلسطينيين وكيفية تقاسم القدس. ويمكن أن تصبح فلسطين عضواً كاملاً فى الأمم المتحدة وتتمتع بعلاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى الذين يتوق الكثير منهم للرد. وقد وصف لنا رئيس الوزراء الفلسطينى سلام فياض خطته أحادية الجانب لتصبح فلسطين دولة مستقلة.

 

ثمة بديل آخر يميل إلى الانهيار فى الوقت الحالى وهو الدولة الواحدة، التى تمثل هدفاً للمسئولين الإسرائيليين الذين يصرون على استعمار الضفة الغربية والقدس الشرقية.

 

أغلب القادة الفلسطينيين الذين التقينا معهم يأخذون بعين الاعتبار وبشكل جدى قبول حل دولة واحدة بين نهر الأردن والبحر المتوسط. فبرفض حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، فإن الفلسطينيين قد يصبحوا مواطنيين مع جيرانهم اليهود ثم يطالبون بحقوقهم فى دولة ديمقراطية. وفى هذا النضال السلمى من أجل الحصول على الحقوق المدنية، سيكون نموذجهم المهاتما غاندى ومارتن لوثر كينج ونيلسون مانديلا.

 

ويعى الفلسطينيون الاتجاهات الديمجرافية. فغير اليهود يمثلون أغلبية ضئيلة من مجموع المواطنيين فى هذه المنطقة، وخلال سنوات قليلة سيصبح العرب أغلبية واضحة. لذا، فإن حل الدولتين هو الحل المفضل وتم تبنيه على مستوى القاعدة الشعبية.

 

فى جنوب مدينة القدس يعمل سكان وادى فوكين الفلسطينيين مع سكان منطقة تسور هداسا الإسرائيلية لحماية القرية التى يتقاسموها من الصخور التى تسقط عيها واحتمال خسارة الأرض نتيجة التوسع الاستيطانى. وكان أمراً جيداً أن نرى انسجاماً دولياً يواجه فيه القرويون التحديات والفرص المشتركة.

 

وهناك ما يقرب من 25 منطقة يتقاسمها الفلسطينيون والإسرائيليون عبر الحدود. ويعد أفضل بديل للمستقبل هو التفاوض على اتفاق سلام حتى يمكن أن يسود فيه نموذج وادى فوكين.