خبر فليفعل ذلك من يقدر ويؤمن.. علي عقلة عرسان علي عقلة عرسان

الساعة 01:32 م|04 سبتمبر 2009

 

 

 

فليفعل ذلك من يقدر ويؤمن..                                                                                      

علي عقلة عرسان

القدس في ذروة الخطر، والتهويد مستمر، حصار غزة مستمر، والمشاريع المعلنة والخفية لترحيل عرب 1948 وعرب القدس والخليل مستمرة.. وخطة دايتون تنفذ بدقة وصمت، والتحالف الغربي مع الكيان الصهيوني يتوطد.. والتطبيع يسعى على قديمين في السر والعلن وتحت ذرائع شتى، ويروجه في هذا لمكان أو ذاك  يريد أن يقدم أوراق اعتماد للصهيونية ولغرب ليبقى سيداً أو ليصبح سيداً. النوم العربي انقلب إلى سبات، والتواطؤ ضد الحق والشعب والوطن لا حدود له ولا وصف له ولا مسميات له، فالواقع يسخر من الكلمات ويكشف عجزها عن الوصف. كل شيء أصبح منذ زمن أكثر من واضح وأكثر من مثير. وكلما مر وقت وجرى تفاوض أو "تآمر تحت مظلة التفاوض"، تموت لنا حقوق وتتراجع إرادة ويفلس منطق، وندخل مدافن الأحياء ونحن تحت التخدير، نخسر أكثر ونصمت أطول، ونترك من يفرطون بالحقوق والأوطان يقدمون المزيد ويقبضون المزيد، ويعبثون بنا ليل نهار.

هذا وضع لا يُقبل ولا يطاق، وآن لنا أن نرفضه بقوة وقسوة ونعد لما بعده مما هو أفضل منه، وأن نعلن تمسكنا بثوابتنا وحقوقنا كاملة ونعمل على تحقيق برامج مغايرة لما أدخلتنا في الجهات والرسميات لعربية التي تقدم الخاص على العام والشخصي على الوطني، والوطني على القومي.. وقد نسيت التزامها وانتماءها وتملصت من مسؤولياتها حيال قضية العرب المركزية، قضية فلسطين، ومن مسؤولياتها عن الأقصى، وكل ما يتصل بمسؤولية عربية مشتركة من قضايا عربية مصيرية.. وصارت مصلحة الحكم والحاكم فوق مصير القطر والشعب، ومصير القطر وثلة من الناس فيه فوق مصير الأمة العربية كلها.؟ وتراجع الفكر القومي الحاضن للطموحات والتطلعات المشروعة، وللمسؤولية القومية، والانتماء، والمواجهة على المستوى القومي، تراجع إلى حيث لا يكاد يرتفع لأحد في مجاله صوت إلا على بعض ورق لا يكاد يقرأ ما فيه  أحد، وبعض من يقرأ يستشعر حالة من رفع العتب وتبرئة الذمة، فيغط في النوم.

إن عودة مسؤولة إلى حالة الانتماء والمسؤولية القومية والمواجهة، مطلوبة بقوة وسرعة، ورافعة الفكر القومي والعمل القومي على أرضية الإيمان بالله والوطن وحق الأمة في الحياة والتقدم، ً ينبغي أن تعمل ليل نهار، لأن الاستهداف يفرخ في كل مكان ويستنسر بغاثه، والفتك بالهوية والعقيدة وبالشعور القومي والقضايا القومية، وبكل من يرفع الصوت مخلصاً لقضية ورؤية ثابتة تجمع بين العروبة والإسلام في وحدة هدف وصف ومصير،  يستمر ويمول وينشر في الإعلام، ويرحب به من هم على طرف الخط الثاني من التعامل معه ومع من يعادون الأمة والعقيدة.

إنها قضايا عربية مصيرية بامتياز تلك التي أصبح من العادي جداً ألا يعطي كثير من العرب أهمية لها، وأن يهاجمها ويستهزئ بمن يعمل لها ويؤمن بها كل من هب ودب.. وعلى رأسها قضية فلسطين والقدس وما يتصل بهما ويتفرع عنهما، والوضع العربي الذي يتفتت هنا وهناك من دون شعور قومي بالمسؤولية عن الحياة والحقوق والعلاقات والمصير، عن التاريخ والثقافة والحضارة. المحتل الصهيوني والأميركي، أصبح أقرب لبعض العرب من المقاومة ومن بعض العرب، والتحالف مع الصهيوني والأميركي المحتلين لأرضنا وإرادتنا، من فوق الطاولة أو من تحتها، ضد عرب أو ضد قضيايا عربية مصيرية ومصالح عربية عليا.. أصبح هو المميز " للعربي العصري الحضاري الواعي المتقدم الذي يكره الأمة ويشهر بها ويعلن عن موتها وهي حية، ويرى أن الأمة "غرقت وانتهت" وأن عليه " ومن حقه" أن ويسابق الزمن ليقفز من المركب لكي يتحاشى الغرق؟.

نحن في الوضع الأصعب، والوقت الأشد ضيقاً وتضييقاً على القابضين على قوميتهم ودينهم وانتمائهم وحقوقهم وأحلامهم المشروعة.

في هذين الوضع والوقت بالذات جاء إعلان يشبه الانتفاضة الروحية والصحوة من كابوس طال أمده، إعلان قد يشبه كثيرون بالوهم والحلم والعيش خارج العصر.. ولكنه جرس الإنذار يقرع، وصحوة العقل والضمير والقلب تعود، وتمرد على التآمر والتخاذل والتفريط والتنازل يعلن عن نفسه.. وهو خيار جدير بالتركيز عليه لرفض الكوارث الكامنة في استمرار الصمت واجترار الاعتراض في ظلام النفس وظلمات الوقت.. وحتى لو كان الإعلان حلم يقظة فهو خير من كوابيس الصحو المخزية التي نعيشها ونحن ننظر من حولنا مستنكرين وغير مصدقين، ونبقى خشباً مسندة.

أتكلم عن إعلان قومي بشأن فلسطين، في الوقت الذي يذبح فيه كل ما بقى من فلسطين بأيدي بعض أبنائها وبعض العرب.. إعلان تحت عنوان" هدفنا التحرير وليس الدويلة أو السلطة أو التعايش"، وهذا نصه:

[[ لقد كثرت أطروحات المتخاذلين واللاهثين من العرب الفلسطينيين وغيرهم، عن أية تسوية ما مع الصهاينة اليهود، ضاربين بكفاح الشعب الفلسطيني عرضَ الحائط على امتداد أكثر من مئة عام، ومستهترين بدماء الشهداء التي روت تراب فلسطين من أجل تحريرها.

 

ولذلك نعيد التأكيد بأن فلسطين عربية من البحر إلى النهر، وأن كل حياد عن عروبة فلسطين يقود إلى التفريط بالأسس والثوابت وإلى انحراف البوصلة السياسية. وفي ظل الهوس الرسمي وغير الرسمي العربي المتلهف على جهود أوباما لإعادة إحياء "العملية السلمية" السخيفة، وفي ظل تكاثر المؤتمرات واللقاءات التطبيعية الباحثة عما تقول إنه "حل للمسألة الفلسطينية"..

نعيد التأكيد أننا ضد كل مشاريع التسوية، سواء أكانت ما يُسمى مشروع الدولة الديمقراطية الواحدة أم مشروع الدولتين، أم الوطن البديل والتوطين، وأي مشروع بديل عن التحرير الكامل، لأن تلك المشاريع المطروحة خيانية، هدفها تصفية القضية الفلسطينية، ومنح المستعمر اليهودي شرعية وجوده على حساب أرضنا وشعبنا، مع العلم أن اليهود ليسوا شعباً واحداً متجانساً، ولا قومية، بل هم تجمع ديني استعماري من عروق وأجناس وقوميات متعددة جاء إلى فلسطين على خلفية أوهام توراتية وحركة صهيونية عالمية، تقاطعت مع مشروع استعماري هدفه شق الأمة العربية إلى جزأين، ومنع تحررنا الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وإعاقة وحدة الأمة العربية وبناء دولتها القومية الممتدة من المحيط إلى الخليج. 

إن إلهاءنا بفكرة الدويلة المسخ والسلطة، هدفه صرف توجهنا عن تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، والجوهر الحقيقي الوطني والتاريخي والقانوني والأخلاقي هو تحريرها، وليس البحث في متاهات مشاريع تصفوية، تصنعها القوى الإمبريالية الغربية وعلى رأسها التحالف الأمريكي- الصهيوني.

لذلك ندعو كل الشرفاء الوطنيين الأحرار لرص الصف الوطني وإعلاء أصواتنا جميعاً لإعادة المسيرة النضالية من خلال التمسك بالميثاق الفلسطيني الوطني القومي لعام 1968 القائم على الثوابت وفي طليعتها تحرير كامل أرض فلسطين التاريخية عبر طريق المقاومة المسلحة. 

هدفنا ليس دويلة مسخاً أو دولة يشاركنا فيها المستعمرون الصهاينة اليهود، ففلسطين عربية ولا مكان لأولئك بيننا.]].

 هذا هو نص إعلان يقف إلى جانبه الشعب العربي، إنه يجدد الروح ويعلن عن الذات، وينعش الإرادة.. ويتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، ويقول بملء الصوت: ما متنا ولن يموت حقنا، لسنا بضاعة للمتاجرين بالدم والشهداء والحقوق والقضايا، نحن هنا جذر الشعب في الأرض، الزيتون ونوره وناره.. نحن نناضل من أجل الحق والحرية والحياة الكريمة، وسنبقى على قول وموقف كحد السيف ولمع البرق، يَقُدُّ الظلم، ويضيئ طريق العابرين إلى المستقبل الذي نراه لنا مهما طال الزمن وعظُمَت التضحيات: " فلسطين عربية"، والقدس لنا وهي عاصمتها، وصراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود وليس نزاعاً على حدود.. هكذا قلنا دائماً، وهكذا نقول الآن وهذا ما ندعو إليه الناس.. وهي دعوة إلى للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، إلى جانب المقاومة والميثاق الوطني من دون تعديل أو تحوير أو إساءة تفسير، إلى جانب القدس وأهلها الذين يتعرضون لأنواع التضييق والاقتلاع والتشريد، ويتمسكون بأرضهم وبيوتهم، وحين يطردون منها بقوة سلاح العصابات لصهيونية وإرهابها المستمر، يخيمون أمامها ليقولوا للعرب قبل العالم، ولمن خذلهم قبل من تآمر عليهم:  سنبقى في أرضنا، أرض فلسطين، في القدس، تنزيه الله وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، القدس رمز قضية فلسطين وعاصمتها، وحول المسجد الأقصى الذي بارك لله من حوله. وسوف ننتصر.. سوف ننتصر.

فلينصر الحق العربي من ينصره من أبناء الشعب العربي الذين يرفضون الذل والاستسلام والمحو، ويثقون بمستقبل أفضل للأمة العربية كلها.. فليفعل ذلك من يقدر ويؤمن.. ولينصرن الله من ينصره.