خبر انقلاب مازوز.. هآرتس

الساعة 11:31 ص|03 سبتمبر 2009

بقلم: آري شافيت

هذا الاسبوع كان اسبوع ميني مازوز. خمسة اشهر اخرى ستمر حتى انتهاء فترة عمل المستشار القضائي للحكومة، ولكنه ثبت نفسه في هذا الاسبوع في سجل التاريخ.

مازوز كان رئيس النيابة الاول في دولة اسرائيل الذي يقدم للمحاكمة رئيسا للدولة ورئيسا للوزراء في آن واحد. هو بذلك تفوق على اهارون باراك الاسطوري في السبعينيات. باراك تحرك ضد كبار المسؤولين في الحكم بجرأة واصرار، الا ان مازوز تفوق عليه. مازوز ارسل عمري شارون الى المحكمة وتساحي هنغفي وحاييم رامون وابراهام هيرشزون وشلومو بنزيري وايهود اولمرت وموشيه قصاب الى المحاكمة. لم يكن في اسرائيل ابدا مستشار قضائي استطاع ثني الطغمة الحاكمة انصياعا للقوانين كما فعل مازوز دائما.

الظروف التي عمل بها مازوز كانت صعبة. في اواسط الالفين اقتربت عملية افساد اسرائيل بسرعة الى نقطة اللاعودة. ضغط مراكز الاحزاب على وزراء الحكومة تحول الى نوع خطير من الارهاب السياسي. المعايير التي نشأت في الحكم المحلي اصبحت معايير غير معيارية وغير طبيعية. في موازاة ذلك نشأت عندنا نخب معينة وحالة مزاجية معارضة لسلطة القانون. الكثيرون سئموا من الديمقراطية الدستورية الاسرائيلية والقيود التي تفرضها على مراكز القوة الكبيرة. لذلك عندما خلع المستشار القضائي للحكومة قفازيه وقرر تنظيف الحظائر – حاولت جهات شديدة القوة افشاله. طوال سنوات عمل مازوز في بيئة ومناخ سياسي واعلامي معاد.

مازوز اضطر لمواجهة مشكلة شديدة اخرى. ميخائيل بن يائير، الياكيم روبنشتاين وعدنة اربيل تركوا له تركة اشكالية. لوائح الاتهام الفاضحة التي قدموها ضد يعقوب نئمان ورفائيل ايتان وافيغدور كهلاني الحقت ضررا شديدا بسمعة النيابة العامة. سلسلة من قرارات التبرئة المدوية للشخصيات الهامة تسببت بالشعور بان النيابة العامة تسارع للضغط على الزناد واحيانا تخطىء وتقع في جريرة الملاحقة السياسية.

حقيقة ان مازوز ليس اربيل لم تستوعب على المستوى الشعبي الاسرائيلي. رغم ان المستشار الحالي هو رجل قانون محافظ حريص ومستقيم الا انه هوجم مرارا وتكرارا بسبب الاخطاء الشديدة التي ارتكبتها الجهات التنفيذية القانونية المتسرعة في التسعينيات. ولان الامر كذلك خرج مازوز في حرب لنقاء المعايير ووجد نفسه في عزلة كبيرة. ثلة الفساد خاضت الكفاح ضده بلا هوادة، اما مجموعة سلطة القانون فقد تعاملت معه بارتياح. وحده من دون صحبة ومن دون رفاق ودعم شعبي اخذ يشق طريقه للامام.

بعد ذلك بخمس سنوات وسبعة اشهر – جاءتنا النتائج لتتحدث عن نفسها. مازوز قدم لوائح اتهام ضد 15 وزيرا وعضو كنيست ومديرا عاما وحاخامات وقضاة. 8 منهم ادينوا حتى الان ولم تتم تبرئة اي واحد منهم قضائيا. المستشار القضائي الذي رشقوه بالزفت والقاذورات بعد ان اغلق ملف الجزيرة اليونانية – حقق واتهم وادان شخصيات عامة اكثر من اي واحد من اسلافه.

ولكن انجاز مازوز الاكبر ليس فقط في كونه ذروة مواجهة الفساد السلطوي وانما لانه مصاب بعمى الالوان. مازوز لم يميز بين اليسار واليمين بين المتدينين والعلمانيين، بين الاشكناز والشرقيين.

حتى عهد مازوز كانت الاحصائيات الواردة مقلقة: الاغلبية الحاسمة من الشخصيات العامة التي اتهمت بارتكاب الجنايات كانت متدنية شرقية عربية او يمينية. صدفة؟ ربما. ولكن في عهد مازوز مرت هذه الصدفة ورحلت عن العالم. الجهات القانونية التنفيذية لم تركز على الهامشيين باصنافهم وانما تجرأت ولمست قلب قلب الزعامة السلطوية المهيمنة. حتى القضاة لم يعودوا يتمتعون من المناعة. بفضل مازوز اصبح واضحا للجميع اليوم ان القانون لا يميز بين مجموعة سكانية واخرى.

مازوز ليس ملاكا. في قضية قصاب وفي قضية رامون ارتكب الاخطاء ولكن التركيز المفرط على الاخطاء تسبب في تجاهل الانقلاب الدراماتيكي الذي اجترحه. في اخر اليوم قام مازوز بتنظيف الحظائر فعلا. هو اخاف الفاسدين واعاد لسلطة القانون هيبتها واستقامتها. سيذكر مازوز الى جانب اهارون باراك باعتباره احد المستشارين القانونيين الهامين في دولة اسرائيل.