خبر الرؤيا المجمدة.. هآرتس

الساعة 11:30 ص|03 سبتمبر 2009

بقلم: اسرائيل هرئيل

في عهد لم تكن فيه على الاطلاق قيود على البناء، او كانت قيود جزئية، ادار محمود عباس ابو مازن لقاءات مع اسحاق رابين، شمعون بيرس، بنيامين نتنياهو، ايهود باراك، اريئيل شارون وبالطبع ايهود اولمرت. والان بالذات حين يدير نتنياهو سياسة تجميد مطلق، يطلق ابو مازن له انذارا. دون تجميد البناء في المستوطنات، كما اعلن هذا الاسبوع في "الجزيرة"، لن يلتقي نتنياهو.

كل الادارات الامريكية مارست الضغط ضد المستوطنات في يهودا والسامرة. كانت هناك حكومات، مثل حكومة رابين لم تصمد امام الضغط واوقفت البناء الحكومي؛ ولكن لم يوقف اي رئيس وزراء – الى ان جاء نتنياهو – تماما البناء الخاص ايضا. لم يكن ابدا تجميد بهذا العمق، مثلما ادعى رؤساء المجالس في لقائهم مع نتنياهو،  اللقاء الذي كشفت "هآرتس" النقاب امس عن انعقاده.

غير ان نتنياهو، رغم الرئيس والمؤيدين له في واشنطن، في رام الله، في القاهرة، في تل ابيب والقدس – لا يمكنه ان يتعهد بشكل رسمي وعلني بأن ينفذ ما يحققه بالفعل. معظم رجال حزبه وكتلته في الكنيست يتهمونه بأنهم لم يرفعوه الى الحكم كي يكون مقاول تنفيذ – وبشكل اكثر تطرفا من المصدر – لدى اليسار، الفلسطينيين والامريكيين. اذا واصل السير في هذه الطريق، فلن يكون رئيس وزراء.

وبالفعل، من شأن نتنياهو ان يجد نفسه في وضع ان يكون او لا يكون: منذ الان تنسج خطط لبدايات بناء في آن واحد في عشرات المواقع في المستوطنات القديمة التي تختنق من التجميد. فماذا سيفعل نتنياهو؟ سيبعث بشرطة الوحدة الخاصة "يسم" لمهاجمة قدامى كدوميم، آلون موري وعوفرا مثلما فعل ايهود اولمرت لابنائهم واحفادهم في عامونة؟

التجميد كما يقول نتنياهو للمستوطنين ورجال الليكود الغاضبين، هو مؤقت. واضافة الى ذلك فانه ليس بمثابة تهديد على الوجود. اما ايران فنعم. بدون الامريكيين، كما يدعي فان ايران ستكون نووية. هذا الربط "يتسهار مقابل بوشهر" اذا كان رئيس الوزراء يؤمن به حقا، فهو اهانة للذكاء. الامريكيون، كما يقدر  الخبراء، لن يهاجموا ايران. والعقوبات، مهما كانت حادة، ستشدد فقط دافعية الطائفة الخمينية على تحقيق مآربها. غير ان خضوعا اسرائيليا لاملاء واحد، هو تجميد البناء، سيجعل الحكومة تحني الرأس مرة اخرى: فحتى لو مرت الموجة فانها لن تتجرأ على رفع القامة ومهاجمة ايران.

اسرائيل مستقلة في سياستها الخارجية، الامنية والاستيطانية ستثير معارضة وغضبا (وكأنها اليوم، وهي خانعة، الوضع مختلف)، ولكنها ستثير ايضا الخوف والتقدير – ولا سيما في نظر اعدائها – في أنها ليست مداسا لاخيلة رئيس امريكي لا يعرف بالضبط ما هي "الرؤيا" التي يتطلع اليها باستثناء اطلاق شعارات متصالحة، وليس كيفية تحقيقها.

رئيس السلطة الفلسطينية توصل على ما يبدو الى الاستنتاج بانه بسبب الدرك الذي هبطت اليه مكانة اسرائيل في العالم والتفتت الداخلي للصف الاسرائيلي فليس مجديا له الان استئناف المحادثات معها. من الافضل في نظره وضع تكون اسرائيل فيه متعرضة للهجوم من كل صوب وتواصل فقدان مكانتها، تراصها وثقتها بنفسها.

حين ينغلق عليها الطوق من كل ناحية، والحكومات والمنظمات لغير اهداف الربح تنشغل في ذلك على نحو مكثف في ارجاء المعمورة، سيكون ممكنا بدء السعي لتحقيق الرؤيا الحقيقية: دولة فلسطينية من النهر وحتى البحر.