خبر تحية للصف الأول.. هآرتس

الساعة 08:13 ص|01 سبتمبر 2009

بقلم: نحميا شتريسلر

الرسالة المفاجئة لهذا العام في مجال التربية جاءت من اوري كول من تل ابيب خريج الصف الثامن حديثا لهيئة تحرير صحيفة "هآرتس". الرسالة التي كتبت في العشرين من آب تدور حول نتائج اختبارات المقارنات الدولية التي موقعت تلاميذ اسرائيل مؤخرا في مرتبة متردية بصورة استثنائية: كسالى، جهلاء وحمقى. لدى التلميذ كول تفسير واحد لهذا التدهور. هو يقول انه من اللحظة التي اوضح فيها بان الاختبارات التي لا تدخل في الشهادة انها موجهة فقط "لاعتزاز دولة اسرائيل" فقد دفعه ذلك لاختيار الاجابات بصورة عشوائية والخروج من الامتحان باسرع وقت ممكن (وهذا ما فعله الكثيرون من رفاقه).

من المحتمل أن تكون هناك مشكلة قيم ولكن يبدو أنه لا يمكن الاستنتاج من اختبارات المقارنة بصدد مستوى العلم الذي يتمتع به التلاميذ. الا اننا لسنا بحاجة الى مثل هذه الاختبارات حتى نعرف ان جهازنا التعليمي مريض وسقيم.

صحيح أن هناك اساتذة ممتازون ولكن هناك ايضا اساتذة غير جيدين لا يستطيع الجهاز اخراجهم من صفوفه بسبب الحماية الشمولية التي تقدمها نقابات المعلمين لهم. وزير التربية والتعليم سابقا أمنون روبنشتاين قال انه نجح خلال سنوات خدمته كلها باقالة معلم واحد فقط.

وزارة التربية والتعليم التي تبحث عن استمالة الرأي العام، اختارت في السنوات الاخيرة الارتقاء بحقوق التلاميذ الا انها سحقت حقوق المعلم كليا. التلميذ اليوم هو زبون يتوجب نيل رضاه. لذلك لا يجدر بالمعلم ان يعاقبه وانما يجب أن يعطيه العلامات العالية.

من المحظور اليوم اخراج طالب مشاغب من صفه. لذلك تحولت المشاغبات الى أمر عادي. نصف وقت الدرس يهدر على تحقيق الهدوء وضبط التلاميذ ولا يواجه التلاميذ مشكلة في التحدث عبر الهاتف النقال او حتى الاكل خلال الدرس – هذه الاعمال التي لم تكن لتخطر بالبال في الماضي.

النهج الجديد المشوه يشير الى انه لا يتوجب مطالبة التلاميذ بصورة اكثر من اللازم. كل من يجد صعوبة في الدراسة (يعاني من عصر تعليمي)، ولا يتوجب مطالبته بامور يمكنها أن تحبطه. لا يتوجب مطالبة مجموع التلاميذ بقراءة الكتب او حفظ المعلومات. كما أن الامتحانات اصبحت بلا داع تقريبا. الجهاز التعليمي يقدس القاسم المشترك الادنى والضحالة. لم يعد مقبولا اعطاء واجبات منزلية خلال الاجازة لان الاجازة مقدسة. اما العلم فلا.

النتيجة هي تلاميذ لا يتحملون المسؤولية ولا يكترثون وذوي قدرات تعبيرية متدنية حتى الارباك. هناك ايضا جهل مذهل في كل ما يتعلق بالمفاهيم التاريخية والصهيونية واليهودية. قراءة الكتب اختفت تقريبا. وعدد التلاميذ الذي يتوجهون الى المساقات "الصعبة" آخذ في التناقص، مساقات مثل الرياضيات والعلوم والانجليزية على مستوى خمس وحدات.

ان كان الامر كذلك فلماذا نستغرب من ازدياد الطلب على المدارس الخاصة؟ وما الغرابة ان كانت اعداد متزايدة من الاهالي تبذل جهدها  اقتصاديا من أجل نقل ابنائها الى المكان الذي يدرسون فيه حقا؟ ذلك لان العلاقة بين مستوى العلم والثقافة في الحاضر وبين مستوى الربح وامكانيات التطور المهني في المستقبل واضحة للجميع. لذلك نحن بحاجة الى انقلاب في الجهاز التعليمي. يتوجب ادارة المقود 180 درجة والعودة الى القيم القديمة الجيدة.

يتوجب رفع مطالب الدخول في الاختصاصات التعليمية التربية ومطالبة كل معلم بان يكون حاصلا على اللقب الاول على الاقل بالاضافة الى لقب في مجال التربية. يتوجب اعادة المكانة للمعلم والصلاحيات حتى يتمكن من السيطرة على صفه لا ان يسيطر التلاميذ عليه.

يتوجب اعطاء مدراء المدارس حرية ادارية كاملة وميزانية خاضعة لصلاحياتهم. بامكان المدير أن يختار المعلمين وان يتنازل عن الفاشلين وان يعطي اجرا مرتفعا للكواكب المتفوقين. مستوى الانجاز والتفوق يجب ان ينتقل من مرحلة الكلام الفارغ الى التنفيذ العملي في المدارس.

وزارة التربية والتعليم حصلت في السنوات الاخيرة على ميزانية عالية تبلغ 5 مليارات شيكل في اطار خطة "افق جديد" التي حسنت من رواتب المعلمين في المدارس الابتدائية. نتيجة لذلك – اصبحت نفقات التلميذ في اسرائيل اعلى من المتوسط الاوروبي. المشكلة هي أن جزءا كبيرا جدا من الميزانية يوجه للنفقات الادارية والوظيفية والشرائح الادارية التي لا داعي لها بدلا من اجور المعلمين.

اوري كول انهى المرحلة الثانوية. ولكن رفاقه الصغار الذين يدخلون اليوم الى الصف الاول يستحقون جهازا تعليميا افضل واكثر تعليما وتربية. هذا الجهاز يجب أن يكون جهازا يمنح الكرامة للمعلم ويطالب التلاميذ بجهد اكبر ويعيد المدارس الى قواعد الانضباط التي شهدناها في الماضي. ومن دون خصميات من فضلكم.