خبر موضوع العدل.. معاريف

الساعة 12:26 م|20 أغسطس 2009

بقلم: عوفر شيلح

موقفان محببان على نحو خاص على بوغي يعلون: موقف المربي الوطني وموقف الانسان المستقيم، الذي لسانه، قلبه وأفعاله متساوية. الرجل الذي قال ذات مرة ان المنصب الذي سيرغب فيه لنفسه في الحكومة سيكون وزير التعليم، والذي عين رئيسا لشعبة القوى البشرية بدعوى انه ينبغي تربية المجتمع الاسرائيلي وأنه الرجل المناسب لذلك – وضع نفسه بينما كان لا يزال في البزة العسكرية كمبرهن على ضعفنا. والرجل الذي تحدث عن الثعابين في وزارة الدفاع يستطيب وضعية البريء في أرض الالاعيب، وهي الكلمة التي يطلقها باحتقار نحو كل من يختلف معه.

ولكن مثل كثيرين آخرين قبله، يتبين يعلون بالتدريج كمن لا يستوعب على الاطلاق ان ما غفر له حين كان في البزة، بسبب شعبية منصبه وبسبب الفرضية التلقائية بان ضابط الجيش هو خادم الجمهور النقي من النوايا المبيتة يعتبر خلاف ذلك تماما حين يكون سياسيا. ومثل كثيرين آخرين قبله، ينسى يعلون ايضا بخفة شديدة جدا ما يريحه، ويسير بخفة كبيرة جدا خلف ما هو مرغوب فيه من ناحية سامعيه.

حسب ما نشر، يدعي يعلون انه قال في محافل مغلقة انه في كل مرة يجلب فيها السياسيون حمامة السلام، يكون رجال الجيش ملزمون بان ينظفوا بعدهم. ولم يبدِ شجاعة مشابهة على الملأ: مع انه يحاول اليوم ان يعرض نفسه كمن عارض بشدة فك الارتباط. يجد صعوبة من كانوا في قلب القرار اياه في أن يتذكروا مرة واحدة وقف فيها حتى في النقاشات المغلقة ضد ارئيل شارون (تصريحاته عن "ريح اسناد للارهاب" كانت بالذات في عهد الحملة الانتخابية، حين كان شارون نفسه يعارض الانسحاب حتى من نتساريم). واذا كان فكر ذات مرة بوضع رتبته على الطاولة كي يمنع ما يصفه اليوم بالمصيبة الوطنية معروف مسبقا، فحتى المقربين جدا له لم يسمعوا منه عن ذلك – بل العكس، حين لم تمدد ولايته ادعى بحزم بانه كان سينفذ حملة فك الارتباط بشكل لا يقل جودة عن دان حلوتس.

في عالم يعلون، عدله مطلق ومن يختلف معه موبوء اخلاقيا. موظفو المالية لم يكونوا اناسا مستقيمين رأيهم يختلف عن رأيه في موضوع ميزانية الدفاع، بل شبه خونة للدولة. "السلام الان" ليسوا اناسا يعتقدون بان الاحتلال مفسد وفاسد لاسرائيل، بل فيروس. وكل من يطالبه بالمسؤولية عن عمل او قصور هو صاحب الاعيب فاسد: بوغي تساءل حقا في كل مرة يدعي فيها أحد ما بانه بصفته رئيسا للاركان لثلاث سنوات فان له نصيبا في الخلل الذي اصاب جاهزية الجيش الاسرائيلي في حرب لبنان الثانية، في انماط العمل وفي طريقة اتخاذ القرارات المخلولة التي استشرت في الجيش. لا أعتقد أنه هو المذنب الاساس، ولكنه يرى اخفاقا اخلاقيا في مجرد الادعاء بان له ذنب ما في ذلك.

لقد صدف لي غير مرة أن تطرقت الى قصيدة الترمان التي يحملها يعلون معه من مكتب الى مكتب، والتي يقول فيها الشيطان بان الطريقة لضرب اسرائيل هي من خلال تشويش عقل الشعب، "ونسي أن الحق معه". يعلون يرى في احداث العقد الاخير نوعا من الاختبار الاخلاقي الذي فشل كثيرون فيه – ولا سيما زعماء سياسيين وعسكريين ليسوا هو – ويفترض أن يعود المجتمع الاسرائيلي الى القيم القديمة التي آمن بها.

هذا على ما يرام تماما، رغم حقيقة أن كل من يفكر خلاف ذلك يصفه بالمخلول اخلاقيا والخائن للهدف الوطني. ذات مرة اتهمنا جميعنا: المجتمع الاسرائيلي قال في اثناء الانتفاضة الثانية، هو الحلقة الضعيفة في المواجهة – وكأن المجتمع هو نوع من الملصق الوطني الذي يفشل في المساعدة التي يمنحها للقوات المهاجمة. اما الان، وما العمل، فان بعضنا سيصوتون له في الانتخابات التمهيدية التالية في الليكود، وعليه فان هذا البعض اخلاقي وطاهر. اما الباقون، اولئك الذين ليسوا مع بوغي فهم فيروس. وهذا بالطبع ليس احبولة اعلامية على الواقع او مجرد تزلف للجمهور المحتمل ان يؤيده؛ كيف يمكنني على الاطلاق أن افكر بمثل هذا الامر. فهو، هو فقط، يحمل في جيبه العدل.