خبر نحن لا نعيش من افواههم -هآرتس

الساعة 09:19 ص|17 أغسطس 2009

بقلم: شمعون شامير

 (المضمون: مطلب الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية خاطىء وهو ذريعة لاعاقة التقدم نحو السلام - المصدر).

في الجدل  السياسي الاسرائيلي تتعالى في الاونة الاخيرة اصوات تطالب العرب وخصوصا الفلسطينيين بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية او دولة للشعب اليهودي. المطلب مطروح بصورة انذارية ترفض اتفاقيات السلام مع العرب الذين يرفضونه. هذا مطلب مثير للاشكال.

اعتبار دولة اسرائيل يهودية هو قرار وموقف ايديولوجي وهو من شأن مواطني الدولة وحدهم. الاعتراف بالدولة في العلاقات الدولية يتم وفق معايير مثل السيادة والاستقلال والسيطرة على الارض. التعريف الايديولوجي للدولة ليس من شأن الدول الاخرى طالما لا يشكل تهديدا عدوانيا عليها.

ليس من شأننا مثلا ان اعتبر مصر نفسها اسلامية او عربية او افريقية او فرعونية. نحن نعترف بالكيان السياسي المصري وصورتها الايديولوجية تتحدد من قبل فعالياتها السياسية الداخلية. الدول تحظى بالاعتراف في العالم من دون صلة بكونها شيوعية او رأس مالية وطنية او متعددة القوميات.

اسرائيل عقدت السلام مع مصر والاردن من دون ان تطلب الاعتراف بهويتها كدولة يهودية. لم تكن هناك امكانية او احتمالية لفرض هذا الشرط على الاردن ومصر. انا اذكر انه بعد توقيع اتفاق السلام مع مصر جاء الوزير بطرس غالي ورئيس الوزراء المصري السابق  مصطفى خليل الى جامعة تل ابيب في عام 1980 لاجراء لقاء مع طاقم الجامعة حول العلاقات بعد التوقيع. مصطفى خليل قال بانفعال: "نحن نرغب بعلاقات سلام وصداقة مع اسرائيل، ولكن علي ان اقول لكم بصراحة اننا عندما نتحدث عن اليهود لا نعتبرهم ابدا كيانا قوميا. وبطبيعة الحال لديكم في اسرائيل وفي الحركة الصهيونية وجهة نظر اخرى الا ان هذه وجهة نظرنا في مصر وعلي ان اطرحها امامكم باستقامة". خليل كان مؤيدا مخلصا للسلام مع اسرائيل.

مطلب الاعتراف بيهودية الدولة جاء لخدمة هدفين اثنين. على مستوى المصطلح – أريد منه توفير دولاب نجاة لمن ادعوا دائما ان الجانب العربي غير مستعد للسلام ويواجهون اليوم قيادة عربية تعبر عن قبولها المبدئي للسلام. هم قلقون بصورة خاصة من مبادرة السلام العربية التي تقترح علاقات طبيعية وانهاء للصراع وتضع تحفظات على حق العودة من خلال اشتراطه بالموافقة الاسرائيلية. كل هذا مقابل خطوات اسرائيلية لا تختلف في اغلبيتها عن تلك المطلوبة وفقا للموقف الامريكي. بدعة "الاختبار" الاضافي جاءت اذا باحياء ذريعة الرفض العربية التي كانت تساق دائما.

الهدف الثاني على المستوى العملياتي – هذا المطلب جاء لمواجهة الضغوط المطالبة باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين خصوصا بعد ان اضطرت حكومة اسرائيل للاعتراف بمبدأ الدولتين من خلال طرح شرط للاتفاق كان واضحا ان الفلسطينيين لا يستطيعون قبوله. قبول هذا الشرط سيلزمهم باستبدال الرواية القومية الفلسطينية بالرواية الصهيونية لمجريات الاحداث هذه الرواية التي لا يقبلها حتى جزء كبير من العالم خلافا للاعتراف باسرائيل كدولة قائمة. نحن لا نعيش من افواههم.

لتعريف الدولة مترتبات على قضايا مثل قانون العودة العبري وعلاقات الاغلبية مع الاقلية العربية ولغة الدولة وثقافتها. ولكنه هذه مشاكل عملية يجب حل جزء منها من خلال المفاوضات السياسية والجزءالاخر من خلال الحواسم الداخلية للاسرة السياسية الاسرائيلية.

        الفلسطينيون سقطوا في الفخ الذي أعده لهم المطالبون بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. بدلا من القول ان ليس من شأنهم كيف يعرف الاسرائيليون دولتهم (كما اقترح رئيس الوزراء سلام فياض) هم تمترسوا وراء الموقف الرافض لوجود دولة يهودية بصورة صريحة. ليس لديهم اي حق في ذلك. ردهم الحازم هذا اصبح الان عقبة في طريق السلام وهي توازي العقبة التي انشأها مطلب الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية من الجانب الاخر.