خبر قضي المؤتمر فماذا بعد يا فتحُ" ...عبد الله الشاعر

الساعة 07:56 ص|14 أغسطس 2009

قضي المؤتمر فماذا بعد يا فتحُ" ...

عبد الله الشاعر

أخيراً وبعد عقدين من الزمن قضي الأمر وسيق الفتحاويون إلى بيت لحم, تعالت أصوات وتبعثرت أخرى، وبانت وجوه وتوارت عن الأنظار أخرى.. أسبوع من الاستعراض فتمخض المؤتمر وأنجب محاربين ومسالمين في آن ... وثوريين وتفاوضيين في آن كذلك. فهذا زمن الأضداد والخلطات التي لا تجانس فيها ولا تشابه.

 

بعد عشرين عاماً من الضياع والمؤتمر شماعةً تُحمل عليها كل الكوارث، وها هي الجموع تنفض باسمة وأخرى عابسة لم تفلح استغاثاتها في إثارة القبيلة  أو المنطقة أو المصالح الخفية أو الظاهرة..

 

انفضت جموع المشاركين لنعنون لمرحلة فتحاوية شعارها ( من المهد إلى اللحد) حيث اللحود صور متعددة ليس أقلها التفاوض والانقسام والإستقواء بالآخر أو الارتهان له.

 

قالوا في البدء كان الرصاص لكن بيت لحم أكدت أن الرصاص هو آخر الأشياء التي سُدّت بوجهها كل السبل، وغداً شعاراً استقطابياً ومرخصاً به _ ولو مرحلياً _ لبضعة أيام ريثما تنتهي العنتريات وتعود الحركة إلى هامشها الضيق ومساحتها التي أريد لها أن تكون .. مساحة لا تتسع لأكثر من الإغراءات من جهة والتخويف من البعبع الغزاوي من جهة أخرى.

 

قضي المؤتمر وعند كل امتحان  تبصق المثلُ .. هذا فوق خيبته غافِ وذاك إلى أطماعه يُعجلُ ... فشكراً لكل الذين استبدلوا دمنا بلقمة الخبز .. شكراً لكم فنحن هنا نعض على جراحنا وباسم الله نحتفل.

 

أسبوع من الأطماع .. أسبوع من الأعناق المشرئبة وتلك التي تجزّ بعضها.

 

هذا يقول أنا الجدير فاسمعوني وعلى كرسي المركزية بوؤوني .. وذلك يقول ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد فضعوا يديكم بيدي عسانا نطرد المفسدين من بيننا، وفي النهاية رأيناهم معاً يتبادلون التهاني ويوزعون الابتسامات فيا خسارة حزننا.

 

في الخامس رُحّلت قضايا وشُكّل لأخرى لجان، وفي السادس أثيرت قضايا وشُكّلت لأخرى لجان، وعظم الله أجركم فهذا المؤتمر لم يفلح سوى بتغيير الأسماء ونشر الغسيل الذي سيترك في عراء الوطن الدامي.

 

بضعة عقود مضت وكثير من الأتباع لا يدري أشرٌ أريد بفتح أم أرادت لها المفاوضات رشداً ... كان الكفاح المسلح العنوان الذي يستقطب الأعضاء المناصرين وكانت فلسطين من بحرها لنهرها مسيجة بعيون الكفاح والنضال، وكنا نقول :" نبري أظافرنا بري السكاكين إن ضاقت بنا الحبلُ ... وكنا نرى فلسطين كل فلسطين أرضاً مقدسة بمرآها  عيون الخلق تكتحلُ.

 

بضعة عقود مضت وها نحن نأتي اليوم نستسمج  البارود لأنا حفرنا في كرامته جرحاً ليس يندملُ.

 

لقد رحلت عن عرش فتح وجوه ولم ترحل عقول ... لم ترحل الأفكار التي حوّلت  فتح من حركة وطنية مقاومة إلى حزب يمد السلطة بأسباب البقاء ويقود الشعب لمزيد من الضياع.

 

لقد قالت فتح عن نفسها أكثر مما يمكن لمنتقد أن يقول .... تحدثت فتح عن الفساد والرشاوي  والضياع ... وتحدثت عن كل شيء حتى غدا الحديث الموضوعي خالٍ من أية مكرمة أو فضيلة، فأي خير سيحمله القادمون الجدد وهم يرثون حركة غرقت في الخطيئة حداً يصعب معه التغيير والصلاح.

 

نعم في البدء كان الرصاص .. رصاص يقاتل "إسرائيل" وحدها، أما اليوم فالرصاص في أيدي السلطة منحة من "إسرائيل" ودعم من وزارة حربها، فهل يُتوقع لهذا الرصاص أن يكون غير حارس لصاحبه الأصلي ولمشاريعه التي تسرق الوطن شبراً اثر شبر.

 

ربما لا يدرك المؤتمرون أن مخاطر التهويد لم تقتصر على مدينة القدس، فالقدس هُوّد ت وهي تلفظ آخر أنفاسها العربية، وها هي الضفة تجتاحها معاول التهويد الإسرائيلية، تهويد يكتسح الأرض والعقل والعواطف، .. تهويد بدأنا  نفقد معه كل أواصرنا ونسيجنا الاجتماعي وحصننا الأخلاقي كذلك، لذا فإنه لا يحق لفتح أن تكون كسابقتها حين فقدت ملامحها كحركة تحرر لصالح سلطة قيدتها الشروط وسلبتها كل ملامحها التحررية.