خبر رسالة إلى من يهمه الأمر آخر ..محمد السعيد ادريس

الساعة 04:12 م|13 أغسطس 2009

رسالة إلى من يهمه الأمر آخر

 

محمد السعيد ادريس ـ الخليج 13/8/2009

النشاط “الإسرائيلي” الراهن الرامي إلى امتلاك كل أوراق القرار المستقل لشن حرب مدمرة ضد المنشآت النووية الإيرانية يفرض على الدول العربية قبل غيرها، مراجعة المقولة المهمة التي يجرى تداولها على ألسنة كبار المحللين العسكريين الغربيين والعرب الخاصة باستحالة قيام “إسرائيل” بشن عمل عسكري منفرد، ودون مساعدة أمريكية، ضد إيران. المقولة صحيحة ولكن صحتها جاءت من شرط موضوعي لا يقل أهمية وهو “بقاء الأوضاع على ما هي عليه”، أي بقاء توازن القوى على ما هو عليه، سواء في ما يتعلق بقدرة “إسرائيل” على الوصول الآمن والدقيق إلى مواقع المنشآت النووية الإيرانية أولاً، والقدرة على التدمير الساحق، إن لم يكن الكامل ثانياً، ثم وهذا هو المهم، حرمان إيران من امتلاك القدرة على توجيه الضربة الثانية ضد “إسرائيل”، ثالثاً، أي منع إيران من الرد القوي والمؤثر والمدمر ل “إسرائيل” من خلال تدمير القدرات الصاروخية الإيرانية كخطوة أولى قبل تدمير المنشآت النووية الإيرانية.

حتى الآن ما زالت موازين القوى بين “إسرائيل” وإيران تؤكد استحالة قدرة “إسرائيل” على القيام، منفردة، ومن دون مساندة أمريكية بالمهمة، لكن الفرضية تتراجع اذا أخذنا في الاعتبار أن “إسرائيل” تسعى إلى تغيير هذا الشرط الموضوعي، بخلق أمر واقع جديد يعطيها القدرة المنفردة للقيام بالمهمة. من يتابع النشاط “الإسرائيلي” المحموم بهذا الخصوص في مقدوره أن يقتنع بأن هناك فرصاً باتت مواتية أمام “الإسرائيليين” للوصول إلى مرحلة الاعتماد الكامل على النفس للقيام بالمهمة عن طريق العديد من المهام التي يقومون بها الآن. أولى هذه المهام هي الإصرار على استعادة الموقف الأمريكي السابق الخاص بقناعة واشنطن أن الخيار العسكري هو الحل الأمثل للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني. أزمة إيران السياسية الأخيرة والنجاح الحثيث في سياسة “إسرائيل” للضغط على الرئيس الأمريكي عبر اللوبي الصهيوني واليمين المحافظ في الحزب الديمقراطي، ناهيك عن صقور الجمهوريين تقول إن هناك أملاً في أن تجدد الإدارة الأمريكية ثقتها في الحل العسكري للتعامل مع إيران إذا تداعت فرص الحوار الأمريكي - الإيراني، واذا استطاعت واشنطن أن تحقق نجاحات ملموسة في أفغانستان، وأن تدفع بعملية التسوية الفلسطينية خطوات ملموسة إلى الأمام. تغيير الأمر الواقع هو السياسة “الإسرائيلية” الراهنة لامتلاك القرار المستقل في ظل وجود قناعة استراتيجية “إسرائيلية” تربط بين امتلاك السلاح النووي والحفاظ على الوجود “الإسرائيلي” أولاً، وامتلاك المكانة والخطوة الإقليمية ثانياً، وفي ظل إدراك لخطر تمكين إيران من امتلاك السلاح النووي نظراً لما يتضمنه من تهديد الوجود “الإسرائيلي” وإفقاد “إسرائيل” التفرد بالمكانة والزعامة الإقليميتين. القضية مهمة لكن أهم ما فيها أن فكرة الحرب الوقائية عند “إسرائيل” لن تقتصر فقط على حرب وقائية ضد إيران، بل وضد كل مصادر التهديد للأمن ولطموحات المشروع الصهيوني كله، على الأخص إذا كانت مصادر التهديد هذه في ما يسمونه ب “الجوار العربي”، وهذه رسالة إلى كل من يهمه الأمر على أرض العرب.