خبر عام الكراهية -هآرتس

الساعة 09:49 ص|12 أغسطس 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: في غياب المجابهة مع العدو الخارجي تركزت الصراعات في الساحة الداخلية فاستحق عام 2009 لقب "عام الكراهية"  - المصدر).

في غياب المجابهة مع العدو الخارجي (على الاقل في الوقت الحاضر) يستحق عام 2009 ان نسميه "عام الكراهية". النقاش الشعبي في اسرائيل يتمحور في الاشهر الاخيرة حول هجمات حاقدة ضد مجموعات وقطاعات بعينها: العرب الاصوليون، المستوطنون، العلمانيون – الليبراليون. "هم" يطرحون كأعداء لدودين متآمرين يتوجب تحطيم قوتهم السياسية والاجتماعية.

هذه الكراهية ليست صدفية وليست عابرة. هي تعبر عن صراع حقيقي حول تناسب القوى في المجتمع الاسرائيلي الذي تميز دائما بالانشقاقات والقبلية. هناك من يريدون الاحتفاظ بمواقع القوة الموجودة لديهم، وهناك يتطلعون لنظام اجتماعي جديد. الخطوط الامامية لهذا الصراع تتغير وفقا للديموغرافية والمعايير السياسية السليمة. ليس من المعتاد اليوم التحريض ضد الشرقيين والقادمين من دول رابطة الشعوب او من اثيوبيا. اثر القتل في مركز الطائفة المتفاخرة بنفسها، لا يعود تشويه اسم المثليين جنسيا والمثلييات مسألة غير مشروعة. خسارة ان هذا الامر انتهى بالدم.

ولكن رغم ان اهداف الكراهية تتغير مع الوقت والظروف الا ان اوجه الكراهية متماثلة. الجانب الكاره يدعي انه ينطق باسم القيم الصحيحة الجديرة و "هم" يوصفون كخطر على وجود الدولة: الاصوليون الذين يريدون دولة توراتية، والعرب الذين يفضلون دولة لكل مواطنيها والمستوطنون الذين يقودوننا نحو الابارتهايد او الدولة ثنائية القومية، والعلمانيون واليساريون الذين يتخلون عن الصهيونية لصالح الترف والملذات.

كتعزيز للادعاء بوجود تهديد وجودي، "هم" يطرحون كأناس طفيليين معادين للقانون يستمتعون من كل خيرات الدولة من دون ان يتحملوا اعباءها.

الاصوليون والعرب لا يخدمون في الجيش و "لا يدفعون الضرائب" والتل ابيبيون يتهربون من الخدمة في الجيش او لا يتوجهون للوحدات القتالية والمستوطنون يكلفوننا المليارات ويتمتعون من خدمات مدعومة من خزينة الدولة والعرب والمستوطنون يبنون من دون تراخيص، والاصوليون لا يعملون ويعيشون على المخصصات.

النمو الطبيعي السريع من الاصوليين والعرب والمستوطنين يزيد من مستوى القلق: الدولة تتغير امام اعيننا وهي تسرق من بين ايدينا وعما قريب سيزدادون عددا ويسيطروا علينا فنتدهور نحو العالم الثالث. ها هم يسيطرون على احياء ومدن كانت في الماضي "لنا". اي خوف: العرب الذين اشتروا شققا في حي يهودي "سيرغبون في اقامة مسجد". الاصوليون يبنون كنيسا ومطهرة في شارعنا فيزجون بنا نحو الخارج. "القدس قد ضاعت من بين ايدينا". سيختطفون ابنائنا لاعادتهم الى حظيرة الدين. ويضايقوا بناتنا. من الجيد ان المعايير السياسية السليمة لا تتيح شن هجوم علني على نظافة الوسط المكروه المتدنية او قلة حضارته وثقافته او عاداته الجنسية. النقاش الشعبي نظف تقريبا من الافكار المسبقة المنفرة من هذا القبيل.

الكراهية لقطاعات بعينها تتميز بالرفض المطلق للعدو والبحث عن طرق للقضاء عليه او تقليص وجوده الذي يبعث على الضيق. الجانب الكاره يرغب في ان تقوم الدولة بتولي أمرهم وابعادهم عن الانظار: تحرم العرب من الجنسية، وتفرض الفصل العرقي والديني في المدن والاحياء وتجند الاصوليين للجيش وتفرض عليهم تعليما عاما وترحل المستوطنين وتهدم البؤر الاستيطانية وتقضي على المعقل العلماني المتمثل في محكمة العدل العليا. هذه الاقتراحات ليست عملية باغلبها وهذا يزيد فقط الشعور بالاحباط ويعزز من مظاهر الكراهية.

آن الاوان للقول: كفى فلتستكينوا. الدولة لن تنحل بهذه السرعة وانما ستتغير فقط وهذا التغير ينطوي على صراعات. ليس من الممكن منع ذلك. وليس من الممكن القضاء على قطاعات مضادة او اجبارها على الحب والحوار. لا جدوى من الارتكاز على خط بن غوريون الوطني العام الذي سعى لازالة الفوارق والتباينات – "من المفروض علينا ان نقوم بصهر كل هذا الجمهور المتنمر على نمط أمة تنبعث من جديد". هذه الافكار تعود لكتب التاريخ وليس لواقعنا الحاضر. وحتى بن غوريون الكبير لم ينجح في فرض دستور او تغيير طريقة الانتخابات او تعليم رسمي وطني على الاصوليين.

مهمة القيادة في عام 2009 لا تتمثل في فرض الرؤية الوطنية الموحدة على الجميع وانما رعاية المصالح المشتركة وابرازها حتى تسهل على الخصوم المتنازعين للعيش معا وتتيح للمجموعات الهامشية بالانخراط في التيار الاساسي في الدولة. هذا لا يخفي الكراهية الا انه سيوجه جزءا من الطاقة المبذولة عليها اليوم الى آفاق اكثر نجاعة لتصب في الصالح العام.