خبر تجميد من أجل العرقلة -هآرتس

الساعة 08:46 ص|09 أغسطس 2009

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: تجميد البناء في المستوطنات لا يخدم المساعي الساعية لعقد السلام في الشرق الاوسط حيث انه يعتبر غاية وليس وسيلة في هذه الحالة - المصدر).

ويقال على الفور:- الرجاء عدم تجميد البناء في المستوطنات، وعدم الايقاف الجزئي او التام، لا لنصف عام ولا ليوم واحد. طالما لم تأت الادارة الامريكية لتطرح خطة شاملة توضح ما الذي تسعى اليه، وكيف ستبدو نهاية اللعبة وما هي ملامح الدولة الفلسطينية وخطوطها – سيكون مطلب ايقاف البناء بلا معنى. تكرار بائس لنظرية "خطوات بناء الثقة" الذي لم يوصل الى اي مكان. تجميد البناء يماثل مطلب ازالة الحواجز او التوقف عن هدم البيوت – طالما ان هذه المطالب واشباهها تعني شيئا واحدا: تحويل استمرارية الاحتلال الى وضع اكثر لطفا.

لن يكون لمطلب ايقاف البناء تأثير على العملية السياسية طالما انهم لا يحدثون الجمهور الاسرائيلي والفلسطيني عن مصير نصف مليون اسرائيلي الذين يقطنون الان في الضفة وشرقي القدس. كم هو عدد الذين سيضطرون للرحيل منهم؟ وكم سيكلف ذلك ومن الذي سيدفع؟ الـ 7000 يهودي الذين تم اخلاؤهم من غزة كلفوا الدولة اكثر من عشرة مليارات شيكل. حتى وان تم ترحيل مائة الف يهودي فقط من الضفة فان حجم الاخلاء سيصل وفقا لهذه الحسابات الى 150 مليار شيكل او حوالي 50 في المائة من ميزانية الدولة لسنة كاملة. صحيح ان هذا 8 في المائة "فقط" من تكلفة الحرب الامريكية في العراق حتى الان ولكن على احد ما في واشنطن ان يقول بالفم المليء انه مستعد لتخصيص 8 في المائة كهذه في المنطقة مرة اخرى.

الضغط الامريكي سجل انجازا هاما عندما لوى ذراع بنيامين نتنياهو الى ان قال انا اريد "الدولتين للشعبين". ولكن ماذا بعد؟ هل تعتبر دولتا نتنياهو هاتان متطابقتان مع دولتي محمود عباس، ومع دولتي واشنطن؟ واين ستمر الحدود؟ ذلك لانه ان اتفق على ان نهاية العملية ستبقي الكتل الاستيطانية بيد اسرائيل، وان كانت هناك موافقة فلسطينية على ذلك مقابل تبادل الاراضي، فلماذا يتوجب ايقاف البناء في تلك الكتل الاستيطانية؟

المنطق يقول ان من الواجب مواصلة البناء بوتيرة سريعة في الكتل الاستيطانية تحديدا حتى تتمكن من استيعاب المرحلين من المستوطنات الاخرى. ولكن عندما لا تكون هناك خطة او موافقة حول الحدود يتحول مطلب تجميد البناء الى نوع من الهدف المستقل المعزول عن سياقه السياسي والذي يقصد فيما يقصده ابراز القدرات الامريكية على "فرض شيء ما" على اسرائيل. في الوقت الحاضر لا تنجح واشنطن في اجبار اسرائيل على ازالة البؤر الاستيطانية غير القانونية رغم الالتزام الذي قطعه نتنياهو على نفسه امام الامريكيين ورغم الضجة الكبرى التي افتعلها وزير الدفاع في الشهر الماضي.

محاولة فهم التحرك الامريكي كعملية من الطرف نحو الداخل وخطوة تكتيكية يراد منها ان تقود الى خطوات لاحقة اخرى قطعة وراء قطعة، تفضي الى طريق بلا مخرج بل وخطير ايضا. ذلك لانه لو افترضنا ان اسرائيل ستجمد البناء وان المفاوضات ستستأنف من جديد. ولنفترض ايضا رغم عدم وجود اساس حقيقي لذلك، ان عدة دول عربية ستوافق على منح اسرائيل لفتة على طريق التطبيع. المنتوج المنشود هو ان تؤدي مثل هذه الخطوة لبناء الثقة الى حث الحكومة الاسرائيلية على اقناع جمهورها بتأييد استمرار العملية والموافقة على انسحابات اخرى. ولكن ليس الجمهور هو الذي يحتاج الى التحفييز وانما الحكومة اليمينية التي يلعب ما تبقى من حزب العمل دور الغطاء لها. والادهى من ذلك ان هذه الحكومة ستوافق على تجميد تدريجي ومؤقت للبناء في المستوطنات وفي نفس الوقت تبذل كل ما بوسعها للبرهنة على عدم وجود شريك لها في الطرف الاخر يستحق صفة "الضحية" هذه. مع انتهاء الفصل الزمني المخصص للتجميد سيكون بامكان الحكومة ان تحتفل بفشل المفاوضات والبرهنة للامريكيين بان الضغط قد مورس في المكان الخاطىء. احتمالية اعادة تحريك العملية ستكون معدومة حينئذ.

الحكومة النزيهة ليست بحاجة لحزام وعود عربي حتى تحرك العملية. مثل هذه الحكومة كانت لتستغل فترة الهدوء الطويلة في الضفة وغزة والنجاعة التي تبديها قوات الامن الفلسطينية في الضفة في اطار مكافحة الارهاب واستعدادية محمود عباس لاجراء مفاوضات جدية حتى تقول للجمهور ان خطوات بناء الثقة قد استكملت قد آن الاوان للانسحاب والاتفاق. ولكن هذا ليس حال الحكومة التي تدير اسرائيل اليوم. واشنطن تعرف ذلك مثلما يعرفه كل مواطن في اسرائيل. من هنا تبرز الحاجة لخطة شاملة تدار بصورة دقيقة وتصميمية. تجميد المستوطنات ليس خطة وليس وصفة.