خبر اوباما واللاءات الثلاث -هآرتس

الساعة 08:24 ص|05 أغسطس 2009

بقلم: الوف بن

 (المضمون: مساعي اوباما اصطدمت بصخرة الشرق الاوسط المخيبة للامال ولاءاتها الثلاث: لا لتجميد الاستيطان ولا لاستئنناف المفاوضات ولا للتطبيع، فماذا سيفعل الان؟- المصدر).

اللقاء الاول بين الرئيس براك اوباما والواقع الشرق الاوسطي انتهى بخيبة امل كبيرة. مبادرته لاحياء عملية السلام الهادفة، لاعطاء الامل المتجدد لشعوب الشرق الاوسط بعد الجمود السياسي ومكافحة جورج بوش للارهاب، اصطدمت بسور من الرفض والعناد. بدلا من ان تقابل اقتراحات اوباما بصرخات الفرح، جاءها الرد بثلاثة لاءات: اسرائيل لن تجمد المستوطنات، الفلسطينيون لن يستأنفوا المفاوضات والدول العربية لن تقدم على خطوات تطبيع مع اسرائيل.

وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وجه الضربة النهائية لمبادرة اوباما، عندما قال في الاسبوع الماضي من واشنطن ان على اسرائيل ان تخرج اولا من كل المناطق وان تتشكل الدولة الفلسطينية، وحينئذ سيتحدثون عن التطبيع. بكلمات اخرى لا تزعج السعوديين الان باقتراحات لعقد لقاءات مع اسرائيليين وفتح اجوائهم امام طائرات العال. فلترفعوا سماعة الهاتف لهم بعد ان تخرجوا الاسرائيليين من المناطق.

اللاءات الثلاث اظهرت اوباما في صورة القائد الضعيف. الاستخفاف به لا يقتصر على الايرانيين والكوريين الشماليين وحدهم – بل ان حلفاء امريكا الذين يعتمدون على سخائها يسمحون لانفسهم برفض طلب الرئيس. بنيامين نتنياهو ومحمود عباس افرطا في ذلك وقيدا نفسيهما بكومة من الاشتراطات والخطوط الحمراء. من الواضح ان الاطراف لا تريد استئناف المفاوضات التي لن تعطيهم اي شيء حسب اعتقادهم. ليس عليهم ايضا ضغط داخلي للعودة الى طاولة المفاوضات: الاسرائيليون والفلسطينيون شبعوا من الامال الوهمية.

الفشل الدبلوماسي دفع رسول اوباما جورج ميتشل لاجراء مقابلة مع صحيفة "النيويورك تايمز" في محاولة لانقاذ مكانته الاعتبارية. السعوديون اكثر انفتاحا ومرونة في الغرف المغلقة، كشف ميتشل النقاب، وتصريحات وزير الخارجية السعودي المتشددة امام عدسات الكاميرا لا تشبه ما يقال من وراء الابواب. فلتنتظروا ولتروا.

هذه نصيحة للمبعوث المحترم: ربما في أروقة مجلس الشيوخ او في ايرلندا الشمالية، هناك اهمية لما يقوله الناس في الغرف المغلقة اما في الشرق الاوسط فما يحدد مصير الامور هو ما يقال من فوق المنابر علانية. ما يوجد لدى القادة استعداد للدفاع عنه علانية امام ابناء شعبهم وخصومهم هو وحده الذي يلزمهم. اما المحادثات التي تجري خارج السجل الرسمي فتهدف الى نيل الاعجاب وبعث الثقة، ولكن ليس لها أي معنى عملي. عندما تكون عدسات الكاميرا مغلقة يرغب الجميع في السلام ويبدون استعداد لتقديم تنازلات لا نهاية لها ولكن عندما تشتعل الاضواء تظهر المواقف القديمة المتصلبة من جديد.

ما العمل؟ اوباما يتضور جوعا لتحقيق انجاز في سياسته الخارجية ولا احتمالية لتراجعه الان. مسؤولون كبار في الادارة الامريكية مثل مستشار الامن القومي جيمس جونز يقولون له بأن تسوية اسرائيلية فلسطينية ستكون مفتاح نجاحه ايضا في اماكن مثل افغانستان والعراق. في الشرق الاوسط ينتظرون طرح "مشروع اوباما" في الشهر القادم. نتنياهو يقترح عليه بأن يتخلى عن الاحلام حول التسوية الدائمة وان يكتفي بـ "السلام الاقتصادي" مع نمو معتدل في المستوطنات. السعوديون يؤيدون طرح خطة مفصلة للتسوية. الاوروبيون يريدون بأن يقوم أوباما بتوجيه مهلة انذارية للجانبين – عليكم ان تتوصلوا الى الاتفاق خلال وقت محدد او اننا سنفرض التسوية عليكم.

الادارة تنوي استئناف المفاوضات وتحديد موعد محدد ومنح نتنياهو وعباس مرافقة ملازمة من ميتشل. بوش ارسل الجانبين للتفاوض بانفسهما واعلامه بالنتائج واوباما بدوره سيعين لهم حاضنة. السؤال المطروح هو ما هو التفويض الذي سيمنح للوسيط. هناك تفكير في البيت الابيض ان كان على الرئيس ان يطرح مبادىء التسوية وعلى رأسها انسحاب اسرائيل حتى خطوط حزيران 67. نتنياهو يأمل ويعتقد ان أوباما سيكتفي بتعليمات اجرائية.

ولكن حتى ان طرح الرئيس مبادىء مفصلة للتسوية الدائمة فهذا بحد ذاته لن يكفي لحل الصراع. الاهم هو قيام اوباما باقناع الجمهور المتشكك في الجانبين بان السلام ممكن وان وضعهم سيتحسن ان تم تحقيقه. والامر الذي لا يقل اهمية هو ان مواقفه يجب ان تكون مدعومة بالعصي والجزر والجاهزية للتصادم ودفع الثمن السياسي. الكلمات الجميلة لن تكون كافية في هذه الحالة. عليه ايجاد حلول لمشاكل مثل "ما الذي يتوجب فعله مع غزة"، وكيفية تخفيف الشرخ الداخلي المتوقع في اسرائيل ان تم اخلاء المستوطنات.. وفوق كل ذلك عليه ابداء التزام شمولي بالمهمة. ان ابدى الشكوك او عبر عن اليأس في مواجهة الرفض والعناد فان رئاسته ستنتهي بفصل جديد من مسلسل "السلام الضائع" الطويل.