خبر شفيق الحوت: جنة السماء إن لم تكن جنة الأرض

الساعة 05:28 ص|03 أغسطس 2009

فلسطين اليوم : كتب/ منار الرشواني

بعد أن طال انتظاره ليوم العودة إلى يافا، تلك "الواحة التي أفلتت من الجنة"، أو لربما تملكه اليأس من تلك العودة وهو يرى عقوداً من خذلان الشقيق والصديق تتعمد بدماء الأشقاء يسفكونها بأيديهم في فتنة كبرى جديدة... غادر شفيق الحوت أول من أمس يبحث عن جنته في السماء.

"نكبة" فراق الجنة في نيسان (أبريل) من العام 1948، التي تزامنت مع مرحلة الشباب وتشكل الوعي لدى شفيق الحوت المولود في الثالث عشر من كانون الثاني (يناير) العام 1932، ستترك أثرها في مراحل حياته اللاحقة كافة، لا سيما وهو يكتشف، كما الجميع، أن النكبة "الأولى" ليست إلا واحدة ضمن "أخرى كثيرة على الطريق"، إنما من دون أي لجوء جديد، وليكون شاهداً منذ العام 1948 وحتى يوم وفاته أول من أمس على مراحل الوجود الفلسطيني في لبنان حيث تخرج من الجامعة الأميركية في العام 1953، وعمل مدرساً في مدرسة المقاصد الإسلامية حتى العام 1956، ثم مديراً لتحرير مجلة "الحوادث" حتى العام 1964؛ وصولاً إلى ممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية.

طريق الخروج من اللجوء كانت بالنسبة لشفيق الحوت طريقاً باتجاه واحد هي العودة، التي لأجلها أسس جبهة التحرير الفلسطينية "طريق العودة"، ولأجلها أيضا ساهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية العام 1963، والتي شارك في مؤتمرها التأسيسي الذي عُقد في مدينة القدس في الثامن والعشرين من أيار (مايو) العام 1964. وليكون لاحقاً عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة بين عامي 1966 و1968، ومرة أخرى بين عامي 1991 و1993.

وحتى وفاته، ورغم قرابة عشر محاولات اغتيال نال منه بعضُها، ظل صاحب كتاب "بين الوطن والمنفى: من يافا بدأ المشوار" قابضاً على إيمانه بحلمه الذي يراه ممكناً، وهو أن ينتهي المشوار من حيث بدأ. وإذا كان لأجل ذلك الإيمان بالحلم قد غادر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احتجاجاً على اتفاق أوسلو في العام 1993، إلا أنه غادر أول من أمس مستعصماً بإيمانه، إنما مبقياً حلمه على الأرض بين مؤمنين آخرين بالوطن، وبأنه هو "الأصل وهو الهدف، وليست الأيديولوجيات إلا سبلاً لاسترداد هذا الوطن" بحسب كلمات شفيق الحوت.