خبر « الشيخ جراح » .. حكاية حيٍ صامد في وجه الإجرام والتطرف

الساعة 01:50 م|02 أغسطس 2009

فلسطين اليوم : وكالات

مرة أخرى تعود قضية حي الشيخ جراح وسط مدينة القدس المحتلة لتحتل عناوين الأخبار المحلية، وتكون مسرحاً لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان المدينة الفلسطينيين، وهدفاً 'دسماً' لسلطات الاحتلال التي تتقاسم الأدوار مع الجماعات اليهودية المتطرفة في الاستيلاء على أكبر عددٍ ممكن من منازل المقدسيين وصولاً إلى مخططات تهويد المدينة ومنازلها ومقدساتها وآثارها وحضارتها وتاريخها.

فقد استفاق أهالي الحي، صباح اليوم، على وقع أصوات عددٍ كبير من اليهود المتطرفين تحرسهم قوة معززة من شرطة وحرس حدود الاحتلال، وهم يباغتون المواطنين من عائلتي حنون والغاوي ويقتلعونهم من منازلهم بالقوة وتحت تهديد السلاح.

وقد قاوم أصحاب المنزلين الإخلاء إلا أن قوات الاحتلال ردت بعنف وأصابت الشاب أسامة الغاوي (17 عاماً) بإصابات وُصفت بالخطيرة والحرجة استدعت نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج في قسم الطوارئ.

وقد استهدفت العملية نحو 11 بيتا تعود للمواطن عبد الفتاح الغاوي وأولاده بواقع ثمانية منازل، وثلاثة منازل لماهر حنون وأشقائه، سكنوها منذ عشرات السنين في إطار الاتفاقية التي رعتها حكومة الأردن آنذاك.

ويسكن هذه المنازل نحو 54 شخصاً من العائلتين: الغاوي وحنون، من ضمنهم أكثر من عشرين طفلاً، أُصيبوا جميعا بحالة من الذعر والخوف والهلع، ولم يسمح أفراد القوة الاحتلالية لهم بأخذ أي حاجيات لهم، حتى أنهم صادروا هواتفهم النقالة ومنعوا شابة من ارتداء حجابها وشدوها إلى خارج المنزل بعنف وقسوة.

وفجأة، وبدقائق معدودة، وجد سكان هذه المنازل أنفسهم خارج بيتهم الذي ولد فيه معظمهم وترعرعوا فيه منذ بداية سني حياتهم.

ولم تنتظر قوات الاحتلال وجماعاتها المتطرفة طويلاً، وبعد مضي وقت بسيط، جلبت أربع عائلات يهودية متطرفة لتُقيم في المنزلين، ولاحقاً تم إحضار أثاثٍ خاص عبر شاحناتٍ إسرائيلية.

وفي الوقت نفسه، كانت قوة احتلالية مماثلة قد أنهت عمليات تجريف خيمة الاعتصام، المعروفة باسم خيمة 'أم كامل' نسبة لفوزية الكرد التي تم طردها بوضع مماثل من بيتها قبل عدة أشهر لصالح جماعات يهودية متطرفة.

ومنذ بداية العملية، ضربت قوات الاحتلال طوقاً عسكرياً محكما على محيط المنزلين وأعلنت عن المحيط منطقة عسكرية ممنوع التواجد فيها.

وصاحب هذه العملية اعتداءات على المواطنين المقدسيين من سكان الحي ومن الأحياء المجاورة، كما تم الاعتداء على عدد من المتضامنين الأجانب، وتم اعتقال عدد كبير من المواطنين والأجانب زاد عن العشرين معتقلاً.

وتواجد إلى جانب المواطنين، عدد من الشخصيات القيادية الدينية والوطنية، ومنها: المهندس عدنان الحسيني محافظ القدس، والشيخ علي أبو شيخة مستشار الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني لشؤون القدس والمسجد الأقصى المبارك، وحاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس بلجنة التعبئة والتنظيم التابعة لحركة فتح، والمحامي أحمد الرويضي رئيس وحدة القدس في الرئاسة، والمربي طاهر النمري رئيس مؤسسة المقدسي، وعدد من رؤساء المؤسسات والمثليات الأجنبية، وشرعت الشخصيات القيادية بالتشاور حول ما يمكن فعله للعائلات التي تم طردها ومصيرها الذي بات مجهولاً.

وخيّم الحزن والغضب على سكان الحي، وامتزجت مشاعرهم بالخوف من المصير الذي ينتظرهم وينتظر منازلهم، خاصة أن منزلي الغاوي وحنون يمثلان الدرع المتقدم للدفاع عن سائر منازل الحي.

منزلا الغاوي وحنون يقعان في منطقة حساسة من مدينة القدس المحتلة، بالقرب من كلية الآداب 'هند الحسيني' التابعة لجامعة القدس، وجمعية الشابات المسيحية، والعديد من الممثليات والمؤسسات الأجنبية والمحلية والفنادق المقدسية، وبالقرب من تقاطع طرق يربط حي الشيخ جراح بحي وادي الجوز.

وكانت سلطات الاحتلال أمهلت العائلتين حتى العاشر من الشهر الجاري لإخلاء منزليهما، فيما رفضت المحاكم كل الأوراق الثبوتية التي تم إحضارها خصيصا من تركيا تؤكد ملكية الفلسطينيين للأرض وتثبت تزوير الأوراق الموجودة لدى المتطرفين، إلا أن القضاء الإسرائيلي أكد هذه المرة وبشكل جلي وواضح أنه أداة من أدوات الاحتلال المهمة والنافذة في السيطرة على عقارات وأراضي المواطنين بهدف تهويد المدينة.

ولعل هذا ما دفع ببعض القيادات المقدسية الرسمية للتأكيد على أهمية التوجه للقضاء الدولي للبت في مثل هذه المواضيع، فيما طالبت قيادات أخرى بعرض الأمر على مجلس الأمن الدولي واختبار مدى مصداقية الولايات المتحدة في رفضها للاستيطان.