خبر ما هكذا يصنعون السلام -هآرتس

الساعة 08:53 ص|02 أغسطس 2009

بقلم: شلومو افنري

 (المضمون: الملحق الامني لوثيقة جنيف هو عسكرة لعملية السلام وصيغة فاشلة للحل المستقبلي - المصدر).

في الاونة الاخيرة نشرت تفاصيل حول "الملحق الامني" لمبادرة جنيف، الذي اعدته شخصيات فلسطينية واسرائيلية. من الجانب الفلسطيني شاركت شخصيات تمثل السلطة الفلسطينية، اما عن الاسرائيليين فقد كان الجميع من العقداء والجنرالات احتياط الذين لا يمتلكون اليوم اية مكانة رسمية.

من الصعب ان تعرف ان كان عليك ان تضحك ام تبكي عند قراءة المادة المعدة. الامر الواضح هو ان السلام لا يصنع على هذا النحو. كما ان من الواضح انه عندما توضع المسائل الامنية بصورة حصرية بيد ضباط سابقين فهم مع كل نواياهم الطيبة (وهم جميعا يؤيدون مبادرة جنيف) لا يستطيعون رؤية السلام الا من خلال فوهة البندقية. الوثيقة ليست وثيقة اتفاق سلام وانما مسودة هدنة مسلحة ستحول الحياة في اسرائيل والدولة الفلسطينية الى حياة تحت حصار متبادل مشبع بالارتياب والتهديدات.

اليكم عدة امثلة حول الطريقة التي تحول فيها الجوانب الامنية لمبادرة جنيف (من دون الدخول في الجوانب السياسية من المبادرة) فكرة السلام الى نكتة رديئة:

ستكون في الدولة الفلسطينية ثلاثة شوارع يمكن للاسرائيليين ان يسافروا عبرها من دون جواز سفر – من بينها الشارع رقم 443 من مفترق المكابيين وحتى مدخل القدس. الاسرائيلي الذي يرغب بالسفر عبر هذا الشارع سيضطر بالتزود بجهاز بي. اي. اس وضاغط للضائقة. هذه ليست بالضبط حدود سلام خصوصا لمن يقطن في موديعين ويعمل في القدس.

المعبر الحدودي في القدس سيوضع عند مفترق التلة الفرنسية. الفلسطيني الذي يرغب في الدخول للقدس سيضطر لاجتياز مسارين اسرائيلي وفلسطيني، مربوطين من خلال معبر تحت الارض وبعد ذلك سيكون بامكانه ان يصعد على متن القطار الخفيف للقدس. يجب الافتراض ان المسار الاسرائيلي سيكون محاطا برجال الامن : وهذه ايضا ليست حدود سلام بالضبط.

سيكون للبلدة القديمة في الواقع وضع دولي: بامكان الاسرائيليين والفلسطينيين ان يدخلوا اليها من دون جوازات سفر ولكن ستنتشر داخل الاسوار قوتين دوليتين. ليس واضحا من الذي سيضمن سلامة المصلين بجانب حائط المبكى او يمنع اليهود المتطرفين من اقتحام منطقة الحرم. مثل هذه الترتيبات الدولية قد تكون ناجحة في الدولة الطوباوية الخيالية، اما في الواقع فهي ليست قائمة في اي مكان في العالم. ليس واضحا ما هي تشكيلة القوات الدولية ومن المسؤول عنها. هل ستبقى لاسرائيل صلاحية ما بصدد سكان البلدة القديمة، ام انهم هم ايضا سيخضعون للقوات الدولية؟ مثل هذا الشرك يسمى التدويل.

في غور الاردن ستبقى كتيبة مشاة اسرائيلية والى جانبها ستنتشر على طول الغور قبالة الاردن ثلاث كتائب دولية وكتيبة واحدة في محور فيلادلفيا قبالة مصر. وجود عسكري دولي مكثف كهذا ليس قائما عند حدود اية دولة في العالم تعقد علاقات سلام مع جيرانها.

الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح ولكن ستكون لها شرطة وشرطة بحرية، وقوات امن وطنية وجهاز امن داخلي وحرس حدود واجهزة امنية مختلفة. هؤلاء سيتزودون بسلاح خفيف فقط وان احتاجوا سلاح اثقل لتفريق المظاهرات فسيتوجهون للقوات الدولية لتمدهم بذلك. من الذي يعتقد ان جهازا كهذا يمكنه ان يتصرف في ظروف الضغط والاضطرابات – يبدو ان مثل هذا الشخص لم يبتعد ابدا عن طاولة الكتابات الاكاديمية.

وباختصار هذه عملية عسكرة – غير ناجعة وغير قابلة للتطبيق – للسلام. من الواضح انه يتوجب في اية تسوية ان تكون هناك اجهزة امنية واجهزة انذار، ولكن منظومة فوضوية كبيرة الحجم بهذا المدى ليست صيغة ملائمة للسلام وانما لاثارة الاحتكاكات وسوء الفهم. هذه المنظومة ستحول سكان اسرائيل وفلسطين الى رعايا عدد لا ينتهي من الاجهزة العسكرية المحلية والدولية المتنافسة. يحدونا الامل بان تدرك الادارة الامريكية ذلك عندما ستطرح هذه الخطة الهذيانية عليها.