خبر مخطط اسرائيلي سري للسيطرة على الأراضي في فلسطين التاريخية لتغيير الميزان الديموغرافي

الساعة 05:13 ص|01 أغسطس 2009

 فلسطين اليوم-القدس العربي

كشف د. يوسف رفيق جبارين، مخطط المدن والمحاضر في معهد الهندسة التطبيقية في حيفا (التخنيون)، الخميس النقاب عن وجود مخطط إسرائيلي كبير وغير معلن للسيطرة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية في فلسطين التاريخية، بهدف تغيير الميزان الديمغرافي لصالح اليهود.

وقال د. جبارين في حديث خصّ به 'القدس العربي' إنّه بعد تنفيذ خطة فك الارتباط أحادي الجانب من قبل الدولة العبرية في قطاع غزة، في آب (أغسطس) من العام 2005 بدأت الدولة العبرية بتنفيذ هذا المخطط المركب، على حد قوله، من عدة مركبات: بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، قال د. جبارين، شعر اليمين الإسرائيلي بأنّه يجب التعويض عن الأراضي التي خسرها في قطاع غزة، وبالتالي باشر بعملية استيطان واسعة النطاق، واللافت في الأمر، أضاف، أنّ اليمين، المدعوم من الحكومة، بدأ يتغلغل داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، والمثال الأبرز على ذلك، هو إقامة مدينة في قلب وادي عارة، والمعدّة لحوالي 150 ألف مستوطن من اليهود المتزمتين (الحريديم) الذين لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي، ولكنّهم علاوة على ذلك يتلقون رواتب شهرية من الحكومة الإسرائيلية.

أكد د. جبارين على أنّ إقامة مدينة جديدة بالقرب من قرية عين ماهل، الواقعة بالقرب من مدينة الناصرة، هو مؤشر آخر على استفحال الاستيطان داخل الخط الأخضر، وشدد في سياق حديثه على أنّ الحكومة الإسرائيلية تستعمل اليهود المتزمتين، لعدة أسباب أهمها أنّهم لا يكثرون بالسكن جنباً إلى جنب بالقرب من العرب في الداخل الفلسطيني، أما السبب الثاني، الذي ذكره، فهو أنّ نسبة التكاثر الطبيعي لديهم تفوق نسبة التكاثر الطبيعي لدى العرب، وبالتالي فإنّهم سيشكلون ما أسماه بميزان الردع مقابل النمو الطبيعي للعرب في الجليل والمثلث والنقب.

وذّكر د. جبارين بتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ارييل شارون، بعد تنفيذ خطة فك الارتباط، والذي قال فيه إنّ أرض إسرائيل ليست في قطاع غزة، إنّما في الجليل والمثلث والنقب، في عكا وحيفا والناصرة، على اليهود أن يقوموا بالاستيطان. وأشار د. جبارين إلى مركب آخر في المخطط الإسرائيلي غير المعلن وهو الذي يتعلق بالسيطرة الكاملة على النقب، وإصرار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على عدم الاعتراف بأكثر من ستين قرية وبلدة عربية في النقب، وهو الأمر الذي أشارت إليه لجنة (غولدبرغ) الحكومية التي نشرت توصياتها في أواخر العام الماضي.

كما تطرق مخطط المدن إلى مركب آخر في الخطة الإسرائيلية والتي بدأ في عهد شارون بعد الانسحاب من غزة، فقد سجّع شارون وحكومته اليهود المتدينين الصهاينة، الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي على إقامة المدارس الدينية المعروفة باسمها العبري (يشيفوت ههيدير) في المدن المختلطة مثل عكا وحيفا ويافا، لافتاً إلى أنّ أعضاء هذه الحركات يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وهم من أكثر غلاة المتطرفين في الدولة العبرية، مؤكدا على أنّ الهجوم الذي تعرض له العرب الفلسطينيون في عكا السنة الماضية، كان بسبب هؤلاء المستوطنين، الذين لن يتورعوا في المستقبل المنظور من تأجيج الصراع القائم أصلاً بين العرب واليهود في المدن المختلطة.

واستطرد د. جبارين قائلاً إنّ قانون دائرة أراضي إسرائيل، الذي يدعمه رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، هو عملياً بيع ما تبقى من أملاك اللاجئين الفلسطينيين، لفرض الحقائق على الأرض ومنع أيّ حل قد يطالب به الطرف الفلسطيني لتحقيق حق العودة للاجئين الذين هًجّروا من وطنهم في نكبة العام 1948.

وساق د. جبارين قائلاً إنّ القضية الأهم في هذا المخطط هو السيطرة اليهودية الصهيونية الإسرائيلية على مدينة القدس الشرقية المحتلة، إذ أنّ السلطات الإسرائيلية، الحكومة وبلدية القدس الغربية، تعمل بشكل حثيث على السيطرة على ما يُسمى بالحوض المقدس، وذلك من خلال عملية تخطيط خطيرة للغاية، بالإضافة إلى سياسة هدم البيوت الآخذة بالازدياد، خصوصاً هدم البيوت في منطقة البستان، الواقع في حي سلوان المقدسي، حيث وصف ما يحدث هناك بأنّه عملية تطهير عرقي تقوم بها السلطات الإسرائيلية ضد المقدسيين الفلسطينيين.

وأشار إلى أنّ كل هذه الأمور تجري والعالم منشغل بقضية البؤر الاستيطانية العشوائية، وبالبناء في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وهذا أيضاً من وجهة نظره نابع من سياسة إسرائيلية لصرف أنظار العالم عمّا تقوم به من عمليات لإحكام السيطرة على الأرض في فلسطين التاريخية، وأوضح أنّ نسبة الأرض التي يملكها العرب في الداخل الفلسطيني تصل إلى 2.5 بالمائة، وأيضاً هذه الأراضي معرضة للسلب والنهب من قبل الحكومة في إطار سياستها لتهويد الدولة العبرية.

وخلص إلى القول: البناء في بيت أبو غنيم، الذي زرته الخميس، ما زال مستمراً، عشرات البنايات المرتفعة تقام دون رقيب أو حسيب، وعن الفلسطينيين في الداخل، قال: بتنا نعيش في غيتوات، وأيضاً وعلى الرغم من ذلك، ما زال الخطر يتهددنا، على حد تعبيره.