خبر نقاط التزييف والخداع..هآرتس

الساعة 08:35 ص|30 يوليو 2009

بقلم: آشر ساسر

بروفيسور، يعلم تاريخ الشرق الاوسط في جامعة تل ابيب

ممثلو منظمات المستوطنين أعلنوا في هذه الايام عن حملة لاقامة 11 بؤرة استيطانية جديدة في المناطق بعضها كما جاء في وسائل الاعلام سيقام على ارض فلسطينية خاصة. هذه الخطوة تطرح كخطوة مستوحاة من الحملة الاستيطانية المتمثلة باقامة 11 نقطة شمالي النقب في يوم الغفران في عام 1946. هذه ليست المرة الاولى التي يشبه فيها المستوطنون مشروعهم بالمشروع الاستيطاني الذي كان في اساس اقامة الدولة. ليس هناك أي اساس لهذه المقارنة وهي ليست الا عملية تزييف وخداع.

الفرق الاساسي بين المشروعين هو ان الاستيطان الذي سبق اقامة الدولة يهدف الى انشاء القاعدة الاقليمية للدولة اليهودية المستقبلية. هي لا ترمي الى حرمان العرب من كل ما تبقى ولا من حقوقهم بدولة خاصة بهم الى جانب دولة اليهود.

اما بالنسبة للنموذج المحدد الذي يساق المتمثل باقامة نقاط في شمالي النقب فقد اريد منها ضمان ادخال النقب في الدولة اليهودية عند التقسيم المتوقع لارض اسرائيل لدولة يهودية واخرى عربية. الحملة الاستيطانية الحالية في المقابل وكذلك البناء غير الضروري شرقي القدس لا تهدف الى ضمان وجود دولة اليهود وانما لحرمان العرب من دولتهم في الضفة وعاصمتهم في القدس العربية.

وهذا بالضبط الفرق بين الصهيونية السابقة التي تأخذ موقفا دفاعيا وبين الصهيونية الكاسحة التي تتعامل لتنكر تام للعرب وحقوقهم الانسانية. لليهود اي المستوطنين الحق في الاقامة في كل مكان كما يدعون ولليهود ايضا احتياجات نابعة من "النمو الطبيعي". فهل يعتقدون ان للعرب ايضا حق الاقامة في كل مكان او ان كل بناء يقوم به العرب هو غير قانوني لهذا السبب او غيره؟ اوليس لدى العرب "نموا طبيعيا" خاصا بهم؟

"مصطلح غير قانوني" يسري على العرب فقط وفقا لوجهة نظر المستوطنين ولا يسري على بنائهم، وذلك لانه مستوحى من مصدر فوق انساني وخارج السياق الديمقراطي. وفقا لهذا النهج القانون ليس موجودا الا كوسيلة بيد الدولة المقاول الثانوي للمستوطنين لحرمان العرب ايضا من حقوقهم.

هذا النهج "انا ومن بعدي الطوفان" يفترض ان يثير حفيظة كل انسان عاقل، وبالفعل جزء كبير وهام من الجمهور اليهودي في البلاد يعتقد بانه نهج لا يطاق. وليس هو فقط: ادارة اوباما تعرف ان من الممكن مهاجمة اسرائيل بسبب المستوطنات لان يهود الولايات المتحدة ايضا لن يتطوعوا للدفاع عنها. ان كان الامر كذلك فلماذا نتذمر من الغرباء الذين يعتبرون هذا الاستيطان ظلما صارخا؟

المستوطنون يسهمون في اعمالهم ليس فقط بزعزعة شرعية وجودهم في المناطق، وانما ايضا بزعزعة الشرعية الدولة لحقيقة وجود دولة اسرائيل. النتائج الصارخة بارزة للعيان. عدالة الصهيونية وكذلك مصلحتها الوجودية ترتكز على تبني فكرة المساواة المتبادلة القائمة على التقسيم. هذا ما فهمه وادركه دافيد بن غوريون منذ ايام التمرد العربي قبل اكثر من سبعين عاما، وهذا ما فهمته الاسرة الدولية عندما تبنت قرار التقسيم في عام 1947 وهو الاجماع الوطني القائم اليوم ايضا.

من الواضح بصورة صارخة ان تقسيم البلاد هو ايضا مصلحة صارخة للصهيونية و                                                                                                                                                لكل من يرغب بالحفاظ على دولة اسرائيل كدولة يهودية بالاضافة الى مسألة العدالة الاساسية. المستوطنون من خلال موقفهم المتغطرس الذي يدوس بأقدام غليظة حقوق الاخرين يزعزعون اسس عدالة المشروع الصهيوني ويلحقون الاذى بمصالح دولة اسرائيل الوجودية. وضعهم لارض اسرائيل كقيمة عليا فوق مستوى الدولة يجعلهم ينضمون بصورة غريبة "اخوانهم" ما بعد الصهيونيين في اليسار والذين يدعون هم ايضا ان حل الدولة الواحدة التي ترث دولة اليهود هو الحل الافضل.