خبر لا تنسوا الذكرى-معاريف

الساعة 08:51 ص|29 يوليو 2009

بقلم: حاييم نافون

 (المضمون: الذاكرة والامل يسيران معا. لم نفقد أملنا في المستقبل ابدا إذ لم نكتفِ ابدا بتذكر الماضي. قبيل التاسع من آب محظور علينا أن ننسى الذاكرة - المصدر).

 

في اثناء حرب الاستقلال فكر بن غوريون بحملة جريئة: قصف عمان، الاسكندرية والقاهرة. "وهكذا ايضا نصفي حساب اجدادنا مع مصر، آشور وأرام"، شرح قائلا. الحملة لم تخرج الى حيز التنفيذ ولكن من الخطة نفسها يمكن أن نتعرف على نمط تفكير بن غوريون. رئيس الوزراء الاول يعيش في وعي عميق من الانتماء للتاريخ اليهودي. أرام وآشور عاشا في وعيه بقدر لا يقدر عن الاردن والعراق.

الفترة التي قبل التاسع من آب تسمى في التقاليد اليهودية "بين المصرين". وهذه فترة عادات الحداد الاخذة في التفاقم، قبيل التاسع من آب نفسه الذي يحل غدا، يوم الخميس. هذا هو القطب الاسود في الرزنامة اليهودية. نحن نحد اولا وقبل كل شيء على خراب الهيكل، الذي ترافق وفقدان الاستقلال الوطني ودمار الحاضرة اليهودية. ولكن الحداد لا يتناول فقط هذه الاحداث.

في التاسع من آب نحن نشكو من مصائب التاريخ اليهودي. في الكنس تتلا أناشيد الكرب، بعضها تعنى بالفظائع التي ارتكبها الصليبيون، الذين دمروا طوائف المانيا في العصور الوسطى. الناجون من الاضطرابات فكروا بتحديد يوم خاص لذكرى المصيبة. ولكنهم حسموا باتجاه عدم اضافة المزيد من المتاعب؛ في التاسع من آب نحن نحد على هذه المصيبة ايضا. في القرن الثالث عشر حرض نيكولاس دونين البابا على التنكيل بكتب التلمود. في العام 1244 جمع المسيحيون 24 قاطرة من مخطوطات تلمودية واحرقوها في باريس. في العصر قبل الطباعة، كان الفقدان هائلا. دون كتب كان هناك تخوف من أن يتدهور اليهود نحو الجهالة ويكفوا عن ان يكونوا جزيرة علم في عالم العصور الوسطى. في روتنبرغ وضع شاعر خاص، شعره وهو يشكو من هذه المصيبة؛ وهذه ايضا تقال في التاسع من آب.

التاريخ اليهودي هو قصة بطولة روحانية وشجاعة نادرة. ولكنها ايضا قصة معاناة وكرب. في الفترة ما بين المصرين وفي التاسع من آب نحن نتشارك في تجارب معاناة ابائنا واجدادنا. في طوائف عديدة تتلا قصصا تذكر ايضا بالكارثة، التي هي المصيبة الاكبر في تاريخنا. في هذه الفترة نحن نحد عليها ايضا. ولكن ماذا من كل ذلك يشعر به المجتمع الاسرائيلي؟ لا شيء تقريبا. مرة كل بضعة اشهر تجري وسائل الاعلام احتفالا جماعيا صغيرا: مرة اخرى ظهر في استطلاع ان 34 في المائة من تلاميذ الثانوية يعتقدون بان واضع فكرة الدولة كان الون مزراحي. ولكن القدرة على تذكر تفاصيل تافهة في مواضيع الصهيونية واليهودية هي المشكلة الاصغر لدينا. المسألة الحقيقية هي باي قدر تعيش فيه الذاكرة التاريخية للشعب اليهودي في وعينا وتملأه.

المجتمع الاسرائيلي اليوم هو مثل شخص يوضع تحت تصرفه بيت ضخم وواسع الرحاب، وهو يغلق على نفسه في الشرفة. عندما وقف الون مزراحي على الشرفة اياها في فيينا كان يعرف أن خلفه يقف المبنى الضخم للتاريخ اليهودي. ولكننا نحن نكتفي بالشرفة، بالشظايا الصغيرة من المعرفة، في الوقت الذي يعرض فيه التراث اليهودي مساحة هائلة من التقاليد، الذاكرة والامل. الذاكرة والامل يسيران معا. لم نفقد أملنا في المستقبل ابدا إذ لم نكتفِ ابدا بتذكر الماضي. قبيل التاسع من آب محظور علينا أن ننسى الذاكرة.