خبر ميتشل طليعة «القطار الجوي» إلى إسرائيل: خطـط التسـويـة تسـابق الخطـر الإيـرانـي

الساعة 04:45 ص|27 يوليو 2009

ميتشل طليعة «القطار الجوي» إلى إسرائيل: خطـط التسـويـة تسـابق الخطـر الإيـرانـي

حلمي موسى

خلافا للصورة التي حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الإيحاء بها في الأيام الأخيرة حول ما تبطنه إدارة الرئيس الأميركي له ولحكومته من عداء، رحب، يوم أمس، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية بـ «القطار الجوي» للمسؤولين الأميركيين. وقال ان «هذه الزيارات تجري كجزء من منظومة علاقات متشعبة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وهي منظومة قامت في الماضي ولا تزال قائمة هذه الأيام».

 

وثمة في إسرائيل من يحاول القول ان ملامح التحرك السياسي الأميركي تجاه إسرائيل يذكر الجميع بمؤتمر مدريد العام 1990 والمسارات المتعددة الأطراف إلى جانب المسارات المتوازية الفلسطينية والسورية واللبنانية.

وكان أول من وصل من المسؤولين الأميركيين في هذه الجولة إلى تل أبيب المبعوث الرئاسي جورج ميتشل قادما من العاصمة السورية. ومن المقرر أن تصل إلى تل أبيب، اليوم، طواقم برئاسة وزير الدفاع روبرت غيتس، يليها، بعد غد الأربعاء، رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال جيم جونز والمستشار الرئاسي الخاص دينيس روس.

وسيجتمع نتنياهو اليوم مع غيتس للبحث في الخطر النووي الإيراني وذلك على خلفية تصريح وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حول عدم إمكان تسليم الولايات المتحدة بامتلاك إيران سلاحا نوويا. وتعتقد مصادر إسرائيلية أن الأسبوع الحالي قد يكون واحدا من أشد الأسابيع كثافة في الاتصالات والمداولات الإسرائيلية الأميركية حول قضايا الحرب والسلام في المنطقة.

ورغم تقاسم العمل ظاهريا بين الطواقم الأميركية في إسرائيل، حيث يتولى ميتشل قيادة الجوانب المتعلقة بالعملية السياسية مع الفلسطينيين واحتمالات توسيعها لتشمل المسارات العربية الأخرى، فإن غيتس وجونز سيتعاملان مع قضايا الحوار الاستراتيجي والخطر النووي الإيراني. والمعلوم أن هناك بعض الخلافات بين حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة حول قضايا بيع السلاح والمشروع النووي الإيراني، إلا أن جوهر الخلاف يدور حاليا حول فتح آفاق العملية السلمية في المنطقة وتجميد الاستيطان.

وهناك في إسرائيل من يرى أن إدارة الرئيس باراك أوباما تسعى لبلورة خطة سياسية متكاملة تمهد للسلام الإقليمي قبيل الاتفاق مع إسرائيل على أي أمر يتعلق بالخطر الإيراني النووي.

وقد شدد نتنياهو أمام الحكومة الإسرائيلية، يوم أمس، على أنه «من الطبيعي، وحتى بين أصدقاء وحلفاء، أن نحاول التوصل إلى تفاهمات مشتركة في قضايا متنوعة، من أجل أن نحقق أهدافنا في السلام، الأمن والازدهار في الشرق الأوسط».

وليس صدفة أن لقاء ميتشل الأول، يوم أمس في تل أبيب، كان مع وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك الذي غدا قناة الاتصال شبه الوحيدة مع المبعوث الأميركي. وأشارت أنباء إسرائيلية إلى أن حكومة نتنياهو اشترطت تجميد الاستيطان بتسوية أوضاع استيطانية من جهة، والحصول على مقابل تطبيعي عربي من جهة أخرى. وقالت بعض الصحف الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو تصر على أن مطلب تجميد الاستيطان لا يمكن تحقيقه من دون استئناف المسار السوري وبدء عمليات التطبيع العربية. وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي، فإن «بوسع واشنطن مطالبتنا بتجميد الاستيطان، لكن فقط في إطار تحقيق تقدم في السلام الإقليمي».

وكانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت إلى أن باراك سلم ميتشل في اللقاءات الأخيرة معه معطيات حول 700 مبنى في المستوطنات بدأت أعمال البناء فيها ولا يمكن وقفها. وهناك من يشدد على أن مباني باراك هذه تشمل نحو 2500 وحدة سكن بدأ بناؤها. ويسعى وزير الدفاع الإسرائيلي إلى نيل موافقة أميركية على استكمال البناء في هذه المباني. وثمة من يقول ان تقدما ما قد حدث لتسوية المسألة.

وكان ميتشل قد غير جدول أعماله، حيث قام بزيارة مفاجئة إلى العاصمة المصرية للقاء الرئيس حسني مبارك بناء على طلبه. وليس من المعلوم سبب تغيير المواعيد، لكن ميتشل سيعود اليوم إلى تل أبيب لاستكمال مباحثاته مع المسؤولين الإسرائيليين.

وبعد لقاء ميتشل مع باراك أعلن المبعوث الأميركي ان الخلافات حول البناء في القدس والمستوطنات هو خلاف بين أصدقاء وليس «شجارا بين خصوم». وأشار إلى أنه بحث في اللقاء قضايا السلام الشامل بين إسرائيل والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والتطبيع مع كل دول المنطقة. من جانبه، اعتبر باراك أن مهمة ميتشل مرحب بها و«أننا مستعدون لبذل كل جهد مطلوب لمساعدته عبر المحافظة على مصالحنا الحيوية. ونحن نفهم حاجات شركائنا كما لا ريب في أننا بحاجة إلى خبرة وحكمة ميتشل في محاولة تحقيق ذلك». وبحسب مصادر إسرائيلية فإن ميتشل تعهد بإحياء المسار السوري في أقرب وقت ممكن.

وشدد ميتشل على أنه من أجل تحقيق رؤية الرئيس أوباما «طلبنا من كل الأطراف الضالعة اتخاذ خطوات. وقد شاركت في لقاءات مع عدد من القادة العرب طلبنا منهم فيها اتخاذ خطوات جوهرية للتطبيع. وأنا أنوي الذهاب إلى رام الله للقاء القيادة الفلسطينية. وسأطلب منهم تعزيز الخطوات لتحسين الأمن وتجنب التصريحات أو الأفعال التي تعرقل نجاح المفاوضات». وامتدح ميتشل ما أسماها بخطوات إسرائيلية لتحسن تنقل الناس في الضفة الغربية. وشدد على أن «التزام أميركا بأمن إسرائيل غير قابل للاهتزاز أو التغيير».

وتحاول مصادر إسرائيلية إظهار زيارة كل من وزير الدفاع الأميركي غيتس ومستشار الأمن القومي جونز على أنها إشارات واضحة لإيران. وتقول هذه المصادر ان الزيارات هذه معدة للإيحاء لإيران بأن نافذة فرص الحوار الأميركي معها توشك على الإغلاق.