خبر الجولان ليس ذخرا استراتيجيا- هآرتس

الساعة 08:49 ص|19 يوليو 2009

بقلم: اوري بار يوسف

بروفيسور في قسم العلاقات الدولية في جامعة حيفا

 (المضمون: الجولان ليس ثروة استراتيجية كما يدعي معارضو اتفاق السلام مع سوريا لانه لا يفيدها بشيء من الناحية العسكرية - المصدر).

خلال المقابلة الشاملة التي اجريت مع الـ د. عوزي اراد تحت عنوان "الدكتور" في صحيفة هآرتس 10/7 قرر مستشار الامن القومي بصورة قاطعة واضحة انه لا نزول عن هضبة الجولان حتى لو كان الثمن سلاما مع سورية "لاسباب استراتيجية وعسكرية واستيطانية. الاحتياجات المائية، والمشاهد الخلابة والنبيذ". من الصعب خوض جدال حول الرائحة والطعم ومع ذلك يحدونا الامل ان يبني مستشار رئيس الوزراء للقضايا الاستراتيجية الـ د. اراد وجهة نظره المقدمة لرئيس الوزراء ليس على اساس افضلياته الجمالية. في المقابل قوله بعدم وجوب النزول عن هضبة الجولان لاعتبارات امنية هو موقف مهني وهو مسألة يجدر مناقشتها والتجادل معها.

الـ د. اراد ليس الخبير الوحيد الذي ينادي بهذا الموقف. احد اسلافه في المنصب اللواء احتياط غيورا ايلند اوضح في اكثر من مرة بان مغزى تسليم هضبة الجولان يعني الاقدام على مخاطرة في مستوى غير منطقي ولذلك لا يتوجب الاقدام على هذه الخطوة. خلافا لاراد الذي اكتفى بموقف حازم من دون توضيحه، أمدنا ايلند بثلة من التفسيرات لهذا الموقف. وفي مركز هذه التفسيرات الاهمية الكامنة في ان المعركة البرية المحتملة بين الجيش الاسرائيلي والجيش السوري ستجري في هضبة الجولان – الامر الذي يمكن اسرائيل من الوصول الى حسم سريع بواسطة تشكيل تهديد بري هام على دمشق.

المختصون الاخرون الذين لا يقل وزن ارائهم المهنية عن اراء الـ د. اراد واللواء احتياط ايلند – رؤساء الوزراء من امثال اسحاق رابين وشمعون بيرس وايهود باراك ورؤساء هيئة اركان وجنرالات غير قلائل مثل المختصين المدنيين – قدروا بأن من الممكن التنازل عن هضبة الجولان في ظل شروط معينة مقابل اتفاق سلام مع سورية. أهم هذه الشروط هو نزع السلاح الكامل من الجيش السوري في المنطقة الواقعة بين دمشق والحدود المشتركة مع اسرائيل على غرار اتفاق السلام مع مصر حيث نزع سلاح شبه جزيرة سيناء. كما هو معروف، وافق السوريون على هذا الطرح كجزء من شروط اتفاق السلام.

وبما أن سوريا غير جاهزة للتسوية مع اسرائيل وفقا لخط الحدود الذي اقترحه الـ د. اراد في المقابلة معه (ضمنيا خط الحدود الذي يمر بين جبل الحرمون في الشمال والحمة في الجنوب)، البدائل المطروحة امام اسرائيل هما اثنتان: الاستمرار في الوضع القائم او التوصل لاتفاق تعيد اسرائيل في اطاره هضبة الجولان مقابل نزع سلاح المنطقة الواقعة بين دمشق ونهر الاردن. من هنا يجدر تحليل هذين البديلين ليس على اساس النوايا لان النوايا ما هي الا معتقدات سياسية للشخص المقيم اكثر من كونها اعتبارات امنية مهنية، وانما يجب ان يتم التحليل على اساس القدرات. اي في اي واحدة من البديلين المطروحين تكون اسرائيل اكثر عرضة للضربات وفي اي بديل من الاثنين قد تدفع ثمنا اعلى خلال المواجهة العسكرية مع سورية. في ظل الوضع الحالي كل التجمعات الاستيطانية في هضبة الجولان وعدد غير قليل من التجمعات في الجليل وغور الاردن واقعة على مدى المدفعية السورية التي تمتلك اليوم 3500 مدفع. بكلمات اخرى بكل لحظة يمكن للجيش السوري ان يطلق قذائف كثيفة يعتبر قصف حزب الله خلال حرب لبنان الثانية هامشيا بالنسبة لها وتؤدي الى الحاق ضرر بالغ واسقاط مئات الضحايا. المعركة البرية ستجري بجانب التجمعات الاسرائيلية في هضبة الجولان وستزيد من احجام الدمار فيها. وقدرة الجيش الاسرائيلي على التقدم نحو دمشق لتشكيل تهديد بري عليها ستصبح محدودة في ظل وجود منظومة دفاعية سورية مكثفة بنيت طوال عشرات السنين. النتيجة النهائية لمجابهة كهذه على ما يبدو ستكون انتصارا اسرائيليا ولكنها ستتضمن ايضا موت المئات ان لم نقل اكثر من ذلك من الضحايا من الجنود والمدنيين.

بديل اتفاق السلام المقترح سينزع سلاح الجيش السوري في المنطقة الواقعة بين دمشق ونهر الاردن في ظل هذا الوضع كل تحرك للمدرعات السورية غربا سيتيح لاسرائيل استغلال تفوقها الكبير في القتال الذي يعتمد على التكنولوجيا وخصوصا القوات الجوية لابادة الاهداف السورية بصورة دقيقة ومن مسافات طويلة. هذه الميزة واستخدامها بصورة ذكية سيتيح ابادة مئات الدبابات السورية المتقدمة نحو اسرائيل على مسافة بعيدة قبل اقترابها من الحدود الاسرائيلية واغلاق محاور الحركة القليلة التي توصل من الشرق الى الغرب. في ظل هذه الظروف سيمنى السوريون بهزيمة فادحة ومن دون خسائر اسرائيلية في ارض المعركة تقريبا على غرار الجيش العراقي الذي هزم في معركتين ضد الجيش الامريكي من دون ان يلحق في صفوفهم اصابات تزيد عن بضعة عشرات.

مثل هذه السيناريوهات تدور حول المعركة البرية التي ستجري ضمن السيناريو الاول ولكن ليس الثاني. هي لا تتطرق بالمرة للدافعية السورية لمهاجمة اسرائيل (التي يعتقد انها ستصبح متدنية بعد ان تستعيد هضبة الجولان قياسا بوضعها اليوم) او قضية اطلاق صواريخ ارض ارض نحو العمق الاسرائيلي من داخل الاراضي السورية (هذه القدرة التي لا تتأثر جوهريا من وجود الجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان).

الادعاء المركزي الذي يطرح هنا هو ان السيناريو الثاني المتمثل باعادة الجولان ونزع السلاح مقابل اتفاق سلام افضل بالنسبة لاسرائيل بسبب الاعتبارات الاستراتيجية والعسكرية وكذلك تجنب سقوط الضحايا. ولذلك خلافا للرأي الشائع الجولان مع الجيش المرابط فوقه ليس ثروة استراتيجية كما يدعون.