حماس تقترب من الموافقة على المقترح القطري–المصري
في ظل أوضاع إنسانية كارثية وغير مسبوقة يعيشها قطاع غزة دخلت الابادة الجماعية شهرها الـ 21 شهراً، تكشف مصادر مطّلعة في الدوحة أن حركة حماس تتّجه خلال الساعات المقبلة إلى إعلان موافقتها رسميًا على المقترح القطري–المصري لوقف إطلاق النار، بعد جولة طويلة ومعقّدة من المفاوضات غير المباشرة والضغوط الدولية والإقليمية.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن ما رجّح كفة القبول هذه المرة هو توسيع دائرة الضمانات الدولية والإقليمية لتشمل إلى جانب مصر وقطر والولايات المتحدة، طرفًا إضافيًا هو تركيا، في إشارة إلى توجّه نحو حشد أكبر عدد ممكن من الضامنين لضمان التزام الأطراف بتعهداتهم ومنع تكرار انهيارات سابقة شهدتها اتفاقات هدنة سابقة.
لم يكن هذا المسار وليد الساعات الأخيرة، بل ثمرة مسار طويل من الضغوط المتداخلة، محليًا ودوليًا. داخليًا، تواجه حماس ضغطًا شعبيًا متصاعدًا نتيجة تردّي الأوضاع المعيشية في القطاع، وسط كارثة إنسانية تتفاقم كل يوم، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية.
إقليميًا، يضغط الوسطاء، وخاصة قطر ومصر، لإنقاذ مسار التهدئة قبل أن ينهار بالكامل ويدخل التصعيد في حلقة دموية مفتوحة بلا سقف زمني. أما دوليًا، فإن الولايات المتحدة تجد نفسها مضطرة لإبداء قدر من الحزم لإجبار دولة الاحتلال على وقف إطلاق النار تحت ضغط الانتقادات الدولية وتصاعد الأصوات داخل الكونغرس ضد استمرار الحرب بلا أفق.
اللافت في المشهد هذه المرة هو دخول تركيا كطرف ضامن، وهو مؤشر مهم على رغبة بعض الأطراف الإقليمية في كسر الاحتكار التقليدي لمصر وقطر وواشنطن في ملف التهدئة. هذا التطور قد يحمل أبعادًا تتجاوز الهدنة الحالية، إذ يطرح أسئلة عن مدى استعداد تركيا للعب دور سياسي أو حتى إنساني أكبر في غزة، سواء في إعادة الإعمار أو في هندسة ترتيبات ما بعد الحرب.
كما أن شبكة الضمانات الموسّعة تعكس قناعة الأطراف بأن أي اتفاق دون ضمانات واضحة وعلنية صار محكومًا بالفشل. تجارب السنوات الماضية، والاهداف الاسرائيلية تجاه القطاع بالسيطرة الامنية او إعادة احتلال القطاع، و أن هشاشة الالتزامات وضعف أدوات الضغط أديا إلى انهيار الهدنة السابقة سريعًا.
أهمية فترة الهدنة (60 يومًا) تعد فترة الهدنة المقترحة — التي تصل إلى 60 يومًا — جوهرية بالنسبة للسكان في قطاع غزة. فهي تمنح مجالًا لالتقاط الأنفاس وسط شحّ المواد الغذائية والدوائية، وتفتح الباب أمام تدفّق مساعدات إنسانية واسعة، وقد تتيح للوكالات الدولية والشركاء الإقليميين فرصة لإصلاح بعض المرافق الحيوية وإعادة ترتيب أوضاع مراكز الإيواء والخيام المهترئة لحفظ كرامة النازحين.
بالإضافة إلى ذلك، ستُستخدم هذه الفترة كنافذة تفاوضية جديدة بين الأطراف، قد تضع على الطاولة ملفات أكبر مثل تبادل الأسرى وترتيبات ما بعد الحرب وربما خطوطًا عامة لإعادة الإعمار وإدارة المعابر.
رغم المؤشرات الإيجابية، تبقى عدة أسئلة مفتوحة: هل سيتحوّل هذا الاتفاق المؤقت إلى بداية لمسار سياسي أوسع؟ أم سيبقى مجرّد وقف إطلاق نار هش يتآكل تحت وقع الخلافات الميدانية؟ وهل يمكن للضمانات الموسّعة أن تصمد أمام أي تغيير مفاجئ في المواقف أو خروقات محتملة على الأرض؟
تبدو هذه الموافقة، إن تأكدت خلال ساعات، علامة على لحظة مفصلية. انتقال من واقع الحرب المفتوحة إلى هدنة حذرة قد تعيد ترتيب الأوراق. كي لا يكون مصيرها كسابقاتها.
يبقى الأهم: أن يجد أهل غزة في هذه الهدنة بارقة أمل حقيقية لوقف الابادة والتجويع والحصار والدمار، ولو مؤقتًا، وسط أفق إقليمي لا يزال غامضًا ومعقدًا.