"هآرتس" تكشف.. كيف تحوّلت المساعدات لغزة إلى استثمار سياسي وشخصي؟

الساعة 05:58 م|25 مايو 2025

فلسطين اليوم

نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الأحد 25 مايو 2025، تحقيقاً حول تحويل قادة الاحتلال لملف للمساعدات الإنسانية إلى استثمار سياسي وشخصي.

نص التحقيق كاملاً:-

أولًا: ما وراء عنوان “اختيار شركة توزيع مساعدات دون علم المؤسسة الأمنية”؟

يبدو أن المسألة لا تتعلق فقط بإدارة لوجستية لمساعدات إنسانية في غزة، بل بكشف نموذج خطير من خصخصة القرار الأمني وتسييس العمل الإنساني، عبر إجراءات سرية تتجاهل المؤسسة الأمنية وتُدار مباشرة من مكتب نتنياهو، بواسطة سكرتيره العسكري اللواء رومان جوفمان، ورجال أعمال مقرّبين.

ثانيًا: المظاهر الجوهرية للأزمة

إقصاء المؤسسة الأمنية (الجيش – الشاباك – وزارة الجيش)

تم تجاوز الجهات الأمنية كافة، بمن فيهم منسق أنشطة الحكومة في المناطق.

الشركة المختارة (SRS) لم تمر بأي تقييم أمني شامل، ولا حتى بتدقيقات الشاباك.

هذا ليس مجرد خلل إداري، بل انقلاب على هيكل القرار الأمني الإسرائيلي.

التعيين دون مناقصة أو شفافية

لا توجد عملية تعاقد رسمي، بل تم اختيار الشركة عبر اتصالات شخصية خلف الأبواب المغلقة، وبتنسيق بين فريق من رجال الأعمال والضباط الاحتياط في “منتدى ميكفيه إسرائيل”.

أسماء وشبكة مصالح

أسماء مثل شلومي فوجل، إيريز وينر، غابي سيبوني، ليران تانكمان، يوتام هاكوهين، تكررت كمحركين في الملف، وجميعهم إما مقربون من نتنياهو أو من شخصيات في اليمين الإسرائيلي.

الشركات المرتبطة مثل Orbis، UG-Solutions، GHF تعمل تحت مظلة إنسانية، لكن بعلاقات تمويل وغموض قانوني واضح.

ثالثًا: قراءة في الأبعاد السياسية

تسييس المساعدات الإنسانية

تم استخدام ملف حيوي متعلق بإطعام المدنيين في غزة كورقة لتعزيز سيطرة رئيس وزراء الكيان على مجرى المساعدات، بعيدًا عن قنوات الرقابة التقليدية.

صناعة “كيان إنساني بديل” عن الأمم المتحدة

تزامن ذلك مع هجوم الحكومة على الأمم المتحدة، والهدف: خلق منظومة موازية بديلة توزع المساعدات ولكن بإشراف إسرائيلي-أميركي مباشر يخدم الأجندة السياسية في مرحلة ما بعد الحرب.

الاستعداد لمرحلة “ما بعد الصفقة

التعاقد تم قبل توقع وقف إطلاق النار، بهدف وضع اليد على البنية التحتية المدنية في غزة مستقبلاً.

إصرار مكتب رئيس وزراء على تولي الملف يعني استباق أي تسوية سياسية، وتحويل مشروع المساعدات إلى أداة نفوذ إقليمي وأمني.

رابعًا: شبهات الفساد وتضارب المصالح

تمويل غامض

أرقام ضخمة: تقديرات تصل إلى 200 مليون دولار لكل ستة أشهر.

عدم وضوح مصادر التمويل، وعدم وجود شفافية محاسبية، يفتح الباب أمام شبهات غسل أموال أو استغلال أموال دولية لأهداف سياسية أو شخصية.

تهميش شركات مؤهلة وتفضيل المقرّبين

شركة موتي كاهانا – ذات الخبرة الميدانية في سوريا والعراق – تم استبعادها دون مبرر.

اختيار SRS جاء رغم افتقارها للخبرة اللوجستية والتقنية، وهو ما يُشير إلى أن المعيار الأهم كان القرب من مكتب نتنياهو، وليس المهنية.

خامسًا: التداعيات الاستراتيجية

انعدام الثقة بين المؤسسة الأمنية ومكتب نتنياهو

تحقيقات الجيش تُظهر أن القرار لم يُشارك به الشاباك أو وزارة الجيش، ما يعكس شرخًا مؤسساتيًا خطيرًا.

إضعاف الرقابة الأمنية على عناصر أجنبية

دخول مرتزقة أو عناصر أمن خاصة دون تدقيق أمني كامل يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن العمليات في القطاع.

تشويه صورة “إسرائيل” الدولية

حين تُستخدم المساعدات كأداة سياسية عبر قنوات مبهمة وغير خاضعة للرقابة، يتقوّض ادعاء “إسرائيل” بأنها تسعى لحماية المدنيين، ويُغذي السردية الدولية حول إدارة انتهازية للأزمة.

سادسًا: خلاصة وتقدير موقف

تحقيق “هآرتس” لا يُظهر فقط فشلًا إداريًا، بل يكشف منظومة موازية تُدار من مكتب رئيس الوزراء بالكيان، تتجاوز المؤسسة الأمنية وتتحكم بملف إنساني في غاية الحساسية، بهدف ترسيخ النفوذ السياسي والاقتصادي بعد الحرب.

في المشهد الأوسع، يشير هذا النموذج إلى تحول مكتب نتنياهو من مركز قرار سياسي إلى مركز تحكّم أمني وتجاري، يتعامل مع غزة كفرصة هيمنة لا كأزمة إنسانية.

كلمات دلالية