خبر استقبال دافئ في غزة لحاخامات « ناطوري كارتا »

الساعة 06:52 م|16 يوليو 2009

استقبال دافئ في غزة لحاخامات "ناطوري كارتا"

فلسطين اليوم : إسلام أون لاين – علا عطا الله

بـزيهم المشـهور وبلباسـهم الأسـود والضفائـر واللحى الطـويلة والقبعات الساكنة رؤوسهم صـافح أربعة حاخامات يـهود معبـر رفح الحدودي وببطءٍ مدروس أخذوا يحثـون الخطى للوصـول إلى البوابة الفلسطـينية.

 

الحاخامات اليـهود الذين جاءوا بصحبـة قافلة "شريان الحياة" الثانية إلى قطاع غزة مساء الأربعاء وفي مقدمتها منظم القافلة النائب البريطاني جورج جالاوي وعشرات المتضامنين العرب والأجانب بدت عيـونهم وكأنها في انتظار خـوفٍ وقلق قـادم.

 

ثيابـهم لفتت أنظـار الجميـع إليـهم وشدوا انتباه مستقبلي القـافلة ومـع استمرار تبادل النظرات الفاحصـة استكان الأربعة حاخامات في ركنٍ بعيد عن الوجوه المألوفـة وابتعدوا عن حديثٍ صـامت يذكرهم بيهوديتهم.

 

وفجـأة ومـع ازدياد التوجس في عيونهم وحـركاتهم تقدم الداعيـة الإسـلامي المعروف والقيادي في حركة حماس الدكتور يونس الأسطـل نحو الحاخامات اليـهود للترحيب بحرارة بـهم.

ومـع استقبال الأسطـل للحاخامات انزاحت حواجز التردد لديهم وبدءوا في توزيع الابتسامات على من حـولهم وبحماس شـديد حملـوا لافتة كبيـرة كتبـوا عليها: "بدعم من الجاليات اليهودية المعادية للصهيونية العالمية"، وفي ركن صغير أسفل اللافتـة كُتب اسم "حركة ناطوري كارتا" (المناهضة لإسرائيل والصهيـونية).

 

ورفع الحاخامات الذين توشحوا بالكوفية العـلم الفلسطيني وأخذوا يُرددون الهتافات المنددة بالسياسات الإسرائيلية، وبصحبة مترجم مسـلم جاء بصحبتهم انتقل الحاخامات للسيـر في شـوارع غـزة المُحـاصرة.

 

ومـع كـل خطـوة كان يسيـرها الحاخامات اليـهود كانت إمارات التعجب والقـلق تنزاح جانبا، ولم يكن هؤلاء الحاخامات يتوقعون وعي صغار غـزة وكبارها وقدرتهم الفائقـة على التمييز بيـن "يهودي وصهيوني".

 

وبادر أهالي غـزة إلى مصافحة الحاخامات وتحيتهم فيما وقف كثيـر من الشبان للحديث معهم ومطالبتهم بتحركٍ أكثر فاعلية ضد إسرائيل وجرائمها.

 

وفي أولى لقاءاتهم الميدانية التقى الحاخامات برئيس الحكومة الفلسطينية بغـزة "إسماعيل هنية" الذي أكـد أن قافلة شريان الحياة تحمل هذه المرة دلالة خاصة لمشاركة الحاخامات يهود".

 

وقال هنيـة: إن الشعب الفلسطيني ليس ضد اليهود كونهم يهودا، لكنه ضد الاحتلال "المنطلق من رؤية صهيونية ترفض الحقوق والثوابت الفلسطينية".

 

"لسنا صهاينة"

 

وتـوجه الحاخامات الأربـعة بعد لقائهم بهنيـة إلى مستشفى الشفاء والتقـوا بجرحى العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، معربين عن ألـمهم لما خلّفته الحرب على أجساد الأبرياء.

 

أباري دوفيـد أحد الحاخامات الأربـعة والذي علق على صدره لافتة: "أنا يهودي ولست صهيونيا"، قال لـ"إسلام أون لاين.نت" إنه جاء إلى غـزة لكي يُظهر مدى دعمه وتفاعله مع القضية الفلسطينية بشكلٍ عام ووقوفه مع أهالي القطـاع المحاصرين والخارجين للتو من أوجاع حرب بشعة على وجه الخصوص.

 

وبنبراتٍ سـاخطة أعرب دوفيد عن كرهه لإسرائيل واستدرك: "نحن يهـود ولسنا صهاينة، نكره إسرائيل فهي ليس لها حق في فلسطين إطلاقا.. ونحب الفلسطينيين وندافع عنهم وعن حقهم المسلوب".

 

وأكـد الحاخام اليهودي أن مجيئهم لغـزة يعطي دلالة واضحـة على أن الصـراع في فلسطين ليس دينيا، وأضاف: "أجدادي من ستة أجيال عاشوا في فلسطين بسلام (مسلمين ومسيحيين ويهـود).. اليهود ليس لهم علاقة لما يحدث الآن.. إسرائيل حركة سياسية تقتل الناس ومن يحاصر غـزة ليسـوا يهودا.. من يحاصرها ويقتلها الصهاينة".

 

بابا.. يهـود!!

 

وبـعد تنقـلهم في أقسـام مستشفى الشـفاء وزيارتهم مؤسسات حقوقية زار الحاخامات بصحبة وفد قافلة شريان الحيـاة شمال القطـاع للاطلاع على حجم الدمار الذي خلفته دبابات وطائرات الاحتلال في الحرب الأخيـرة والتي أسفرت عن استشهاد نحو 1420 فلسطينيا، وجرح أكثر من 5450 وتدمير أكثر من 16 ألف منزل.

 

وعـلى أنقاض البيوت المهدمة أخذ الحاخامات يلتقـطون صورا لمآسي العدوان أمام دهشـة المواطنين واستغرابهم.

 

طفـلٌ في السـابعة من عمـره أخذ ينادي بقـوة: "بابا.. يهـود.. يهـود"، وما إن سمـع والده الصيحات حتى ترك ما في يده وخـرج ليشـاهد ما لفت أنظار صغيره.. دقائق وكـان الأب بصحبة ابنه مقتربا من الحاخامات اليـهود شارحا لـه سـر حضورهم بلغة بسيطـة.