في ظل الحديث الإسرائيلي المتزايد عن نية جيش الاحتلال الإسرائيلي توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة بدأت التساؤلات تطرح حول شكل هذه العملية وتوقيتها بالتزامن مع المفاوضات الدائرة في القاهرة حول وقف إطلاق النار.
ويبدو أن هذه المرة وبعد مصادقة وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان إيال زامير، على "توسيع القتال" في غزة، بقي موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأمر الذي ينذر بأن تهديدات الاحتلال جدية هذه المرة كما يرى العديد من المختصين.
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، اعتبر "أن الأمور تتجه لتوسيع القتال في قطاع غزة في ظل ما ذكره الإعلام العبري من نية عقد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو غداً اجتماع لبحث هذا الموضوع".
وقال منصور في تصريحات لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "التلويح الإسرائيلي بعملية عسكرية ليس في "الهواء" وإنما تلويح جدي؛ لأن هناك أوامر تجند لجنود الاحتياط في الجيش صدرت".
العملية الأخيرة
وتوقع أنه في حال حصلت عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة فإنها ستكون الأخيرة، معتقداً أن العملية العسكرية في الأغلب ستكون بعد انتهاء زيارة ترامب للمنطقة أي بعد 15-17 مايو".
وأوضح منصور "أن "إسرائيل" تراهن على عامل الوقت في نفاذ الطعام والوقود و"نفاذ الذخيرة"، معتقداً أن جيش الاحتلال يرى بأن الضغط الحالي يضعف الأدوات التي تمتلكها المقاومة من خلال تكثيف الضغط عليها وعلى سكان غزة".
وأضاف المختص: "أجزم أن الاحتلال يتجه لتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، مبيناً أنه لن تضغط الولايات المتحدة لوقف الحرب على غزة إلا وفق الشروط التي تريدها هي و"إسرائيل" وعلى رأسها السلاح والحكم والأسرى الإسرائيليين".
تقديم تنازلات
ومن جانبه رأى الكاتب في الشأن الإسرائيلي، أحمد عبد الرحمن، "نتيجة الانغلاق في أفق الحلّ السياسي بغزة، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الترويج لفرضيّة توسيع "جيش" الاحتلال لعمليته العسكرية في قطاع غزة، مبيناً أن هذا الخيار قد يُحدث تغييراً جوهرياً وحاسماً في موقف المقاومة، وإلى دفعها لتقديم "تنازلات" وزانة وفارقة".
وأضاف عبد الرحمن في مقال له تابعة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "على أرض الواقع تملك "إسرائيل" كلّ الأدوات التي تمكّنها من الذهاب بعيداً في عمليتها العسكرية في القطاع المُنهك والمُحاصر، خصوصاً في ظلّ ما تحظى به من دعم أميركي مفتوح، سمح لها كما يشير تطوّر العملية العسكرية على الأرض، وحجم الإمكانيات المستخدمة فيها ولا سيّما فيما يخصّ سلاح الدبابات والمدفعية، إضافة إلى سلاح الجو، في استعادة ترسانتها العسكرية التي استُنزفت سابقاً".
سيناريوهات "توسيع القتال"
وتوقّع عدّة سيناريوهات لتوسيع العملية البرية، معتمداً على معطيات ميدانية، مبيناً أنّ "جيش" الاحتلال سيقوم بتوسيع عمليته العسكرية في أكثر من اتجاه، وسيحاول فرض مزيد من الضغط على المدنيين الفلسطينيين، على أمل إرغام المقاومة على التراجع، وعلى القبول مُكرهة تحت هذا الضغط بما رفضته سابقاً".
واعتقد عبد الرحمن أنه "في المقدّمة تأتي مدينة غزة بما تمثّله من ثِقل في المشهد الفلسطيني، إذ وعلى الرغم من حجم الدمار الذي لحق بها، إلا أنها ما زالت تُعتبر أهم مدن القطاع، بما تملكه من إمكانيات، وبما تحتويه من مؤسسات، ولا سيّما بعد عودة النازحين إليها بعد اتفاق التهدئة السابق، مبيناً أنه يمكن أن يلجأ الاحتلال إلى فصلها مجدّداً عن جاراتها الشمالية والجنوبية من خلال محور "نتساريم".
كما رأى أن هناك استعدادات "إسرائيلية" لإنشاء محور مفلاسيم، وهو المحور الذي يفصل المدينة عن محافظة الشمال، وقد سبق لـ "جيش" الاحتلال وأن بدأ في إقامة بعض البنى التحتية له أثناء عمليته الواسعة في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، حيث لم تُستكمل تلك الإنشاءات في حينها بعد الوصول إلى اتفاق التهدئة.
وتوقع أن قد يلجأ الاحتلال للسيطرة على كلّ المناطق الشرقية من مدينة خانيونس، وهي مناطق واسعة وكبيرة، ويسكنها عشرات آلاف المواطنين، وتوجد فيها أيضاً مساحات زراعية شاسعة وتمتاز بخصوبتها العالية، مع القيام بتنفيذ خطة إخلاء قسري لكلّ السكّان الموجودين في تلك المناطق، ودفعهم تحت القصف والقتل كما جرت العادة إلى المناطق الغربية من المدينة، والتي لا تكاد تتّسع للموجودين فيها من سكّانها الأصليين، أو من النازحين إليها من المناطق الأخرى.
واعتقد عبد الرحمن أن وسط القطاع، لن يكون هو الآخر بمأمن من توسيع العمليات القتالية لـ "جيش" الاحتلال، ولا سيّما مدينة دير البلح، والتي تُعتبر المدينة الوحيدة التي لم يدخلها "الجيش" الإسرائيلي، وما زالت تحافظ على نسبة كبيرة من مناطقها العمرانية، وبناها التحتية ولا سيّما تلك الواقعة غرب شارع صلاح الدين".