خبر معاناة الشباب في الحصول على العمل يدفعهم للهجرة

الساعة 01:30 م|11 يوليو 2009

فلسطين اليوم: رام الله: خاص

في العام 2007 تخرج الشاب "نشأت حمد" من كلية الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية، ومنذ ذلك الحين و هو يبحث عن فرصة عمل مناسبة لمؤهله و للخبرات التي اكتسبها على مدار عامين من التدريب و العمل المتقطع هنا وهناك. ولكن عبثا، يقول:" أتابع يوميا كافة الصحف والإعلانات و أتقدم لكل وظيفة مناسبة لدراستي بلا نتيجة".

هذا الحال جعل نشأت يتوجه للعمل في ورشات البناء في إسرائيل، إلا انه مؤخرا اعتقل بسبب عدم حصوله على تصريح للعمل و تم احتجازه شهرين و تغريمه غرامة مالية باهظة.

نشأت الان وبعد الإفراج عنه يفكر بالسفر، إلى أي مكان كما يقول، المهم أن يسافر بحثا على فرصة عمل، وبالفعل بدأ بتقديم أوراقه بمساعدة أصدقاء له في الإمارات العربية وقطر وحتى انه تقدم بطلب هجرة للسويد بمساعدة احد أصدقائه والذي سبقه بالسفر إلى هناك.

بحثا عن ظروف أفضل

حال نشأت كما معظم الشباب الفلسطيني الذي يفكر بالهجرة إلى الخارج بحثا عن ظروف أفضل لحياته و تطلعاته المستقبلية، وان كان نشأت حاول إيجاد بدائل أخرى، ويؤكد انه لو وجد فرصة عمل مناسبة لما فكر بالسفر،  إلا أن غيره ينظر إلى السفر إلى الخارج كهدف رئيسي وواحد له بعد تخرجه.

ولا تنحصر دوافع الشباب بالهجرة على البحث عن عمل و إن كان هو السبب الرئيس كما يقول شاهر سعد رئيس نقابات العمال في فلسطين، حيث بين أن تضاؤل فرص العمل لفئة الشباب الخريجين أدى إلى هجرة 42 ألف شاب من خريجي الجامعات في الضفة الغربية بين الفترة من 1 أيار 2008 وحتى بداية نيسان 2009.

و عن الأسباب الأخرى يقول استطلاع للرأي والذي بين أن 91% من الشباب تنظر إلى الهجرة خارج فلسطين بإيجابية، أن 33% من الشباب يفكرون في الهجرة للبحث عن فرص عمل، في حين يفكر 29% في الهجرة نتيجة الأوضاع الاجتماعية والحريات، أما 22% فيرغبون بالهجرة لإكمال التعليم.

و بيّن الاستطلاع الذي أجرته شركة الشرق للاستشارات، وشمل عينة مكونة من 1000 شاب فلسطيني حول موضوع "نظرتهم إلى الهجرة من فلسطين" أن الأمور التي قد تثني الشباب عن الهجرة، أن 34% سيعدلون عن الفكرة إذا أتيحت لهم فرص عمل مناسبة في فلسطين، و25% سيتخلون عن الهجرة إذا زال الاحتلال الإسرائيلي، ونسبة مماثلة سترفض الهجرة إذا تحسنت الديمقراطية والحريات.

وقال جميل رباح مدير شركة الشرق للاستشارات أن 36% من الشباب يفكرون جدياً في الهجرة، منوها إلى أن نسبة التفكير بالهجرة ترتفع بين الذكور لتصل إلى 43%، وتنخفض بين الإناث إلى 31%، كما ترتفع النسبة بين الشباب في قطاع غزة إلى 42%، مقارنة مع 34% في الضفة.

ظاهرة مقلقة

محرم البرغوثي، الباحث المختص في شؤون الشباب يشير إلى أن الاهتمام بموضوع الهجرة بدأ يتزايد منذ سنتين حين كثفت الصحف الحديث عن هذا الأمر، خاصة عندما كشف النقاب في ذلك الوقت عن أن حجم الطلبات المقدمة للهجرة وصلت نحو 40 ألف طلب.

وأوضح البرغوثي أن هذه الظاهرة مقلقة في الأراضي الفلسطينية كونها مرسومة في ذهن الشاب الفلسطيني منذ النكبة عندما أقدمت سلطات الاحتلال على تنفيذ التهجير القسري عام 1948، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعتبر من الأسباب الرئيسية في هجرة الشباب.

من جهتها أوضحت ممثلة وزارة الشباب والرياضة فدوى أبو لبن أن خطورة الهجرة تظهر من خلال عدد الطلبات التي قدمت العام الماضي من محافظة بيت لحم مثلا، و التي بلغت 5000 طلب للخروج من فلسطين.

و أشادت أبو لبن بدور الشباب في بناء مجتمعاتهم 'كونهم الفئة الأكثر حيوية ونشاطا و الأكثر تعليما خاصة أنهم ما زالوا يواجهون سياسة الاحتلال الرامية إلى دفعهم خارج الوطن عبر التحدي والمثابرة والبناء والوعي والانتماء'.

وقالت أبو لبن إنه على المجتمع الفلسطيني بدءا من الأسرة وانتهاء بالحكومة وضع سياسات واستراتيجيات تحصن الشباب أمام هذه السياسية الاحتلالية، من خلال تعزيز عنصر الأمان والتنمية وخلق فرص العمل لهم، واستيعاب الخريجين الجامعيين.

وفي هذا الإطار لفتت أبو لبن إلى ضرورة عمل الجامعات الفلسطينية في إعادة النظر في طبيعة التخصصات التي تطرحها للشباب، منوهة إلى وجود بعض التخصصات التي باتت غير مطلوبة في سوق العمل فيما يفتقر هذا السوق إلى تخصصات أخرى حسب قولها.

البحث عن حياة أفضل

وفي السياق ذاته أكد مسؤول تقرير التنمية البشرية في الـUNDP سفيان مشعشع، أن ظاهرة هجرة الشباب أكبر من المؤسسات الشبابية التي تلعب دورا صعباً  في مواجهة الهجرة، ولكن لا يوجد دور حقيقي للمؤسسات الأهلية بالتعامل مع الهجرة.

وأدرج مشعشع ثلاثة أسباب تدفع إلى الهجرة أولها الاقتصادي الذي يزداد مقابل الدور المحدود للمؤسسات الشبابية ، مؤكداً أن المشكلة تكمن في السوق الاستيعابية وقدرتها على استيعاب الشباب، خاصة وان المؤسسات الشبابية غير قادرة على لعب دور كبير في خلق فرص العمل لهم.

أما الأسباب الأخرى للتفكير بالهجرة فقال مشعشع إنها تكمن في الحريات أي 'البحث عن حياة أفضل' والأمان، معتبراً أنه لا يوجد أحد باستطاعته وضع حلول بشكل أكاديمي، الأمر الذي يفرض على المسؤولين التعامل مع هذه المواضيع بشكل مركز خاصة أن هناك مساحة أكبر من غيرها في التعامل معها.