تحليل ترامب يضع عينه على "غزة" ويُحول المنطقة لكتلة من اللهب

الساعة 10:21 ص|11 فبراير 2025

فلسطين اليوم

أيام قلائل كانت كافية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليُحول المنطقة بأكملها لكتلة من اللهب، كان قطاع غزة هو الشعلة التي قادها في تصريحاته التي كانت بمثابة قنبلة موقوتة.

ترامب الذي أشعل المنطقة، وفتح أبواب الجحيم بتصريحات نارية بدأها في اجتماعه مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، وعرض فيها خطة لتهجير سكان قطاع غزة، الأمر الذي شجع قادة الاحتلال على وضع خطط لتهجير السكان، وأثر على سير المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار .

كم لوح ترامب بقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا لم يقبلا استقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة.

لم تنته التصريحات إلى هنا، فهدد اليوم بـ"فتح أبواب الجحيم" إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة، وسيدعو إلى إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار "إذا لم تتم إعادة جميع الرهائن من غزة بحلول الساعة 12 ظهراً يوم السبت القادم".

فيما أعلن ترامب، أنه سيتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن اعتبار السبت موعداً نهائياً للإفراج عن الأسرى.

وكان الناطق العسكري باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة، أعلن تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين الذين كان من المقرر الإفراج عنهم السبت القادم، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، وعدم التزام الاحتلال ببنود الاتفاق .

ومن بين هذه البنود، تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، وعدم إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها بحسب ما اتفق عليه، وتأخير سفر المرضى والجرحى، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات.

الكاتب والمحلل السياسي، أحمد عبد الرحمن رأى أن مجرّد إطلاق مثل هذا التصريح من رئيس أقوى دولة في العالم يُعتبر تطوّراً خطيراً للغاية، ويمكن له أن يُشعل فتيل صراع دموي وغير مسبوق لن تقتصر تداعياته على قطاع غزة فقط، بل إنه من الممكن أن يمتدّ ليشمل كلّ المنطقة بما فيها ساحات كانت في معظم الأحيان باردة وهادئة.

وقال عبد الرحمن :" في الولايات المتحدة كما في الكثير من دول العالم يُنظر إلى الرئيس ترامب بأنه مختلّ عقلياً، ومريض نفسياً، وهذا الأمر يراه البعض كافياً لصدور مثل هكذا تصريح، إلى جانب التصريحات الأخرى التي صدرت عنه خلال الأسابيع الأخيرة."

ولفت إلى أنه في ولايته الأولى في العام 2016 قام 27 خبيراً وطبيباً نفسياً بتحليل شخصية الرئيس الأميركي، وقد اجمعوا حينها على أنه يعاني من مشكلات عصبية ونفسية متعددة، كان من بينها الانهيار العصبي، والنرجسية المفرطة، والانقياد التامّ لآراء مستشاريه المقرّبين، وغير ذلك من المشكلات.

ووفقاً لعبد الرحمن، فمن أكثر التصريحات التي أثارت جدلاً واستنكاراً ورفضاً عالمياً وإقليمياً التصريح المتعلّق بفرض وصاية طويلة الأمد على قطاع غزة، إلى جانب إبداء الرغبة الواضحة والصريحة في تهجير سكّانه الذين يزيد عددهم عن المليونين وربع المليون نسمة، يعيشون في مساحة جغرافية صغيرة للغاية لا تكاد تتجاوز الـ 362 كلم2، بحجة إعادة إعماره بعد ما أصابه من دمار وخراب هائلين نتيجة العدوان الصهيوني الواسع الذي استمرّ طيلة خمسة عشر شهراً.

وتابع: هذا التصريح عدّه البعض من المحلّلين والمتابعين تساوقاً مع مطالب رئيس وزراء العدو المأزوم بنيامين نتنياهو، والذي لم يخفِ رغبته هو الآخر منذ بداية العدوان على القطاع في تهجير السكّان بشكل قسري، بل وحاول هو و"جيشه" القيام بذلك بكلّ ما أوتوا من قوة، واستخدموا في سبيل ذلك كلّ ما في جعبتهم من وسائل عسكرية مدمّرة، أدّت إلى سقوط عشرات آلاف الشهداء من المدنيين الفلسطينيين، وإلى إصابة عشرات الآلاف الآخرين، وإلى دمار هائل في البنى التحتية بمختلف أنواعها.

البعض الآخر نظر إلى تصريح ترامب بأنه مجرّد شطحة من شطحاته المعتادة، وأنه مجرّد هرطقات لا تمتّ للواقع بصلة، وأنه من شبه المستحيل أن يتحوّل في يوم من الأيام إلى واقع حقيقي، إذ إنه يحتاج إلى تدخّل عسكري مباشر من الولايات المتحدة، وهو أمر في حال حدوثه سيشكّل انقلاباً على سردية ترامب المعروفة، والتي تدعو إلى وقف النزاعات العالمية، وإلى سحب فتيل التوتّر من الكثير من المناطق حول العالم، على غرار ما يجري في أوكرانيا، أو الصراع في منطقة الشرق الأوسط، والذي يأتي في المقدّمة منه ما حدث في قطاع غزة، وما ارتبط به من مواجهات عسكرية في ساحات أخرى في الإقليم.

ويعتقد عبد الرحمن، أن كلّ ما يجري هو عبارة عن عملية منظّمة ومدروسة تهدف في الأساس للحفاظ على المصالح الأميركية، والتي يأتي في المقدّمة منها الحفاظ على أمن "الدولة" العبرية في المنطقة والعالم، والتي يُنظر إليها أميركياً بأنها رأس حربة متقدّمة في مواجهة دول وشعوب المنطقة، وخصوصاً تلك التي ترفض الوصاية الأميركية والإسرائيلية، وتسعى إلى العيش بحرية وكرامة كما كلّ شعوب العالم.

ورأى أنه بغض النظر عمّا إذا كان هذا التوجّه "الترامبي" سيتحوّل إلى حقيقة واقعة أم لا، فإنّ شعبنا الفلسطيني بكلّ أطيافه، وتوجّهاته، سيرفضه بكلّ قوة، ولن يسمح له بالمرور مهما كلّف ذلك من ثمن، فهذه الأرض التي عُمّدت بدماء وأشلاء عشرات آلاف الشهداء خلال تاريخها الطويل، والتي تسيّجها تضحيات هائلة ما زالت تُقدّم على مذبح الحرية والاستقلال حتى الآن.

وشدد على أن هذه الأرض لن تكون في يوم من الأيام الأرض البور التي تنعق فوقها غربان شذّاذ الآفاق من المتطرّفين والمجرمين، وإنها ستنهض رغم حجم الدمار الهائل من جديد، لتعيد بناء ما دمّره الاحتلال، ولتثبت مرة أخرى للعدو والصديق أنّ بإمكان الكفّ الفلسطيني أن ينتصر على مخرز بني إسرائيل، وأنّ الدم بإمكانه أن يهزم السيف، حتى لو كان السيف عبارة عن رئيس أميركي أحمق ومتطرّف أو دولة عميقة تديرها مجموعة من اللصوص والمجرمين.