نشرت صحيفة "الغارديان" تقريراً تحدثت فيه عن أفراد عائلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذين لديهم مصالح وعلاقات تجارية، وبعضهم لديه مناصب في الحكومة وأخرى لها دوراً سياسياً.
إليكم النص كاملاً-:
لم يكن اقتراح دونالد ترامب الصادم للاستيلاء على قطاع غزّة وتحويله إلى "ريفييرا للشرق الأوسط"، سوى صدى لطرح صهره جاريد كوشنر، المتزوّج من ابنته الكبرى إيفانكا، والذي عمل مستشاراً له في فترة رئاسته الأولى. وكان كوشنر قد تصدّر عناوين الصحف حين أشاد بالإمكانات والقيمة "الهائلة التي تتمتّع الواجهة البحرية للقطاع"، في كلمة ألقاها خلال حدث في جامعة هارفارد في العام الماضي، وأشار إلى وجوب "نقل السكّان لتنظيف المكان".
وبصفته مالكاً لشركة أسهم خاصّة تعمل في جذب الاستثمارات في المشاريع العقارية، سيكون لكوشنر مصلحة واضحة في فكرة الاستيلاء على عقارات غزّة التي تبناها وأعلن عنها ترامب هذا الأسبوع. كلّ هذا يثير إمكانية نشوء صراعات مصالح متضاربة للأسرة في إدارته.
وهذا مجرّد مثل واحد من العديد من صراعات المصالح التي تربط كوشنر وأفراد عائلة ترامب، والتي أصبحت أكثر وضوحاً الآن في إدارته الثانية مقارنة بإدارته الأولى.
ويعود هذا إلى حدّ كبير إلى عادة الرئيس في تعيين أفراد عائلته والأقارب، في مناصب حكومية بمسؤوليّات تتداخل مع مصالحهم وأعمالهم التجارية. وممّا يزيد تفاقم الوضع أكثر، أنّ العلاقات التي نشأت خلال فترة رئاسة ترامب الأولى قد أفرزت علاقات عمل تولّد احتمالية تضارب مصالح وصراعات مع بدء ولايته الثانية.
من هم أقارب ترامب الذين يعرّضون الإدارة لتضارب المصالح؟
جاريد كوشنر
حين كان كوشنر مستشاراً للبيت الأبيض في ولاية ترامب الأولى لشؤون في الشرق الأوسط، أقام علاقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والزعيم الفعلي للمملكة. وهذا وحده يمهّد الطريق لتضارب مصالح محتملة تتجاوز أيّ مشاريع تطوير عقاري مفترضة في قطاع غزّة. وقد أثمرت هذه العلاقة بين صهر الرئيس والزعيم الفعلي للمملكة بن سلمان، حيث أسّس كوشنر شركة استثمارية خاصّة (أفينيتي بارتنرز) في عام 2021، سعياً لجمع 7 مليارات دولار. وبفضل تدخّل ولي العهد، تمكّن من جمع 2 مليار دولار من صندوق الاستثمار العامّ السعودي، على الرغم من أنّ اللجنة التي تديره أوصت في البداية برفض عرضه، مشيرة إلى "قلّة خبرة" الشركة ورسومها المفرطة.
وفي العام الماضي، وردّت أنباء تفيد بأنّ الشركة قد حصلت على ما يصل إلى 157 مليون دولار من السعودية ومستثمرين آخرين من دون تحقيق أيّ أرباح، ممّا أثار شكوكاً وردت في تقرير صادر عن اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، حين كان يسيطر عليه "الديمقراطيون"، عن أنّ شركة كوشنر قد تكون عملية شراء نفوذ أجنبي أنشئت للتحضير لعودة والد زوجته إلى البيت الأبيض.
وقبل أيام من تنصيب ترامب لرئاسته الثانية، أبرمت شركة كوشنر صفقة شراكة مع شركة الرئيس، لبناء برج ترامب الذي يضمّ فندقاً فاخراً ومجمّعاً سكنيّاً في العاصمة الصربية بلغراد، في موقع وزارة الدفاع اليوغوسلافية السابقة، والتي تضرّرت بقنابل قصف حلف "الناتو" في عام 1999.
ورغم أنّ كوشنر ليس له دور رسمي في إدارة ترامب الثانية، فإنّ نجاحه في جمع الأموال من المملكة العربية السعودية، وكذلك قطر والإمارات العربية المتّحدة، دفع جيمي راسكين ورون وايدن، وهما من كبار "الديمقراطيين" في الكونغرس، إلى مطالبة المدّعي العامّ ميريك غارلاند في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، ميريك غارلاند، بفتح تحقيق في "جهود كوشنر المستمرّة الواضحة لبيع النفوذ السياسي لأعلى مزايد أجنبي".
تشارلز كوشنر
رُشّح والد صهر ترامب تشارلز كوشنر، لمنصب سفير الولايات المتّحدة في فرنسا، على الرغم من أنّ لا خبرة دبلوماسية سابقة له. وقد منحه ترامب عفواً قرب نهاية رئاسته الأولى بعد إدانته في عام 2005 بتهمة التبرّع غير القانوني للحملات الانتخابية والتهرّب الضريبي والتلاعب بالشهود.
وقد ينشأ صراع محتمل بسبب تورّط كوشنر، وهو مطوّر عقاري ثري، في جلب فرع لمتحف مركز بومبيدو الفرنسي المملوك للدولة إلى جيرسي سيتي. وقد اعتبر المشروع من بنات أفكار كوشنر، الذي ورد أنّه اقترح الفكرة على عمدة المدينة، في أن يوضع المركز بجوار مجمّع سكني ضخم كان قد بناه سابقاً. وهناك اعتقاد أنّ المشروع سيفرض على دافعي الضرائب في جيرسي سيتي 6 ملايين دولار سنويّا مقابل حقوق العلّامة التجارية لمركز بومبيدو والمعارض والأعمال الفنية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
مسعد بولس
عيّن الدكتور مسعد بولس، والد زوج ابنة ترامب الصغرى تيفاني، مستشاراً أوّل للرئيس للشؤون العربية والشرق الأوسط. وهو وُلد في لبنان، وانتقل إلى تكساس عندما كان مراهقاً، وشارك في حملة ترامب الرئاسية في التواصل مع الناخبين العرب الأميركيين.
ولقد اكتسب بولس شهرة باعتباره فاحش الثراء، وهو يتباهى علناً بأنّه يرأس شركة قيمتها بالمليارات. وقد أضاف ترامب إلى هذه الشهرة من خلال الثناء عليه باعتباره "صانع صفقات" وهو اللقب الذي يحتفظ به ترامب لنفسه في كثير من الأحيان، ويقول عن بولس إنّه "قائد في عالم الأعمال يحظى بالاحترام، ويتمتّع بخبرة واسعة في الساحة الدولية".
ولكنّ هذه الادعاءات نُقضت مؤخّراً من خلال تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" بحث في وثائق الشركة، ولم يظهر أيّ دليل على أنّ بولس لديه أي ثروة كبيرة ناتجة عن أعماله. وبدلاً من ذلك، أشارت السجِلّات إلى أنّه أمضى العقدين الماضيين في بيع الشاحنات والآلات الثقيلة لشركة مقرّها نيجيريا وهو رئيسها التنفيذي، والتي يسيطر عليها والد زوجته، وكلّ ما حقّقته الشركة من أرباح لم تتجاوز مبلغ 66000 دولار في العام الماضي، حصّة بولس منها فقط 1.53 دولار.
إريك وبارون ترامب
الابن الأكبر للرئيس دونالد ترامب جونيور مؤخّراً انخرط في شركة "1789 كابيتل" الاستثمارية في قطاعات مختلفة، ومن المتوقّع أن تشهد أعمالها دفعة هائلة نتيجة لارتباطها بالعائلة الأولى.
يؤدّي الابن الثاني والأصغر لترامب بارون دوراً في "وورد ليبرتي فايننشال" وهي منصّة للعملات المشفّرة روّج لها شقيقه إريك في مؤتمر في الإمارات العربية المتّحدة. ومن بين مستثمريها جاستن صن، الذي اتّهمته لجنة وأسواق الأوراق المالية في عام 2023 بالاحتيال وانتهاكات أخرى للقوانين. قال صن إنّّ خطوات سوف تتّخذ لتجنّب تضارب المصالح.
لارا ترامب
كانت لارا، زوجة ابن ترامب، إريك، حتّى وقت قريب رئيسة اللجنة الوطنية في "الحزب الجمهوري"، حيث لم يفت المنتقدون أيّ وقت للإشارة إلى أنّ دورها السياسي السابق مدين كثيراً لارتباطاتها العائلية. وقد أصبح هذا محرجاً على نحو خاص الأسبوع الماضي عندما ظهرت لارا ترامب في برنامج لورا إنغراهام على قناة "فوكس نيوز" لدعم تعليقات والد زوجها المثيرة للجدل حول حادث تحطّم طائرة مميت على مشارف واشنطن العاصمة، والذي ألقى باللوم فيه، من دون دليل، على سياسات التوظيف للتنوّع والمساواة والإدماج بين مراقبي الحركة الجوّية. واُتّهم ترامب بالنفاق وقالت لإنغراهام: "لا ينبغي لنا أبداً توظيف أيّ شخص لأيّ وظيفة بخلاف الشخص الأفضل لها". ثمّ أعلنت قناة "فوكس نيوز" بعد أيّام أنّ لارا ترامب ستستضيف برنامجاً في نهاية الأسبوع ينطلق في وقت لاحق من الشهر الجاري.