تواصل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، تنفيذ حملتها ضد المقاومين والمطلوبين للاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، أدت إلى استشهاد قائدين من كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، وإصابة آخرين، وسط أسئلة طرحتها وسائل إعلام أمريكية، عن علاقة عملية "السلطة" باليوم التالي للحرب على قطاع غزة.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، سلطات الضوء على العملية "الأمنية" التي تنفذها أجهزة السلطة في جنين، مؤكدة أن لها علاقة بالحصول على دور في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي المدمر منذ أكثر من 14 شهراً.
وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفيون ميريام بيرغر وهايدي ليفين وسفيان طه، إن "السلطة الفلسطينية والمقاومين يخوضون معركة مفتوحة نادرة"، موضحة أنه "خلال الأسبوعين الماضيين كان المقاومون في جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة مع عدو داخلي". على حد تعبير الصحيفة.
تسعى لحكم غزة
وذكرت الصحيفة، أن السلطة أطلقت أكبر عملية مسلحة لها منذ ثلاثة عقود، لإحباط المقاومة المتنامية في الضفة الغربية، مشددة على أنها "تحاول إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة من الضفة التي تسيطر عليها، في حين تسعى إلى حكم قطاع غزة بعد الحرب".
ولفتت إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة إلى غزة، مضيفة أن "شخصيات رئيسية في ائتلافه اليميني المتطرف دفعت إلى ضم جزء أو كل الأراضي الفلسطينية، لكن في الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، وافقت (إسرائيل) على السماح للسلطة بتولي إدارة معبر رفح لفترة قصيرة".
وتحدث صبري صيدم مستشار رئيس السلطة محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح لصحيفة "واشنطن بوست"، قائلا: "لا نريد أن نرى قطرة دم واحدة تُراق. ما نود تحقيقه هو حالة من الهدوء، والجلوس مع الفصائل المختلفة والاتفاق على الطريق إلى الأمام". على حد قوله.
بينما قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن رئيس السلطة الفلسطينية قرر المضي وعدم التراجع في جنين.
وبحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور أسبوعين على "الحملة الأمنية"، لا يزال المقاومون يتجولون بحرية في مخيم جنين. وتدوي أصوات إطلاق النار ليلا ونهارا. وقد أوقفت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الدراسة في المدارس. وأغلقت الشركات أبوابها.
غضب متصاعد
وسمع مراسلو صحيفة "واشنطن بوست" ما بدا وكأنه إطلاق نار قادم من سطح المستشفى. وقال إن الرصاص أصاب مدخل الطوارئ واخترقت نافذة أحد المكاتب، وأن المرضى والموظفين خائفون للغاية من القدوم إلى المستشفى.
ولفتت الصحيفة إلى أن الغضب ارتفع تجاه قوات الأمن في الضفة الغربية، مبينة أن أجهزة السلطة، التي تحاصرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعمل في مساحة متقلصة باستمرار، وبموجب الاتفاقيات الأمنية، ولا يجوز لها التدخل لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين أو الغارات العسكرية القاتلة.
ويرى العديد من الفلسطينيين أن "هذه الأجهزة هي عبارة عن مقاولين من الباطن لإسرائيل وأداة عباس للفساد وقمع المعارضة الداخلية".
وذكرت "واشنطن بوست" أن أجهزة السلطة هي من بين الخيوط الأخيرة التي تربط اتفاقات أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن العشرين لإنشاء دولة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس المحتلة. وفي العقود التي تلت ذلك، وسعت "إسرائيل" سيطرتها على الضفة الغربية ورسختها، ما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة.