خبر الوظيفة الجديدة لفياض- دايتون: تصفية المقاومة الإسلامية وحتى فتح .. يوسف شلي

الساعة 10:44 ص|07 يوليو 2009

بقلم: يوسف شلي

"قوة بدر"... هذا الاسم عاد مجدداً ليظهر في وسائل الإعلام المختلفة، خاصة الفلسطينية منها، وفي المواقع الإلكترونية والمنتديات، حيث يُراد لهذه القوة أن تقوم بمهمة قذرة خاصة في الأراضي الفلسطينية، لتنفيذ الأجندة الصهيو-أمريكية لمحاربة فصائل المقاومة الفلسطينية.

لكن، وحسب بعض التقارير والأخبار الإعلامية (التي لم يتم نفيها)، لم يكن الهدف المرجو تحقيقه محصوراً فقط في قمع فصائل المقاومة الفلسطينية الأساسية، وتحديدا حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ولكن أيضاً من أجل اجتثاث العناصر الفتحاوية المناضلة العاملة في داخل دواليب السلطة الفلسطينية، الأمنية منها والمدنية على حد سواء.

حركتا حماس وفتح، ومنذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في 27 كانون الثاني/يناير 2006، باتا يتصارعان فيما بينهما على سلطة شكلية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي. وبدا واضحاً من خلال ما يحدث في (الضفة الغربية)، أن السجال السياسي والأمني الفلسطيني، دخل في نفق مظلم وفي أخطر مراحله التاريخية، منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، حيث إن لغة الرصاص، أو كسر العظام حسب تعبير أحد المحللين الفلسطينيين، هي المسيطرة على الموقف العام، داخلياً وخارجياً، سيما بعدما وصل الحوار الحمساوي - الفتحاوي إلى طريق مسدود.

ومنذ إعادة تعيينه رئيساً للوزراء في الحكومة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية، بعد أدائه اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني - المنتهية ولايته - محمود عباس في 19 آيار/ مايو 2009، يبدو أن سلام فياض وبالتنسيق مع الجنرال الأمريكي كيث دايتون (*)، الذي عينته الإدارة الأمريكية السابقة في هذا المنصب الهام، واحتفظت به الإدارة الجديدة، وهو المنسق الأمنى الأمريكي للشئون الإسرائيلية الفلسطينية في تل أبيب - إسرائيل، المقيم في القدس، يخططان لشيء ما قبل أن يصل الطرفين الفلسطينيين المتصارعين، حماس وفتح إلى اتفاق ما في القاهرة خلال المهلة المعلنة في 7 تموز/يوليو 2009، والتي قد تمتد إلى أبعد من ذلك.

ومنذ وصول فياض إلى رئاسة الحكومة، فإن هذا الأخير يسير وفق التعليمات والمبادئ التوجيهية التي وضعها دايتون، مع احترام الشروط الإسرائيلية التي لا تزال لها اليد العليا على الحقوق الفلسطينية المشروعة.

ووفقاً للكاتب والمفكر الفلسطيني البارز، منير شفيق في مقال له نشره في يومية قطرية منذ أيام قليلة، فإن هدف السلطة الفلسطينية ليس قمع فصائل المقاومة الفلسطينية الرئيسية، حماس والجهاد الإسلامي، ولكن أيضاً القضاء على الشخصيات الفتحاوية المناضلة التي لم تسقط من أجندتها "البندقية" كخيار من جملة خيارات النضال الفلسطيني المشروعة.

هكذا، وحسبه، تمكن دايتون من تدريب وتسليح قوة شبه عسكرية محسوبة على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تضم 900 عنصر، أطلق عليها اسم (قوة بدر)، وذلك بهدف استبدال مختلف قوات الأمن الفلسطينية، في ظل حركة فتح التي أسسها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بعد أن شاركت بقوة في الانتفاضة الثانية ضد العدو الإسرائيلي، وهو ما أثار غضب واستياء القيادة الإسرائيلية، فتم اتخاذ هذا القرار بوضعها على الجانب وتحييدها في اتخاذ المبادرات التي تخدم مصالح الشعب الفلسطيني، ومن ثم تقييدها بجملة من القرارات البيروقراطية ورفع اليد عنها وتركها من دون حماية أو سند شرعي وقانوني.

وتعتبر هذه الخطة تطوراً خطراً على صعيد الدعم الصهيوني المقدم للتيار "الانقلابي" داخل حركة فتح، بالنظر إلى أنه سيؤدي إلى إعادة التوتر في قطاع غزة بعد فترة الهدوء التي تمتع بها في ظل سيطرة حركة حماس عليها، رغم الحرب الهمجية الإسرائيلية التي طالت كل شيء.

وللعلم، فإن مخطط كيث دايتون أفضى إلى إحالة 7000 فتحاوي إلى التقاعد، وإلى توظيف عناصر جديدة أخرى، مشبعة بالتعاليم الأيديولوجية الجديدة المعادية للمقاومة، تتمثل مهمتها الأساسية في أداء الوظائف القذرة التي كان يقوم بها جنود الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية: تصفية خلايا المقاومة التابعة لحماس والجهاد الإسلامي وفتح. وهي المهام التي قامت بها فعلاً هذه القوات الأمنية الجديدة خلال سنة ونصف منذ إنشائها، دون أن تجنب أو تستثني في خطتها، المسلحين أو المناضلين في الجمعيات الخيرية أو التعليمية أو في المرافق الصحية أو الدعاة والعلماء.

وخلال استشهاده بأقوال دايتون، أثناء خطابه الذي ألقاه في معهد واشنطن في آيار/مايو 2009، والذي قال فيه على الخصوص إن "أداء قوات بدر أذهل الإسرائيليين"، استنتج الكاتب والمفكر الفلسطيني منير شفيق، أنه بفضل هذه القوات الفلسطينية، استطاعت القوات الإسرائيلية المتمركزة في الضفة الغربية من الانتقال إلى غزة بسهولة، وإشعال الحرب القذرة على أهالي غزة العزل في ديسمبر 2008 كانون الثاني/يناير 2009.

ووقف أيضاً، على الخطاب الأخير لفياض الذي ألقاه في جامعة القدس في بلدة أبو ديس، في 21 حزيران/يونيو الماضي، أين أشار فيه إلى ضرورة "إنشاء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة في غضون السنتين المقبلتين، وعدم انتظار التسويات أو ما ستمنحه لنا إسرائيل...".

ولذلك من المتوقع، حدوث عملية مماثلة لتلك التي تم تحقيقها مع قوات الأمن الفلسطينية: الدفع بالموظفين المنتمين إلى حركة فتح إلى ترك مناصبهم وإخلائها بطريقة سلسة، لتحل محلها عناصر موالية لفياض والثنائي الأمريكي دايتون - ميتشيل.

ولكن، أكثر ما يقلق المفكر الفلسطيني في خطاب فياض، الكلمات الثلاثة "السحرية" التي مرت دون أن يلحظها أحد: "إننا نلتقي في القدس". مع العلم أنه كان يتحدث إلى نظيره الإسرائيلي في أبو ديس، وهي مدينة تقع في نطاق حدود الأراضي المقدسة في مدينة القدس المحتلة وليس القدس، وأن الإسرائيليين كانوا دائماً يصرون على فرض هذه المدينة على الفلسطينيين واعتبارها عاصمة لهم، وليس القدس الشريف.

إذاً، رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، يحاول أن يمرر فكرة التخلي عن مدينة القدس، كعاصمة للدولة الفلسطينية القادمة، وهي الفكرة التي رفضها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بشدة في كامب ديفيد في عام 2000.

ويفترض في هذه الحالة، أنه لا يمكن تسويق هذه الأفكار التي تعترض مع أبسط الحقوق الفلسطينية في الدولة المنشودة، التي ناضل وضحى من أجلها مئات الألآف من الفلسطينيين منذ أكثر من ستة عقود، من دون ضوء أخضر من الرئيس محمود عباس الذي عينه في هذا المنصب.

وفي حقيقة الأمر، فإن هذا الأخير، يمرر في خطاباته العامة إلى الفلسطينيين عكس مواقفه من القضية الفلسطينية. إنها سياسة تبادل الأدوار بينهما أو توزيعها وفق ما هو مخطط أمريكياًً ومراقباً إسرائيلياً: أحدهم يفرض وقائع في الميدان، والآخر يسلي الشعب الفلسطيني.

وهكذا تحول هدف جيش التحرير الفلسطيني (الأصلي، الذي تفرع إلى فروع عديدة عسكرية وأمنية فيما بعد، والذي رسمه له المرحوم أحمد الشقيري ليكون الطليعة في تحرير فلسطين، إلى جيش أو قوات عسكرية وأمنية ليحمي مستوطنات إسرائيل وأمنها من الشعب الفلسطيني.