"لا يتوفر حليب الأطفال في غزة"، هذه الجملة لا تعنى أنه مجرد نقص في سلعة، بل هي جرس إنذار ينبّه بكارثة إنسانية تُلقي بظلالها على الأطفال حديثي الولادة، ليتحول نقص الحليب إلى مأساة حقيقية، تُذكّر العالم بأن الأطفال الرضع يدفعون ثمن حرب الإبادة الجماعية التي لا ترحم بشرًا أو حجرًا.
فعلى مدار ثلاثة أشهر مضت، يشهد قطاع غزة أزمة خانقة تتجسد في مشهد مروّع، رفوف خاوية من عبوات الحليب، والأمهات تتسابق الدموع في أعينهن بحثًا عن ما يُغذي أطفالهن الرُضّع، أو بديل يقي معدة أطفالهن شبح الجوع، ليترك الصغار يواجهون الخطر ونقص التغذية في أولى مراحل عمرهم.
بدائل خطيرة
تؤكد أحد الأمهات، من مستشفى التحرير بخان يونس، أنها لجأت إلى إطعام مولودها الذي يبلغ من العمر شهرين ونصف، وتطعمه وجبات من الأزر المطحون والبسكويت والسريلاك، "في حال توفر عبر المساعدات".
وتقول: " التعليمات الطبية لا تتيح إطعام الأطفال أي نوع فوق الـ6 أشهر، مبينة أنه لعدم توفر الحليب بدأت بإطعام رضيعها بدائل عن الحليب.
وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة جراء عدم سماح الاحتلال "الإسرائيلي" بإدخال المواد الغذائية والمساعدات بكميات كافية.
سعر خيالي
وعلى سرير آخر، تجلس أحد الأمهات برفقة توأم من البنات، تقول:" أنا والدة لتوأم بنات الكل يعلم طبيعة الأوضاع في غزة، وبناتي يعانين من جرثومة وسوء تغذية".
وتلفت إلى أن "أسعار الحليب في غزة خيالية، ولا نستطيع توفيرها لارتفاع سعرها الذي يصل لـ(100 شيكل)، مشيرة إلى أن الموظف ذاته لن يتمكن من شراءه.
الأزمة تتفاقم
بدوره، أفاد مدير مستشفى التحرير للأطفال والولادة بمجمع ناصر الطبي د. أحمد الفر، بأن الاحتلال "الإسرائيلي" يمنع دخول الحليب المخصص للأطفال منذ 3 أشهر، مشيرًا إلى أن الأزمة الصحية للأطفال تتفاقم جراء ذلك.
وقال الفرا في تصريح صحفي تابعته "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" إن رصيد حليب الأطفال (فورملا 1-2)، وتراكيب حليب الأطفال غير متوفرة في الأسواق أو الصيدليات في قطاع غزة، مؤكدًا أن الأمر خطير جدًا والأطفال بأمس الحاجة له.
خطر على حياة الأطفال
وأضاف أن السيدات لا يستطعن الرضاعة الطبيعية لعدة أسباب منها سوء التغذية، وسرطان الثدي، وحالات تحتاج للحليب بجانب الرضاعة الطبيعية، مشيرًا إلى أن الأمهات يرضعون أطفالهن بدائل مثل النشا والأعشاب المحلاة، ما يشكل خطرًا على حياة الأطفال.
وحذر مدير مستشفى التحرير، من كارثة حقيقية في حال عدم توفير الحليب الخاص بالأطفال في أسرع وقت.
ويشن جيش الاحتلال "الإسرائيلي" حرب إبادة جماعية ومجازر دموية في قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر، أسفرت عن استشهاد وإصابة ما يزيد عن 149 فلسطينيًا، ناهيك عن فقدان نحو 11 آلفا، فضلًا عن تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية والمعيشية لأكثر من 2 مليون مواطن، معظمهم يعيش في خيام النزوح.