يستمر الاحتلال الإسرائيلي بإصدار أوامر الإخلاء للفلسطينيين في مختلف مناطق قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي.
وقد عمد الاحتلال على تفريغ محافظة الشمال من سكانها منذ أن بدأ عملياته العسكرية فيها قبل شهرين تقريبا.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أفادت أواخر يوليو/ تموز الماضي، بأن "تسعة من كل 10 فلسطينيين نزحوا بشكل قسري في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة".
أما المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فاعتبرت أن أوامر الإخلاء التي تصدرها السلطات الإسرائيلية لسكان شمال قطاع غزة تمثل صورة من صور "التهجير القسري" و"التطهير العرقي" وهو ما يرقى إلى "جريمة حرب" حسب القانون الإنساني الدولي، مؤكدة أنها "جمعت أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة حرب".
الغزيون الذين تركوا منازلهم يقاسون ظروفا معيشية لا إنسانية، حيث أن توفير مقومات الحياة الأساسية، بات مهمة شاقة ومكلفة، فالنزوح المتكرر والخيام الهزيلة -التي لا تقي بردا ولا تناسب حرارة الصيف- إضافة إلى ارتفاع الأسعار وعدم توفرها، كلها جعلت البقاء على قيد الحياة مكلفا للغاية.
ويصدر جيش الاحتلال أوامر الإخلاء الجماعي في غزة وينشر خرائط جديدة تطالب المواطنين باتباعها، دون ضمان وجود أماكن آمنة وملائمة للنازحين؛ ما يفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا.
ويعيش حاليا قرابة مليون و700 ألف من سكان غزة في المنطقة التي لا تتجاوز مساحتها 36 كيلومترا أي ما نسبته 10% من إجمالي مساحة القطاع (الباقون يتوزعون في شمال غزة وفي المناطق التي صنفها الاحتلال مناطق قتال)، ولا تشمل هذه المناطق أية خدمات.
المساحة الآمنة الجديدة يقع معظمها في محافظة دير البلح وسط القطاع، وجزء بسيط في منطقة المواصي الإنسانية، وبسبب النزوح تحولت محافظة الوسط إلى بؤرة سكانية لا مثيل لها في العالم ولا في التاريخ.
وأمام هذا الواقع المأساوي، تظل العائلات النازحة تبحث عن مأوى سواء في المدارس المكتظة أو المباني المدمرة أو الخيام المتواضعة على الرمال، مع أن أيا من تلك الأماكن ليس آمنا، ولم يعد لدى الناس مكان يذهبون إليه، بعدما دمر الاحتلال معظم الأبنية والبنى التحتية وقصفت مدارس وحتى الخيام لم تسلم من الاستهداف .. وينتظر قرابة المليوني غزّي أن تثمر المفاوضات عن وقف للعدوان الذي سرق منه كل ما يملك وتركه في خيمة بائسة لا تحميه وعائلته من قصف إسرائيلي مجرم.