"60 يوماً يمكن أن نقول أنه لم تمر فيها ليلة هادئة ولا نهار آمن، ولا نستطيع التحرك خارج أسوار المنزل إلا للنزوح من منزل إلى آخر كلما اقتربت الآليات الإسرائيلية نحونا"، بهذه الكلمات بدأ المواطن، أنس البيك، من شمال غزة حديثه عما عايشه من أحداث مؤلمة خلال الاقتحام والحصار الإسرائيلي لهم في شمال قطاع غزة.
وقصة عائلة البيك التي صمدت في بيت لاهيا شمال غزة، هي واحدة من قصص العائلات التي ورفضت إخلاء منازلها بعد أوامر جيش الاحتلال بالإخلاء في بداية العملية العسكرية يوم 6 أكتوبر الماضي، وقررت الصمود في البلدة التي تسكنها منذ نحو 40 عاماً.
صمود رغم القصف
وقال البيك في تصريحات صحفية: "قرار الصمود كان بمثابة التحدي للاحتلال ومخططاته، لذا قرر معاقبتنا على ذلك مكثفا القصف وعمليات التوغل البري كما استخدم ضدنا كل أنواع الأسلحة الفتاكة".
وأضاف الشاب: "هناك آلاف الصامدين داخل بلدات وأحياء شمال غزة لا يمتلكون أدنى مقومات الحياة ويفقدون أرواحهم في سبيل توفير الماء والطعام، لكنهم يصرون على البقاء حتى آخر نفس".
ولفت البيك إلى أن "الاحتلال نفسه لم يكن يتوقع صمودنا 60 يوماً داخل منازلنا؛ مستدركاً "الفلسطيني بطبعه عنيد ويمكن أن يضحى لأجل أرضه بكل ما يملك حتى بنفسه".
واستنكر البيك "الصمت الدولي والعربي تجاه الإبادة التي تجري بمحافظة الشمال دون أن يحركوا ساكنا حتى اليوم".
نجاة من الموت
وتابع الشاب "نجوت وعائلتي المكونة من 12 فرداً من الموت عدة مرات بعد قصف الجيش الإسرائيلي منازل بقربنا أكثر من مرة، ورغم ذلك لم نقرر النزوح إلى الآن".
وأردف النشار قائلاً: "الحالة في الشمال صعبة للغاية ويمكن أن يموت الشخص برصاص المسيرات الإسرائيلية وقنابلها إذا فكر بالتحرك لتوفير الماء والطعام".
وقال: "إضافة إلى نقص الطعام والماء نعاني من نقص الخدمة الطبية، وإذا مرض شخص يموت على فراشه دون وجود أي علاج ينقذ روحه".
تشتيت للعائلات
وخلال الحصار والإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال بحق أهالي محافظة شمال قطاع غزة، فرّق الاحتلال بين عائلات شمال قطاع غزة، حيث بقي بعضهم عالقاً في الحصار في الشمال، بينما غادر البعض الآخر لمدينة غزة.
الشاب، محمد الكحلوت، المتواجد بشمال غزة يقول: "ذلك الأمر يزيد القلب لوعة ويعمق المأساة، فلم أكن أتخيل أبداً في حياتي أن أعيش بعيداً عن زوجتي وابني ووالدي ووالدتي شهرين متواصلين".
وأضاف الكحلوت: "نعيش متنقلين من مكان لآخر، وفي الليل لا ننام خوفاً من التقدم المفاجئ للآليات الإسرائيلية صوبنا".
وتابع الشاب قائلاً: "العائلات هناك تعاني من نقص كل شيء ومن لم يمت قصفاً سيموت عطشاً وجوعاً ما لم يتم فك الحصار وإدخال المساعدات للناس".
وأردف: تفرقت آلاف العائلات عن أبنائها بسبب العملية العسكرية، ما يجعلهم يعيشون في حالة قلق على مصير بعضهم، خاصة مع انعدام طرق الاتصال ووسائله التي دمرها الاحتلال في بداية العملية".
وفي 6 من أكتوبر الماضي، اجتاحت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مجددا شمال قطاع غزة، بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة". وفق قولها.
3700 شهيد ومفقود
وبحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي: "فخلال 60 يوما من ممارسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، فقد استُشهد وفقد أكثر من 3700 فلسطيني فضلاً عن إصابة حوالي 10 آلاف آخرين واعتقال 1750".
وقال المكتب الحكومي في بيانه: "على مدار 60 يوماً يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا برياً وجوياً وبحرياً وبشكل مُركَّب ومكثف على محافظة شمال قطاع غزة".
وأضاف: "الاحتلال منع عمل طواقم الدفاع المدني في المحافظة، إضافة إلى تدميره للقطاعات الحيوية وعلى رأسها القطاع الصحي والمستشفيات، وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي والبنية التحتية وشبكات الطرق والشوارع، ما فاقم من الأزمة الإنسانية بالمحافظة".
وفي ذات الإطار، واصلت عالة الشاب فتحي النشار، في مخيم جباليا شمال القطاع صمودها في بيتها رافضةً تركه رغم قصف الاحتلال.
وبحسب الشاب النشار: "فقد نزحت العائلة خلال العملية الحالية أكثر من 15 مرة داخل منازل ومراكز إيواء في أحياء المحافظة، هربا من الآليات العسكرية الإسرائيلية".
وأضاف النشار: "أهون علينا النزوح 100 مرة في المنطقة التي ولدنا وعشنا فيها، على أن نغادر ونعيش الحسرة في أماكن أخرى حتى لو كانت داخل قطاع غزة".
جدير ذكره أنه تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، براً وبحراً وجواً، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 44,502 مواطن، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 105,454 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
المصدر: الأناضول